اخبار فلسطين

مجلس الوزراء يوافق على شرعنة 9 بؤر استيطانية في الضفة الغربية ردا على هجمات القدس

صادق مجلس الوزراء يوم الأحد على شرعنة تسعة مواقع استيطانية في عمق الضفة الغربية ردا على سلسلة من الهجمات الفلسطينية الأخيرة في القدس الشرقية.

وأعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القرار في بيان تضمن أسماء البؤر الاستيطانية غير القانونية التي تعتزم الحكومة شرعنتها وهي أفيغايل، وبيت حوغلاه، وغفعات هاريئل، وغفعات أرنون، ومتسبيه يهودا، وملآخي هشالوم، وأساهل، وسديه بوعز، وشحاريت.

لإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية، سيتعين على الحكومة إثبات أنها أقيمت على ما تعتبره إسرائيل أراضي دولة. من المحتمل أن يكون هذا صعبا نظرا لأن العديد منها، بما في ذلك بؤرتي سدي بوعز وغفعات هارئيل الاستيطانيتين بكاملهما تقريبا، تم بناؤها على أراض فلسطينية خاصة.

من المرجح أن تعترض محكمة العدل العليا على مثل هذه التشريعات، وستستغرق العملية عادة شهورا، إن لم يكن سنوات. ومع ذلك، فإن الحكومة المتشددة الجديدة تدفع في الوقت نفسه بسلسلة من مشاريع القوانين المثيرة للجدل التي من شأنها أن تحد بشكل كبير من قدرة القضاء على نقض مثل هذه القرارات الوزارية، وهذا بشكل جزئي سبب كون قادة المستوطنين من بين أكثر المدافعين المتحمسين عن خطة إصلاح القضائي.

تقع إحدى البؤر الاستيطانية، وهي غفعات أرنون، على أرض تم تحديدها كمنطقة إطلاق نار للجيش الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية، مما يكشف عن تناقض بين كيفية تعامل الحكومة مع البناء الإسرائيلي والفلسطيني غير المصرح به، بالنظر إلى أن الدولة قد تحركت لهدم سلسلة من القرى الفلسطينية في منطقة تعرف باسم مسافر يطا والتي تم تحديدها أيضا كمنطقة إطلاق نار عسكرية.

وقال نتنياهو أيضا إن أعضاء حكومته وافقوا على أن تجتمع هيئة وزارة الدفاع المسؤولة عن التصريح ببناء المستوطنات في الأيام المقبلة للدفع بخطط البناء الإسرائيلي الجديد في الضفة الغربية قدما.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (وسط الصورة) يترأس الاجتماع الأسبوعي للحكومة في القدس، 12 فبراير، 2023. إلى اليمين إيتمار بن غفير. (Amit Shabi / Pool)

وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وهو مستوطن بنفسه، في بيان إنه سيتم قريبا التقدم في خطط بناء حوالي 10 آلاف وحدة سكنية، فيما سيكون أكبر مجموعة من الوحدات الاستيطانية التي ستصادق الإدارة المدنية بوزارة الدفاع على بنائها منذ سنوات. وستكون هذه الخطوة متسقة أيضا مع المبادئ التأسيسية للائتلاف المتشدد والتي بموجبها “للشعب اليهودي حق حصري وغير قابل للتصرف في جميع أنحاء أرض إسرائيل”، بما في ذلك الضفة الغربية.

في حين أن المجتمع الدولي يعتبر جميع المستوطنات غير قانونية، إلا أن إسرائيل تميز بين المستوطنات التي تم بناؤها بتصريح من وزارة الدفاع على أراض تابعة للدولة، والبؤر الاستيطانية غير القانونية التي تم بناؤها دون الحصول على التصاريح اللازمة، وغالبا ما تكون على أرض فلسطينية خاصة. ومع ذلك، تُقام البؤر الاستيطانية أحيانا بموافقة ضمنية من الدولة، وقد سعت الحكومات المتعاقبة إلى إضفاء الشرعية على أكثر من 100 بؤرة استيطانية غير معترف بها نتيجة لذلك.

لطالما دعا قادة المستوطنين وأنصارهم في الحكومة إلى تعميق التوسع الإسرائيلي في الضفة الغربية ردا على الهجمات الفلسطينية ضد الإسرائيليين. ويقول مؤيدو السياسة إن أولئك الذين يسعون إلى إلحاق الأذى بالإسرائيليين سيتم ردعهم عندما يدركون أن مثل هذه الهجمات لا تؤدي إلا إلى تعزيز قبضة إسرائيل على القدس الشرقية والضفة الغربية.

في حين أشاد قادة المستوطنين بقرار مجلس الوزراء يوم الأحد، انتقدته الجماعات التي تنادي بحل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني والتي ترى أن ترسيخ الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية سيجعل إطار العمل أكثر صعوبة.

وانتقد رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية قرار الحكومة الإسرائيلية ووصفه بأنه “وصفة للتصعيد، لا يمكن تجنب تداعياته الخطيرة على المنطقة والعالم، لأنه يهدد وجود الفلسطينيين [ذاته]”.

وطالب اشتية الأمم المتحدة والولايات المتحدة بالتدخل، مشيرا إلى أن قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي سيختبر جدية إدارة بايدن، التي زار كبار مسؤوليها المنطقة الشهر الماضي وتعهدوا بمعارضة مثل هذه الإجراءات أحادية الجانب من قبل إسرائيل.

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين (يسار الصورة) يصافح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خلال مؤتمر صحفي في القدس، 30 يناير، 2023. (DEBBIE HILL / POOL / AFP)

بعد الضغط عليه للتعليق على الأمر، قال مسؤول كبير في إدارة بايدن لتايمز أوف إسرائيل، “نحن نعارض بشدة توسيع المستوطنات وقلقون للغاية من التقارير حول عملية لإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية غير القانونية بموجب القانون الإسرائيلي”.

وأضاف المسؤول “نسعى للحصول على مزيد من المعلومات من الحكومة الإسرائيلية حول ما تقرر بالفعل”.

إلى جانب التحركات نحو الضم وانتهاكات الوضع الراهن في الحرم القدسي، كانت شرعنة البؤر الاستيطانية إحدى الخطوط الحمراء التي حاولت الولايات المتحدة وضعها منذ تولي الحكومة الإسرائيلية الجديدة السلطة قبل أقل من شهرين.

في مقابلة أجريت معه في الشهر الماضي، شرح السفير الأمريكي لدى إسرائيل توم نايدس هذا النهج قائلا ““يهمنا جدا الحفاظ على حل الدولتين، وهو [نتنياهو] يدرك أن الضم، أو حتى الضم الزائف من خلال رصف البؤر الاستيطانية، [هذه الأمور] لا تنجح معنا”.

من جانبها، قالت منظمة “سلام الآن” المناهضة للاستيطان إن قرار مجلس الوزراء “يثبت لأولئك الذين لم يدركوا بعد أن نهج الحكومة هو ضم مع منشطات” وجادلت بأن خطط الإتئلاف للضفة الغربية ترقى إلى “تهديد وجودي”.

وأضاف نتنياهو أن لجنة أصغر من كبار الوزراء وافقت أيضا على سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى مكافحة منفذي الهجمات، بما في ذلك نشر تعزيزات من الشرطة والجيش في القدس إلى جانب “زيادة نشاط الشرطة العملياتي ضد المحرضين على الإرهاب ومؤيديه”.

فريق أدلة جنائية تابع للشرطة الإسرائيلية يعمل في موقع هجوم دهس في محطة حافلات في راموت في القدس، 10 فبراير، 2023. (AP Photo / Mahmoud Elean)

وأضاف أن “قوات الأمن ستتصرف ب مستهدفة ضد مرتكبي الإرهاب ولن يكون هناك عقاب جماعي”، في ملاحظة تهدف كما يبدو إلى تهدئة المخاوف من أن تؤدي تكتيكات إسرائيل إلى إلحاق الأذى بالفلسطينيين الأبرياء.

جاء قرار مجلس الوزراء بعد يومين من اصطدم فلسطيني بسيارته بمحطة للحافلات في حي راموت بالقدس الشرقية، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص من بينهم شقيقين يبلغان من العمر خمسة وسبعة أعوام وإصابة أربعة إسرائيليين آخرين.

قبل أسبوعين، فتح فلسطيني النار على مدنيين إسرائيليين خارج كنيس يهودي في حي “نيفيه يعكوف” بالقدس الشرقية، مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص.

في اليوم الذي تلا هذا الهجوم، فتح فلسطيني يبلغ من العمر 13 عاما النار على إسرائيليين كانوا يسيرون خارج البلدة القديمة في القدس، مما أدى إلى إصابة اثنين منهم.