اخبار المغرب

ندوة بالفقيه بن صالح تلامس ملاحم المغرب

قال المصطفى راكب، مدير المدرسة العليا للتكنولوجيا بالفقيه بن صالح، إن تخليد ذكرى عيد الاستقلال الذي يجسد أسمى معاني التلاحم بين العرش العلوي والشعب المغربي، في ملحمة الكفاح الوطني من أجل نيل الحرية والاستقلال، يعد بمثابة وقفة تأملية لاستحضار تاريخ المغرب الغني بالأمجاد.

واعتبر راكب الاحتفاء بعيد الاستقلال “فرصة لاستلهام ما ينطوي عليه الحدث من قيم سامية وغايات نبيلة، لإذكاء التعبئة من أجل التفاعل الإيجابي والقدرة على المشاركة العملية والشعور بالإنصاف، ورفع الروح الوطنية لدى الطالبات والطلبة، وتحصين المكاسب الديمقراطية، وتثبيت وصيانة الوحدة الترابية للمغرب، وربط الماضي التليد بالحاضر والمستقبل المجيد”.

جاء ذلك في خضم كلمة المدير الافتتاحية خلال ندوة علمية موسومة بـ: “دروس ملحمة الكفاح الوطني من أجل تحقيق الاستقلال وتجلياتها على تثبيت الوحدة الترابية”، نظمتها المدرسة العليا للتكنولوجيا بالفقيه بن صالح، بشراكة مع فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالمدينة ذاتها، الجمعة، تخليدا لذكرى عيد الاستقلال في سنتها 67.

وأبرزت مريم بوزكراوي، مديرة فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالفقيه بن صالح، بالمناسبة ذاتها، أن “الشعب المغربي، وفي طليعته نساء ورجال الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، يخلد من 16 إلى 18 نونبر 2022 الذكرى 67 للأعياد الثلاثة المجيدة، عيد العودة وعيد الانبعاث وعيد الاستقلال، في أجواء مفعمة بأريج الوطنية الصادقة وعبير المواطنة الإيجابية”.

وأضافت بوزكراوي، الحاصلة على الدكتوراه في التاريخ المعاصر: “إن تخليد هذه الأعياد يأتي في أجواء من التعبئة الشاملة والتجند المستمر تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس، الذي لا يدخر وسعا للارتقاء بشعبه نحو مدارج التقدم الاقتصادي والرفاه الاجتماعي والبناء الديمقراطي، وتثبيت المكاسب الوطنية وصيانة الوحدة وفتح الأوراش الكبرى لكسب رهانات التنمية الشاملة والمستدامة والمندمجة”.

وفي مداخلة بعنوان “ذكرى حدث الاستقلال وتطور الكتابة التاريخية بالمغرب.. مقترح رؤية جديدة لإعادة تاريخ الحدث من أسفل”، أبرز بودرقا الحسن، أستاذ باحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، أن “الكتابة التاريخية مرت بعد الاستقلال من مرحلتين: الأولى تميزت بالتركيز على التاريخ الوطني السياسي العام، وركزت بالأساس على دور المركز والمدن الكبرى والنخب الوطنية في الأحداث، وضمنها حدث الاستقلال؛ والثانية حاولت خلالها الكتابة التاريخية تجاوز التاريخ الوطني إلى كتابة تاريخ المجتمع والاهتمام بالمونوغرافيات المحدودة في الزمان والمكان”.

وتابع الباحث ذاته: “نحتاج اليوم إلى الرجوع إلى التاريخ السياسي لقراءة مثل هذه الأحداث المجيدة من تاريخ بلادنا، لكن بالتركيز، هذه المرة، على دور البوادي والجبال والنخب المحلية والشخصيات المغمورة التي ساهمت في صنع الحدث، وذلك من خلال الأرشيف المتنوع الموجود، الذي لم يستثمر بعد، وأيضا من خلال الذاكرة المحلية التي تعد بالكثير في هذا الموضوع”.

كما كشف بودرقا، الباحث المتخصص في التاريخ الجهوي، أن “البحث التاريخي المغربي مازال لم يتجرأ على الخوض في موضوعات متعددة”، وأن “اهتمامه بملف الوحدة الترابية مازال ضعيفا، خاصة في علاقته بحدث الاستقلال، كما أنه منعدم تماما في الجامعة المغربية في ما يتعلق بالثغور المحتلة”.

وزاد المتحدث ذاته أن “المغرب نال استقلاله على المستوى السياسي والإداري والاقتصادي والعسكري، ولكن مازال الأمل قائما لينال استقلاله الثقافي في سياق كتابة تاريخ وطني بطابع علمي وأكاديمي رزين؛ كما مازال الأمل قائما على كتابة تاريخ البلد من جميع جوانبه”.

واستطرد الباحث ذاته: “حتى الآن بُذل مجهود كبير في قراءة هذا التاريخ من أعلى إلى أسفل، ولكن إمكانيات قراءته من أسفل إلى أعلى متوفرة، ومن شأنها أن تجيب عن الكثير من الأسئلة المتعلقة بفهم طبيعة تطور المجتمع المغربي الغنى بمكوناته وأصالة هويته في ظل عهد الاستقلال الذي هو رمز اعتزاز لجميع المغاربة”.

وتميزت الندوة بعرض شريط وثائقي حول عيد الاستقلال، وبتقديم مداخلات بحثية أخرى مهمة جاءت تحت عنوان “حدث الاستقلال وترسيخ قيم المواطنة”، للأستاذ الباحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بني ملال كمال أحشوش، و”الحركة الوطنية المغربية من العمل السياسي إلى العمل الفدائي”، لعبد الصمد العروصي، الباحث في تاريخ المغرب المعاصر، و”ومضات من تاريخ الحركة الوطنية لتحقيق الاستقلال”، للباحث في التاريخ المعاصر محسن بوعلالى، وسلطت الضوء جميعها على حدث الاستقلال من زوايا مختلفة، وأجمعت في مضمونها على أهمية معالجة القضايا المتعلقة بالذاكرة الوطنية، والتشبث بالثوابت وقيم الانتماء والعمل على تعميق الوعي بأهمية موروثنا التاريخي.