فنون

النجمة الهوليوودية ميرل أوبيرون التي ابتكرت لنفسها تاريخا بديلا


بي بي سي


نشر في:
الثلاثاء 19 أبريل 2022 – 8:26 ص
| آخر تحديث:
الثلاثاء 19 أبريل 2022 – 8:26 ص

ميرل أوبيرون، نجمة هوليوود في عصر الأسود والأبيض، لكنها أيقونة منسية في الهند، بلد ولادتها.

اشتهرت أوبيرون بلعب دور البطولة في الفيلم الهوليودي الكلاسيكي “مرتفعات وذرينغ “، وهي رغم كونها من أصول أنجلو-هندية، وقد ولدت في بومباي عام 1911، فقد حرصت كنجمة من العصر الذهبي لهوليوود، على أن تحتفظ بالسرية في ما يتعلق بأصلها ونشأتها، وقدمت نفسها على أنها بيضاء طوال حياتها .

أثارت أوبيرون اهتمام مايوك سين، وهو كاتب وأكاديمي مقيم في الولايات المتحدة، عندما اكتشف عام 2009 أنها كانت أول ممثلة من أصل جنوب آسيوي ترشح لجائزة الأوسكار.

وزاد إعجابه بها عندما شاهد أفلامها، وتعمق في ماضيها. وهو يقول “كشخص مثلي الجنس، أتعاطف مع الشعور بأنه يجب عليك إخفاء جزء من هويتك لتتمكن من الاستمرار في مجتمع معاد وغير مستعد حقا لقبولك كما أنت”. ويعمل سين الآن على سيرة ذاتية تحكي قصة أوبيرون من منظور جنوب آسيوي.

ولدت باسم إستيل ميرل أوبراين طومسون في بومباي (مومباي الآن) عام 1911. كانت والدتها من أصول مختلطة سريلانكية – سنهالية وماورية، أما والدها فكان ضابطا بريطانيا.

توفي والد أوبيرون عام 1914، وانتقلت العائلة إلى كلكتا (كولكاتا الآن) عام 1917، وبدأت أوبيرون التمثيل من خلال جمعية كلكتا المسرحية للهواة في عام 1920.

في عام 1925، بعد مشاهدتها فيلما سينمائيا، وهو الفيلم الصامت “الملاك الأسود”، شعرت أوبيرون بأنها تود أن تصبح ممثلة مثل نجمة الفيلم فيلما بانكي، وفقا لمايوك سين.

غادرت أوبيرون الهند إلى فرنسا عام 1928 وذلك بعد أن عرفها ضابط في الجيش على المخرج ريكس إنغرام، الذي قدم لها أدورا صغيرة في أفلامه.

وثم لحقت بها والدتها شارلوت سيلبي، ذات البشرة الداكنة، والتي كانت تقدم نفسها كخادمة لها.

وحسب فيلم وثائقي عن حياة ميرل أوبيرون صدر عام 2014 ويحمل عنوان “مشكلة ميرل” فإن سيلبي في الواقع كانت جدة أوبيرون. فقد كانت ابنة سيلبي، واسمها كونستانس، فتاة مراهقة حين أنجبت أوبيرون، ونشأت الأم والابنة معا كأختين لعدة سنوات.

جاءت أول انطلاقة كبيرة لأوبيرون مع سير ألكساندر كوردا، المخرج والمنتج الذي تزوجته لاحقا، وذلك عندما أعطاها دور آن بولين في فيلم “الحياة الخاصة لهنري الثامن” إنتاج عام 1933.

وقد اضطر الموظفون في قسم الحملات الدعائية لدى كوردا إلى ابتكار تاريخ بديل لها لتفسير عرقها المختلط.

وكتبت ماري ديلوفسكي، مخرجة “مشكلة ميرل” في ملاحظاتها على الفيلم “تم اختيار تسمانيا التابعة لأستراليا لتكون مسقط رأسها الجديد، لأنها بعيدة جدا عن الولايات المتحدة وأوروبا، وتعتبر عموما ‘بريطانية’ في جوهرها”.

وتقول ديلوفسكي إنه تم تقديم أوبيرون كفتاة من الطبقة العليا من هوبارت عاصمة تسمانيا، وقد انتقلت إلى الهند بعد وفاة والدها في حادث صيد.

ورغم افتقار ذلك إلى الحقيقة، سرعان ما أصبحت أوبيرون جزءا جوهريا من الأخبار المحلية في تسمانيا، وتابعتها وسائل الإعلام الأسترالية عن كثب وبفخر وفضول طوال حياتها المهنية. حتى أنها شخصيا كانت تتحدث عن تسمانيا باعتبارها مسقط رأسها، لكنها نادرا ما ذكرت كلكتا.

لكن كلكتا كانت تذكرها جيدا، ويقول الصحفي الهندي سوناندا ك داتا راي “في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، كانت هناك العديد من الإشارات إليها في مذكرات الكثير من الإنجليز”.

ويضيف “وزعم الناس أنها ولدت في المدينة، وأنها كانت عاملة في مقسم الهاتف، وفازت بمسابقة جمال في مطعم فيربو”.

مع مشاركتها في المزيد من أفلام هوليوود، انتقلت أوبيرون إلى الولايات المتحدة، وفي عام 1935 تم ترشيحها لجائزة الأوسكار عن دورها في فيلم “الملاك الأسود”.

لكن أداءها في فيلم “مرتفعات وذرينغ” عام 1939، أمام أسطورة التمثيل لورانس أوليفييه، هو الذي عزز مكانتها في صناعة السينما.

وتذكر تقارير أنه تم اختيار أوبيرون بدلاً من فيفيان لي، المولودة في الهند أيضا، لأن الفريق الذي يقف وراء الفيلم شعر أنها كانت اسما أكبر من فيفيان لي، كما يقول سين.

وفي مراجعة للفيلم في صحيفة نيويورك تايمز جاء أن أوبيرون “تمثلت الروح القلقة والمزاج المتقلب لبطلة قصة (إيميلي) برونتي”.

ويقول سين إن أوبيرون في أواخر الثلاثينيات كان من بين دائرة أصدقائها القريبين شخصيات مثل الملحن الموسيقي كول بورتر والكاتب المسرحي نويل كوارد.

ساعد كل من كوردا والمنتج المخضرم صامويل غولدوين أوبيرون على الاندماج في الوسط الجيد، وتشذيب بعض التفاصيل، مثل تغيير لهجتها التي كان من شأنها أن تكشف عن أصولها الجنوب آسيوية، كما يقول سين.

لكن السر الذي كتمته أوبيرون شكل عبئا عليها رغم أن بشرتها الفاتحة سهلت عليها أن يتم اعتبارها ممثلة بيضاء.

ويقول سين “كانت لا تزال تشعر في كثير من الأحيان بالحاجة إلى إسكات همهمات متكررة بأنها مختلطة العرق. وقد كان الصحفيون السينمائيون في عصرها يلاحظون بشرة سمراء”.

وتزعم بعض الروايات أن بشرة أوبيرون تضررت بسبب استخدام مساحيق وعلاجات لتبييض البشرة.

تعرضت أوبيرون لحادث سيارة وجرح وجهها عام 1937، وبعدها، كان المصور السينمائي لوسيان بالارد يستخدم تقنية خاصة في الإضاءة طورها بنفسه عند التقاط صور لأوبيرون تخفي العيب الذي خلفه الجرح في وجهها. وقد تطلقت أوبيرون من كوردا وتزوجت بالارد عام 1945.

ويقول سين “أشارت بعض المصادر إلى أن تلك التقنية كانت أيضا وسيلة ‘لتبييض’ وجه ميرل أمام الكاميرا”.

ويقول مايكل كوردا، ابن شقيق كودرا، زوج أوبيرون السابق، الذي نشر مذكرات عائلية بعنوان “حيوات ساحرة” عام 1979، إنه حجب تفاصيل عن تاريخها الشخصي، بعد أن هددت بمقاضاته إذا كشف اسمها الحقيقي ومكان ولادتها.

وقال في مقابلة “لقد افترضت أنه قد مر زمن طويل على القصة، لكنها ما زالت تهتم كثيرا بماضيها”.أصبح من الصعب الحفاظ على سرية الماضي والمتابعة بهذه التمثيلية، وفي عام 1965 ، ألغت أوبيرون إطلالة جماهيرية وقطعت رحلة كانت تقوم بها إلى أستراليا بعد أن رأت أن الصحفيين المحليين لديهم فضول بشأن الخلفية التي أتت منها.

وتقول تقارير إنها كانت في حالة من الانزعاج خلال زيارتها الأخيرة لتسمانيا في عام 1978 حيث استمرت الأسئلة حول هويتها في الدوران.لكنها لم تعترف بالحقيقة علانية. وتوفيت عام 1979 متأثرة بسكتة دماغية.في عام 1983، تم الكشف عن تراثها الأنجلو-هندي في سيرة شخصية بعنوان “الأميرة ميرل: الحياة الرومانسية لميرل أوبيرون”. وقد عثر مؤلفو السيرة على سجل ميلادها في بومباي، وشهادة تعميدها، وخطابات وصور فوتوغرافية كانت لدى أقاربها الهنود.ومن خلال كتابه، يأمل سين أن يكون قادرا على نقل الضغوط الهائلة التي واجهتها أوبيرون كامرأة من جنوب آسيا “تبحر في صناعة لم تكن مصممة لاستيعابها، وتنتج مثل هذه الأعمال المؤثرة في الوقت الذي تخوض فيه كل تلك المعارك”.ويقول: “لم يكن من الممكن أن يكون التعامل مع تلك التحديات أمرا سهلا، من الأجدى والأكثر فائدة أن تطالها الرحمة والتعاطف بدلا من الحكم عليها”.