اخر الاخبار

ارتياح في صفوف «الإخوان»

واشنطن وطهران لمفاوضات إضافية وسط تكهنات بـ«صفقة أوسع»

أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن «الاتفاق المبدئي» لإنهاء معاناة 5 من الأميركيين الإيرانيي الأصل المحتجزين في إيران لا يشمل تخفيفاً للعقوبات المفروضة عليها، رغم أنه يتضمن عملية بدأت بالفعل لتحرير ما بين 6 و7 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية لاستخدامها لأغراض إنسانية حصراً، وسط تكهنات بأن يكون أيضاً بمثابة مقدمة لصفقة أوسع بهدف احتواء البرنامج النووي لدى طهران.

وجاءت هذه الانفراجة الجزئية بعد أشهر من التوترات المتصاعدة بين إيران من جهة والولايات المتحدة وحلفائها من الجهة الأخرى، تمثلت خصوصاً بإرسال تعزيزات عسكرية أميركية كبيرة إلى الخليج لحماية السفن التجارية والمدنية وناقلات النفط من عمليات القرصنة الإيرانية المتزايدة.

ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن نجاح الاتفاق الذي جرى التفاوض عليه بشق الأنفس «يزيل مشكلة خطيرة من العلاقة التي لم تكن بعيدة قط عن المواجهة العسكرية».

ونقلت عن الزميل البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى هنري روما أن «صفقة الأسرى هي خطوة رئيسية إلى الأمام في جهود واشنطن وطهران لخفض التوترات مع تطلعهما للعودة إلى المفاوضات النووية الرسمية لاحقاً هذا العام».

ورجح أن إدارة الرئيس جو بايدن تأمل في استئناف المحادثات النووية الرسمية التي ينظمها الاتحاد الأوروبي لاحقاً هذا العام، بعدما انهارت قبل نحو عام بسبب المطالب الإيرانية «غير المقبولة» أميركياً. لكن لن ترغب إدارة بايدن في اتفاق نووي جديد قبل انتخابات 2024، بسبب الانعكاسات السياسية لهذه القضية.

ويتملك النظام الإيراني الشعور نفسه، بالنظر إلى احتمال عودة الرئيس السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، علماً أنه كان قد انسحب عام 2018 من الاتفاق النووي، المعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015.

إضافة إلى ذلك، نسبت وكالة «أسوشييتد برس» لمسؤولين إيرانيين في الأمم المتحدة أن نقل الأفراد الخمسة من السجن إلى الإقامة الجبرية «خطوة أولية مهمة» في تنفيذ الاتفاق، الذي لا يزال قيد التفاوض بغية الإطلاق الكامل لهؤلاء، ويشمل ما بين 6 و7 مليارات دولار جمدت بنتيجة العقوبات.

وأوضحوا أن الأموال ستحول إلى قطر قبل إرسالها إلى إيران عند توقيع الاتفاق، على الأرجح الشهر المقبل أو نحو ذلك بسبب الطبيعة المعقدة للمعاملات المالية.

امرأة تمشي بجوار جدارية تحمل صورة الرعايا الأميركيين المحتجزين في طهران في حي جورج تاون بواشنطن 20 يوليو 2022 (أ.ب)

مفاوضات «حساسة»

ووصف بلينكن الاتفاق المبدئي بأنه «بداية النهاية لكابوس» المحتجزين الخمسة و«الكابوس الذي تعيشه عائلاتهم»، مؤكداً أيضاً أن المزيد من العمل سيكون ضرورياً لتحرير هؤلاء. وكشف أن مسؤولي وزارة الخارجية تحدثوا إلى السجناء الخميس. وأكد أيضاً أن الولايات المتحدة ستواصل «بحزم» مواجهة نشاطات إيران «المزعزعة للاستقرار» في المنطقة وخارجها.

ووصفت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون المفاوضات بأنها «جارية» و«حساسة»، مضيفة أنه «في حين أن هذه خطوة مشجعة، فإن هؤلاء المواطنين الأميركيين (…) ما كان ينبغي أبداً أن يحتجزوا في المقام الأول».

ولا يزال من غير الواضح عدد الأميركيين من أصول إيرانية، المحتجزين لدى طهران، التي لا تعترف بالجنسية المزدوجة.

وكان لافتاً عودة ظهور المبعوث الأميركي الخاص لإيران روبرت مالي بتغريدة عبر منصة «إكس»، (تويتر سابقاً)، بعد فترة غياب منذ مايو (أيار) الماضي بسبب مساءلته حول تسريب «معلومات حساسة» عن المفاوضات.

وكتب مالي أن «هذه مجرد خطوة أولى، وكل يوم يستمرون فيه مسلوبي الحرية يقدر بأيام كثيرة»، مضيفاً أنه بالنسبة إلى «سيامك ومراد وعماد واثنين آخرين خرجوا من السجن، وأحباؤهم، هذه أخبار مرحب بها جرى انتظارها طويلاً». وزاد: «أعرف أن زملائي لن يرتاحوا حتى عودتهم جميعاً».

ولاحقاً، نسبت صحيفة «وول ستريت جورنال» لأشخاص مطلعين أن إيران «أبطأت بشكل كبير وتيرة تكديسها لليورانيوم المخصب شبه المخصص لصنع أسلحة نووية وخففت بعضاً من مخزونها بنسبة 60 في المائة، في خطوة قد تساعد في تخفيف التوترات مع الولايات المتحدة وتسمح باستئناف محادثات أوسع حول برنامجها النووي المثير للجدل».

وأضافت أن مسؤولين أميركيين وأوروبيين أبلغوا إيران أنه «إذا كان هناك تهدئة للتوترات خلال الصيف، فسيكونون منفتحين على محادثات أوسع في وقت لاحق من هذا العام».

لا رفع للعقوبات

ورغم تأكيدات بلينكن أن الاتفاق حول السجناء لا يشمل رفعاً للعقوبات، كشفت «نيويورك تايمز» عن أنه حصل في ظل «ما يبدو أنه اتفاق غير رسمي» لتقييد إيران برنامجها النووي وضبط ميليشيات تنشط بالوكالة عنها في كل من العراق وسوريا لتجنب انتقام قاسٍ من الولايات المتحدة».

وبينما نفى المسؤولون الأميركيون مراراً أن يكونوا قد توصلوا إلى أي «اتفاق» نووي مع الجانب الإيراني بعد المحادثات غير المباشرة التي عقدت في عمان سابقاً هذا العام، أكد مسؤولون من دول عدة أن ثمة تفاهماً «تشمل معاييره التخصيب الإيراني لليورانيوم بمستويات نقاء لا تزيد على 60 في المائة، وعدم تعرض القوات الأميركية لهجمات كبيرة من القوات الوكيلة لإيران في سوريا والعراق».

ونسبت الصحيفة الأميركية إلى اثنين من كبار مسؤولي الدفاع الإسرائيليين أن «الصفقة المتعلقة بالسجناء والأموال المجمدة هي جزء من تفاهمات أوسع جرى التوصل إليها في عمان (…) ويجري تنفيذها بالفعل على الأرض».

ولاحظ مسؤول عسكري أميركي كبير أن «هناك نشاطاً أقل للميليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق ضد القوات الأميركية هناك في الأسابيع الأخيرة».

وأشار أحد المسؤولين الإسرائيليين أنه بينما أرسلت إيران مساعدات عسكرية، ومنها مسيّرات قوية، إلى روسيا منذ غزوها لأوكرانيا، فإن موسكو تريد أكثر مما تلقته.

«تمويل الإرهاب»

ومن المتوقع أن يفتح الاتفاق الباب واسعاً أمام انتقادات جديدة من الجمهوريين وآخرين بأن إدارة بايدن تساعد في تعزيز الاقتصاد الإيراني في وقت تشكل فيه إيران تهديداً متزايداً للقوات الأميركية وحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وفي ظل ترحيب إدارة بايدن، لاقى الاتفاق معارضة من مسؤولين أميركيين، بينهم نائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس، الذي رأى أن الصفقة المقترحة ستوفر لإيران الأموال لإنتاج مسيرات لروسيا ولـ«تمويل الإرهاب». وأضاف أن «الصين وروسيا، اللتين تحتجزان رهائن أميركيين، تعرفان الآن أن السعر ارتفع للتو».

ورأى السيناتور الجمهوري طوم كوتون أن إطلاق السجناء مقابل دفع مليارات من الدولارات، مجرد «استرضاء وهمي» سيؤدي فقط إلى «احتجاز المزيد من الرهائن». وأضاف أن تمويل الإرهاب وتسليح روسيا وتحركات النظام الإيرانية ضد القوات الأميركية ستستمر، حتى يتوقف جو بايدن عن «الرقص على أنغام إيران».

وأكد وزير الخارجية الأميركي سابقاً مايك بومبيو أن «إطلاق 6 مليارات دولار لسفاحي نظام طهران مقابل نقل الرهائن الأميركيين من سجن لآخر هو صفقة مروعة».

وبين السجناء سيامك نمازي، الذي اعتقل عام 2015، وحُكم عليه لاحقاً بالسجن 10 سنوات بتهم تجسس، والمتمول عماد شرقي الذي حكم عليه أيضاً بالسجن 10 سنوات، والناشط الأميركي البريطاني في مجال الحفاظ على البيئة مراد طهباز، الذي اعتقل عام 2018، وحكم عليه أيضاً بالسجن 10 سنوات. ولم يجر التعرف على السجينين الرابع والخامس.

وفي المقابل، أعلنت طهران أنها تسعى لإطلاق سجناء إيرانيين محتجزين في الولايات المتحدة. ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد من هم هؤلاء، أو عددهم. لكن وسائل الإعلام الإيرانية في الماضي حددت سجناء لديهم قضايا مرتبطة بانتهاكات لقوانين التصدير الأميركية والقيود المفروضة على التعامل مع إيران.