اخبار المغرب

معاهدة “تفركانت” للصلح في إقليم أزيلال.. العُرف يجمع قبائل “آيت عباس”

بإقليم أزيلال، تحديدا بقرية “إمسونا”، جددت قبائل آيت عباس، يوم الإثنين المنصرم، معاهدة الصلح المسماة بـ”تفركانت”، وهي اتفاق قديم جمع أفراد قبائل بالمنطقة كانت تشهد صراعات قديمة.

تأتي معاهدة “تفركانت” لتجسيد قيم الأخوة والتضامن بين قبائل آيت عباس، كما تمنع مناطق “إبعزيز” و”تيرارين” و”أنبدزكين” و”إمسونا” من الدخول في خلافات أو صراعات طيلة فترة سريان الاتفاق.

لا تنحصر المعاهدة على القبائل الصغيرة، بل تجمع الأخيرة بمنطقة “سكاط”، وهي الأخرى تضم قبائل متعددة، كما تقضي نصوص “تفركانت” بـ”تجنب الدعاوى القضائية بين أطراف الاتفاقية، على أن تتم معالجة كل الخلافات بالحوار والتفاوض، وعلى يد شيخ الحلف (أمغار نترفكانت)”.

أمام ذلك، تشكل هاته المعاهدة استمرارا لـ”ظاهرة العرف القبلي” بالمملكة؛ فعلى الرغم من سيادة السلطة القضائية، إلا أن قبائل آيت عباس “تجسيد واضح لتجدد حياة العرف القبلي بالمغرب”.

قصد وضع مقاربة قانونية للمعاهدة، يرى عبد العزيز خليل، باحث قانوني، أن “الحديث عن نظام قضائي عرفي في المغرب الحالي غير ممكن بتاتا، ويعارض القانون”.

وقال خليل لهسبريس إن “المغرب الحالي يعرف نظاما قضائيا وحيدا، يحكم جميع الأقاليم المغربية، كما أن السلطة القضائية هي التي تبت في الأفعال التي تخالف القانون”.

وبحسب المتحدث، فإن “السلطات إذا علمت بوجود فعل جرمي، تنتصب فيه النيابة العامة مدافعة عن الحق العام، لتمارس مبادرة تحريك الدعوى العمومية أمام الجهات المعنية، أي الدرك الملكي بالمجال القروي عند الحديث عن قبائل آيت عباس”.

“تصبح القبيلة مقترفة للفعل الإجرامي عند تسترها عن الجريمة، وقيامها بشكل غير قانوني بمحاكمة الأفراد، وحتى لو كانت معاهدة تفركانت ضاربة في القدم، فإن الدستور لم يعط سلطة لأي جهة أخرى لتبت في الأفعال الإجرامية غير السلطة القضائية بمختلف درجاتها وصولا إلى محكمة النقض”، بحسبه.

وأشار الباحث القانوني إلى أن “استمرار هاته الظاهرة بشكل علني يظهر أن السلطات تواجه الأمر بمقاربة سيكولوجية، إذ ربما تعلم أن هنالك غيابا للوعي لدى أفراد هاته القبائل بمدى سيادة القانون”، مؤكدا أن مواجهة الأمر يمكن أن تتم على مستويات متعددة، كالتوعية من قبل المجتمع المدني.

وينبه المتحدث إلى أنه “في حالة وجود عرف لتدبير شؤون القبيلة لا يعارض القانون ولا يأخذ من اختصاصاته، فهو بكل تأكيد لا يمكن اعتباره محاكم، غير أنه إذا ثبت الجرم، فلا يمكن للقبيلة أن تتدخل مكان القضاء”.

وأكد خليل أن “القبيلة بالمغرب ما يزال لها دور مهم داخل المجتمع المغربي، إذ تعد نمطا من أنماط ضبط المجموعات والأفراد. ووجود ظواهر مرافقة لها كـتفركانت، لا يمكن أن يفهم فقط بالمقاربة الأمنية، بل إن استحضار الجانب السوسيولوجي ضروري للغاية”.