اخبار الإمارات

ما هي آلية الرد على اختبارات بيونغيانغ النووية؟


يرى الكاتب والمحلل الأمريكي دانيال سنايدر أن احتفال رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون بالعام الجديد، باستعراض قوي للقوة كان هدفه بصورة واضحة لفت نظر الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، واليابان.

وفي اجتماع حزب العمال الكوري في نهاية العام تعهد كيم بـ” زيادة مضاعفة” لإنتاج الأسلحة النووية، إلى جانب تطوير “نظام صاروخي باليستي آخر جديد عابر للقارات”.

ونشرت وسائل الإعلام الكورية الرسمية صوراً لكيم وابنته وهما يتجولان أمام صفوف من الصواريخ متوسطة المدى والناقلات المتحركة، وهي أسلحة يمكن أن تصيب قواعد في اليابان والولايات المتحدة هناك وفي غوام، وتم اختتام العام باختبار نظام إطلاق صاروخ متعدد جديد ذي قدرات نووية، يهدف إلى تنفيذ هجمات نووية تكتيكية ضد كوريا الجنوبية.

ويقول سنايدر، المحاضر في الدراسات الشرق آسيوية والسياسة الدولية بجامعة ستانفورد، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، إن “تصعيد كوريا الشمالية المتزايد لاختبارات الصواريخ والاستعدادات لاختبار سابع وشيك لرأس حربية نووية، قد أثار انزعاج حكومات المنطقة والولايات المتحدة، ويصور بعض المراقبين عمليات الإطلاق هذه على أنها مسرح سياسي، وتصرفات تنم إما عن تحد غاضب أو صرخة يائسة للفت الأنظار ودعوة للتفاوض”.

وأوضح سنايدر أن الاختبارات والتصريحات الصادرة عن كيم ونظامه لا تمثل اختلافاً عن التصرفات السابقة، وهي استمرار لجهود كوريا الشمالية الراسخة منذ وقت طويل لامتلاك قدرة الأسلحة النووية التي يمكن أن تواجه أي هجوم أمريكي، وأن تتغلب على أنظمة الدفاع الصاروخي الحالية، وأن تصل إلى الأهداف الرئيسية في كوريا الجنوبية، واليابان، وغرب المحيط الهادىء، وربما الولايات المتحدة القارية.

ومن المؤكد أن البرامج الصاروخية والنووية مرجعها شعور كوريا الشمالية بالضعف وامكانية التعرض للخطر، ولكنها أيضاً دليل على هدف مازالت تتمسك به بقوة، وهو إعادة توحيد شبه الجزيرة الكورية تحت قيادة كوريا الشمالية، ويهدف الوضع الحربي الحالي في جانب منه إلى دق أسافين بين الشعب الكوري الجنوبي والولايات المتحدة؛ الحليف الأمني لبلاده.

وعموماً، أصبح هذا الهدف في السنوات الأخيرة أمراً يمكن تحقيقه بدرجة أكبر في عقول النظام الكوري الشمالي، فقد شهد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، وعدم توفيقها في العراق وسوريا، واقترابها بشكل محير من الانسحاب من كوريا الجنوبية في عهد إدارة ترامب.

وغيرت إدارة بايدن الاتجاه، وأعادت الالتزام بأهمية التحالفات الأمنية مع كوريا الجنوبية، واليابان، وعزز ذلك عودة القيادة المحافظة في سيؤول، ولكن كيم وكبار مسؤوليه يرون أن من المحتمل ان يكون هذا أمراً مؤقتاً، وينبغي أن تكون دعوات المسؤولين الأمريكيين السابقين، وغيرهم من الخبراء للقبول رسمياً بوضع بيونغ يانغ كدولة مسلحة نووياً، وهو هدف رئيسي لدبلوماسيتها، أمراً مشجعاً لكوريا الشمالية، وأدت الحرب في أوكرانيا إلى وقوف الصين وروسيا إلى جانب كوريا الشمالية بصورة أكثر قوة من أي وقت آخر خلال العقود الثلاثة الماضية.

وفي ظل هذه الظروف، سوف تسفر أي مفاوضات مع كوريا الشمالية في أفضل الأحوال، عن تجميد مؤقت لاختباراتها، ومن المؤكد أن يأتي ذلك فقط في أعقاب استكمال الاختبارات التي تحقق أهداف النظام الحالية للتطوير الصاروخي والنووي.

وأضاف سنايدر أنه يتعين على واشنطن أن تكون مستعدة دائماً لتقديم التبادل المألوف لنزع السلاح النووي الذي يمكن التحقق منه في خطوات مرئية، وإن كانت تدريجية، للتوصل لاعتراف دبلوماسي كامل، ومعاهدة سلام لانهاء الحرب الكورية، ومشاركة اقتصادية على نطاق واسع. ولكن كل المفاوضات التي جرت لتحقيق هذا الهدف أخفقت لنفس السبب وهو أنها ببساطة ليست في صالح كوريا الشمالية.

ومن ثم، فإن هذا يُبقي على حل واحد قابل للتطبيق، ومن الواضح أن إدارة بايدن تتبعه بدعم من كوريا الجنوبية واليابان: وهو استراتيجية ردع واحتواء، اعتماداً على دروس الحرب الباردة، ويقول سنايدر إن “إجراء كوريا الشمالية لاختبار نووي سابع، مصحوباً بمزيد من النجاحات في تكنولوجيا الصواريخ، يتطلب دعماً كبيراً وتصعيدياً لاستراتيجية الردع. وليس من المرجح تكثيف أي احتواء، يشمل بشكل عام كل أشكال العقوبات والضغط الاقتصادي، في ظل قرار الصين وروسيا بالإنهاء الفعال لمشاركاتهما في إجراءات العقوبات الراسخة وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي”.

وأضاف “من ثم، يتعين علينا الاعتماد على الردع. وفي كثير من النواحي يعتبر هيكل الردع الخاص بنا في المنطقة غير كاف. وفي الواقع، يتعين إقناع عدونا بأن الاستخدام المحتمل لقدرته النووية لمهاجمة الولايات المتحدة أو حلفائها في أي أزمة أو في وقت الحرب، أو حتى القيام باستفزازات حركية لا ترقى إلى الحرب، سوف يعرض وجوده للخطر. وعلى أية حال، من الواضح أن كيم وجنرالاته توصلوا لتلك النتيجة”.

وهناك عدة طرق يمكن أن يكون فيها الردع أكثر إقناعاً لنظام بيونغ يانغ، وحتى يزيد بدرجة كبيرة من تكلفة مواصلته تطوير النظام الصاروخي والنووي. وتشمل كل هذه الطرق إحكام واضح للتعاون الأمني الثلاثي بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، من شأنه أن يحظى بالاهتمام السريع، ليس فقط من جانب بيونغ يانغ، لكن أيضاً من جانب داعميها في بكين وموسكو.

وأول هذه الطرق نشر أصول استراتيجية أمريكية في المنطقة لاظهار الاستعداد للقيام بهجمات انتقامية رداً على أي استخدام للأسلحة النووية من جانب كوريا الشمالية، وثانيها هو التحرك بأسلوب جاد نحو تشكيل قيادة دفاع جوي وصاروخي ثلاثية، تضم هيكل الولايات المتحدة واليابان والتنسيق الدفاعي الصاروخي بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تحت القيادة المشتركة للقوات. وقد بدأ بالفعل إجراء التدريبات لهذا الغرض.

والطريق الثالث، وهو الأكثر طموحاً حتى الآن، هو تشكيل قيادات مشتركة، مثل الناتو، تضم القوات النووية، حتى وفق ترتيب للمشاركة. وهذه خطوة قد تكون أبعد من الإجماع السياسي الحالي في اليابان وكوريا الجنوبية. ويوفر إحياء الحوارات التشاورية الماخبار السعوديةة بشأن الردع بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، إطاراً للتحرك نحو صيغة متعددة الأطراف، أي حوار للتخطيط النووي على غرار ما يفعله الناتو، يمكن أن يحدد المهام المعينة التي يمكن أن يقوم بها كل حليف لمساعدة الولايات المتحدة وقت الأزمات. وينبغي أن يرافق ذلك اجتماعات منتظمة لمجموعة ثلاثية موسعة للتنسيق بشأن الردع على مستوى كبار المسؤولين.

وأضاف سنايدر أن هذه الخطوات من شأنها أن تخلق المصداقية لضمان الردع الأمريكي الموسع، وغير المتوفر حالياً، وسوف تكون بياناً قوياً لكوريا الشمالية- وحلفائها- بالنسبة لعواقب التهديدات النووية، وستوضح هذه الخطوات أن المجتمع الدولي لن يقبل مطلقاً كوريا الشمالية كدولة مسلحة نووياً.

واختتم سنايدر تحليله بالقول إنه على المدى الطويل سوف يكون استثمار عائلة كيم الواسع النطاق من أجل الحصول على القدرة النووية والصاروخية خسارة شاملة تقريباً. ويتعين أن يدرك النظام أنه لا يستطيع استخدام الأسلحة النووية دون جلب الكارثة لنفسه، وأنه لا يمكنه استخدامها كابتزاز فعال. وقال سنايدر: “بالإصرار وبعض الحظ، يجب أن نكون قادرين على ردع كوريا الشمالية حتى يتغير الوضع للأفضل”.