اخر الاخبار

مؤسسات دينية ترفض «تحريم تهنئة» المسيحيين بعيد الميلاد

أكدت مؤسسات دينية في مصر رفضها «فتاوى موسمية غير رسمية، تُحرّم تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد». وقالت إن «مَن يردد هذه الآراء والفتاوى صاحب فكر متشدد، لا يمت للإسلام بصلة».

وقال الأزهر إن «مَن يحرمون تهنئة المسيحيين بأعيادهم غير مطّلعين على فلسفة الإسلام في التعامل مع الآخر بشكل عام، ومع المسيحيين بشكل خاص»، في حين أشارت دار الإفتاء المصرية إلى أن «تهنئة المسيحيين أمر مشروع». كما قالت وزارة الأوقاف المصرية إن التهنئة «نوع من البر والصلة».

ودخلت المؤسسات الدينية في مصر، بقوة خلال الساعات الماضية، على «آراء متشددة» جدّدت الحديث بشأن «رفض تهنئة المسيحيين»، وذلك رداً على بعض القنوات وصفحات التواصل الاجتماعي. وبحسب مراقبين فإنه «في هذا التوقيت من كل عام يروّج البعض فتاوى وآراء، تتعلق بتهنئة المسيحيين بأعيادهم». إلا أن المؤسسات الدينية المصرية تصف هذه الآراء والفتاوى بأنها «غير صحيحة»، وصادرة عن أشخاص غير متخصصين.

في هذا السياق، قال مفتي مصر، الدكتور شوقي علام، اليوم (السبت)، إن «تهنئة المسيحيين، واحتفال المسلمين بميلاد المسيح أمر مشروع لا حرمة فيه؛ لأنه تعبير عن الفرح به، كما أن فيه تأسياً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من توقير وتقدير وتبجيل للسيد المسيح وأمه السيدة مريم عليهما السلام».

ودعا علام في تصريحات له إلى «ضرورة عدم الاهتمام بالفتاوى الشاذة الموسمية، التي تُثار في كل موسم أو مناسبة»، مجدداً تأكيده أن «فتاوى تحريم تهنئة المسيحيين بميلاد المسيح، أو بالعام الميلادي الجديد، يجب رفضها وعدم الالتفات إليها».

كما أشار علام إلى أن «المصريين، مسلمين ومسيحيين، عاشوا على أرض مصر عبر التاريخ جنباً إلى جنب؛ متضامنين ومتحابين، حتى يئست منهم كل محاولات الوقيعة، التي تتعمد نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار، وهؤلاء المغرر بهم من المتشددين لم يقرأوا التاريخ جيداً».

في السياق ذاته، أكدت دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها الرسمية بـ«فيسبوك»، أن «تهنئة شركاء الوطن من غير المسلمين بمناسباتهم وأعيادهم، هي من حُسن الجوار ورد التحية بالحسنى وحسن التعايش، وهي مبادئ إنسانية راقية يدعو إليها الشرع الشريف، كتاباً وسنة، ومارستها السيرة النبوية العطرة».

وقبل حديث مفتي مصر بساعات، أكد شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، أن «الأصوات التي تُحرّم تهنئة المسيحيين بأعيادهم، ذات فكر متشدد لا يمت للإسلام بصلة، وهو فكر لم تعرفه مصر قبل سبعينات القرن الماضي». وشدد في حديث له نقلته صحيفة «صوت الأزهر»، الناطقة باسم مشيخة الأزهر بالقاهرة، على أن «مَن يُحرّمون تهنئة المسيحيين بأعيادهم، غير مطّلعين على فلسفة الإسلام في التعامل مع الآخر بشكل عام، ومع المسيحيين بشكل خاص، والتي بيّنها لنا الخالق عز وجل في قوله: (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون). كما بيّنها لنا أيضاً سبحانه وتعالى في قوله: (وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة)، وإذا قرأنا كلام المفسرين والمحدثين في هذا الجانب، سنجد أنهم وصفوا المسيحيين بأنهم أهل رأفة ورحمة وشهامة، وأنهم لا يحملون ضغينة، وأن هذه الصفات مستمرة فيهم إلى يوم القيامة، وهذا الكلام موجود فى أمهات الكتب التي يدرّسها الأزهر لطلابه».

وفي وقت سابق، قال شيخ الأزهر إن «تهنئة المسيحيين بالأعياد ليست من باب المجاملة أو الشكليات، بل تأتي انطلاقاً من فهمنا لتعاليم ديننا الحنيف». وأشار حينها إلى أن «علاقة المسلمين والمسيحيين تُعد تجسيداً حقيقياً للوحدة والإخاء، وهذه الأخوة ستظل دائماً الرباط المتين، الذي يشتد به الوطن في مواجهة الصعاب والتحديات».

بدورها، أكدت وزارة الأوقاف المصرية أنها «فوّضت جميع مديريات الأوقاف بجميع المحافظات المصرية لتقديم التهنئة للمسيحيين في الكنائس المختلفة». وقال وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة إن «تهنئة المسيحيين نوع من البر والصلة».

لقاءات متكررة بين شيخ الأزهر والبابا تواضروس للتهنئة بالأعياد.. الصورة تعود لعام 2016 (المركز الإعلامي للأزهر)

واعتاد أن يزور وفد من قيادات الأزهر، برئاسة الدكتور الطيب، خلال السنوات الماضية مقر الكاتدرائية المرقسية الكبرى بحي العباسية (شرق القاهرة) لتقديم التهنئة بالأعياد إلى بابا الإسكندرية، وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، البابا تواضروس الثاني. كما اعتاد البابا تواضروس زيارة مقر مشيخة الأزهر في حي الدرّاسة (وسط القاهرة) على رأس وفد كنسي لتقديم التهنئة للدكتور الطيب، بمناسبة الأعياد. وفي هذا السياق قال مصدر مطلع في الأزهر لـ«الشرق الأوسط» إن «وفداً أزهرياً رسمياً سوف يزور البابا تواضروس والكنيسة خلال هذا الأسبوع لتقديم التهنئة بالعيد»، مبرزاً أن تبادل مشاعر التهنئة في هذه المناسبة «يحقق معاني المودة والأخوة».

وبحسب «مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية»، فإن تهنئة المسيحيين بأعيادهم «جائزة، وتندرج تحت باب الإحسان والبر، كما أنها تدخل في باب لين الكلام وحسن الخطاب، وجميع هذه الأمور أمرنا الله عز وجل بها مع الناس جميعاً دون تفرقة، خاصة مع أهل الكتاب».

وأضاف المركز في فتوى له قبل أيام، أن «جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم يتوافق مع مقاصد الدين الإسلامي، ويُبرز سماحته ووسطيته».