اخبار فلسطين

بعد شهرين.. إضراب المعلمين إلى أين؟

الضفة المحتلة خاص قُدس الإخبارية: ما زالت أزمة المدارس تتفاعل في الشارع الفلسطيني، بعد أسابيع من إضراب آلاف المعلمين الذين اعتبروا أن الاتفاق الذي توصل له الاتحاد العام للمعلمين مع الحكومة، غير كاف، وسط “عقوبات” فرضتها وزارة التربية على طيف واسع منهم جراء الإضراب.

برنامج “المسار” الذي تقدمه الزميلة لينا أبو الحلاوة، عبر “شبكة قدس الإخبارية”، استضاف ممثلين عن الحراك الذي يخوض الإضراب الحالي في المدارس والاتحاد العام للمعلمين، وأثار النقاش حول عدة أسئلة بينها مطالب الحراك والجهة الشرعية التي تمثل المعلمين والمطلوب للخروج من الأزمة الحالية.

لماذا خرج آلاف المعلمين على الاتحاد؟

عضو الحراك الموحد للمعلمين، خالد شبيطة، قال إن “المعلمين المضربين حالياً أعلنوا رفض الاتفاق الذي توصل له الاتحاد، واستمروا في الفعاليات، وقد تركز الإضراب في البداية في مدارس الخليل وبيت لحم وطولكرم، ومنذ أيام امتد إلى مدارس نابلس وجنوبها”.

وأشار شبيطة إلى أن الإحصائيات تقول إن 60% من المعلمين التزموا بالإضراب الذي دعا له الحراك الموحد، الذي وصفه بأنه “لا قيادة له”.

واعتبر أن الاتحاد العام للمعلمين كان يجب قبل إعلان الاتفاق مع الحكومة أن “يسشترف آراء المعلمين”، واستدرك قائلاً: لكن للأسف الشديد هذا لم يحصل، والاتحاد دعا المعلمين للعودة للدوام واعتبر الاتفاق إنجازا تاريخيا.

ورداً حول أن الإضراب الذي بدأه الاتحاد العام للمعلمين كان هدفه مطالبة الحكومة صرف راتب كامل للمعلمين، قال: هذا صحيح، الاتحاد طرح هذا المطلب في بداية الإضراب ولاحقاً تقدم بعدة مطالب أخرى، ودائماً الناس تنتظر الفرص المناسبة لتحقيق مطالب قديمة.

واستعرض شبيطة مجموعة من المحطات في نضال المعلمين، قائلاً:  في 2013 طالبنا بتطبيق الاتفاق الذي أبرمه الاتحاد مع الحكومة عام 2011، حينها حقق الأمين العام للاتحاد زيادة 20 شاقلا، وفي 2016 انفجر الحراك الذي شارك فيه المعلمون بكل انتماءاتهم، ولا ينكر أحد أن ثمار الحراك كان سقوط الاتحاد وقدوم هيئة إدارية جديدة.

وأضاف: صبرنا 6 سنوات على زيادة 200 شاقل، والاتحاد حصل على زيادة لبعض الشرائح والأصل أنه يدافع عن حقوق جميع العاملين في التربية، وأن يمتلك خطة واضحة للدفاع عن جميع قطاعات العمل.

ماذا يقول الاتحاد؟

من جانبه، رد عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين معتز السيد على ما طرحه شبيطة قائلاً: في 2013 لم يحقق أحمد سحويل الأمين العام للاتحاد حينها زيادة 20 شاقلا، بل حقق زيادة 10% على الراتب الأساسي للمعلم قسمت على 3 دفعات

وفي حينه تم إقرار إلغاء أدنى مربوط الدرجة وهو ما انعكس إيجابا على جميع المعلمين، وتحديداً من عينتهم الحكومة بعد 31 أغسطس/ آب 2008،  كان في السابق عندما ينهي المعلم السنة الخامسة ينتقل من الدرجة الخامسة فيعود في أعلى السلم الوظيفي في أقدمية صفر الاتحاد حينها استطاع تحقيق اختراق في قانون الخدمة المدنية.

وعاد السيد إلى بداية إقرار “قانون الخدمة المدنية” مع قدوم السلطة، وقال: قانون الخدمة المدنية أقر علاوة طبيعة العمل بنسبة 15% للمعلم،  بعد ذلك قرر الرئيس ياسر عرفات إضافة 10% علاوة اسمها “علاوة التربية والتعليم” في 1997 

خضنا نضالاً حقيقاً، ترك آثاراً على رفع سلم الرواتب التي يتقاضها المعلم، وفي عام 2000 قرر الاتحاد تشكيل نقابة مهنية للمعلمين، وعرض مشروع القانون على المجلس التشريعي وأخذ القراءة الثانية لكن بعد اندلاع انتفاضة الأقصى وضع هذا الأمر جانباً وانخرط الشعب الفلسطيني في الحالة النضالية.

وأضاف: عام 2004 طالب الاتحاد بتعديل القانون الخدمة المدنية وتم له ذلك، في 2011 طالبنا من جديد بفتح قانون الخدمة المدنية

لأنه من غير المقبول أن يكون القانون الذي تم إقراره في عام 1995 صالحا لعام 2011، في 20 شباط 2011 أقرت اللجنة الوزارية أنه يمكن إضافة علاوة إشرافية للمعلمين، وهذا ما جرى منذ ذلك الحين حتى عام 2020.

وعن أسباب مطالبة الاتحاد بتحويل “العلاوة الإشرافية” إلى “جزء من طبيعة العمل”، أوضح السيد: عندما تسلم سلام فياض وزارة المالية ألغى علاوة التربية والتعليم التي أقرها الرئيس ياسر عرفات، باعتبار أنه لا يوجد قانون يشرعنها، لذلك اعتبرنا أن العلاوة الإشرافية التي يتقاضاها المعلم يستطيع أي رئيس حكومة وقفها، وقررنا مقارعة الحكومة لتحويلها إلى جزء من طبيعة العمل.

واعتبر أن هذه الخطوة حققت للمعلمين عدة اختراقات، هي: عند تحويلها إلى طبيعة عمل لا يستطيع أي كان المساس بها

وتدخل في الراتب التقاعدي، وهذا لأول مرة بعد إضافة الرئيس 300 شيكل مقطوع للراتب التقاعدي للموظف، عند تحويل العلاوة الإشرافية إلى نسبة سيرتفع الراتب التقاعدي للموظف عند تقاعده بما يتناسب ماليا إلى 380 شاقل، أقول أن الموظف الذي تم تعيينه قبل 2019 يستطيع أن يحصل 84 ونصف شهريا معدل التحويل.

وتابع: قبل هذا التعديل كان المعلم عندما يصل إلى 3 سنوات خدمة يحصل على 200 شاقل، وعندما يصل إلى 10 سنوات يرفع اسمه مجدداً، كثير من المعلمين لم ترفع أسمائهم لأسباب فنية وخسروا فترة طويلة بعد التحويل يحصل المعلم على 15% وتبقى معه.

وأشار إلى ما أسماها “نقطة ضعف واحدة في هذا القانون” وهي أن “المعلم الذي يخدم لمدة 11 سنة يحصل على نسبة بسيطة جدا عند تحويلها من قيمة إلى نسبة”.

وقال إن الاتحاد حصل في الاتفاق “حصل على علاوة أخرى وهي بالإضافة لطبيعة علاوة العمل 10% تضاف في أول 2023 و5% في يناير 2024”.

وأضاف: نحن في الاتحاد نقدر أن طموحنا هيئتنا العامة وهي جموع المعلمين الفلسطينيين أعلى من الاتفاق الذي جرى، لكن العمل النضالي النقابي متواصل.

الحراك: نضال الاتحاد لم يحقق المطلوب

ويرى خالد شبيطة أن “المراحل النضالية التي خاضها الاتحاد لم تصل للهدف الذي يريده المعلم، وفي كل المراحل كانت تخرج أصوات معترضة على أداء الاتحاد”.

وأضاف: المعلم يرى القطاعات الأخرى تحقق إنجازات على حقوقها، بينما ما زال على حاله منذ سنوات، كل هذا دفع المعلم للشعور بأنه مظلوم، نحن نعيش تحت احتلال ونرى أنه يقر للعاملين لديه بمبلغ 6000 شاقل كحد أدنى للمعيشة بينما لم يصل الأن والسائق في الوزارة عندنا إلى 1400 شاقل.

وأكد أن “المطلوب من المسؤولين الخروج وتحمل مسؤولياتهم للعودة إلى الدوام المدرسي”، وقال: في عام 2016 خرج الرئيس وأعلن عن زيادة 10%، لذلك مطلوب من كل مسؤول من الرئيس حتى أصغر معلم أن يقف عند مسؤولياته، قلنا لهم اخرجوا في مؤتمر صحفي وقولوا نحن نوافق على مطلب الزيادة بنسبة 100%، وبقية المطالب لدينا الاستعداد للموافقة عليها.

ورداً على الجهة التي يجب أن تتفاوض مع الحكومة حول مطالب المعلمين المضربين حالياً، قال: أنا انسان غاضب طرحت مطالبي ومطلوب من الحكومة أن تلبي هذه المطالب، “كسر العظم” لم يحصل من المعلمين بل من الحكومة.

الاتحاد: الاتفاقية “مرحلة” في النضال

وحول حصول بقية القطاعات في الحكومة على نسبة علاوة أعلى من المعلم، اعتبر أن السبب هو “قانون الخدمة المدنية” الذي وصفه ب”الأعور”، وأوضح:  المهندس يأخذ علاوة 120% ليس بنضال نقابي بل عن طريق القانون الفلسطيني

عندما وضع قانون الخدمة المدنية “الأعور” أعطى للمعلم 15% والمحامي الذي لا يملك مزاولة مهنة 80% والمحامي الذي يملك بطاقة 150% والأطباء 200%، لذلك ناضل الاتحاد بشكل متواصل منذ عام 1996.

وقال إن الاتفاقية التي توصل لها الاتحاد مؤخراً مع الحكومة تنص على “حل قضية 770 معلم التحقوا بالوظيفة بعد عام 2019”.

وأضاف:  في 2019 حصل الاتحاد على قرار من الحكومة باعتبار السنوات التي عمل فيها معلمو 2016 هي سنوات خدمة فعلية تدخل في سنوات التقاعد.

وتعليقاً على التشكيك في “تمثيل الاتحاد للمعلمين”، قال: الاتحاد يمثل المعلمين فعلاً، لأنه عندما أعلن الإضراب التزم معه 100% من المعلمين بعد توقيع الاتفاقية شعر المعلمون بالقهر بأنها لا تلبي طموحهم وهذا حق لهم، ونقول إننا مقتنعون به كخطوة ينبى عليها للمرحلة المقبلة.

هل من إشارات إيجابية لحل الأزمة؟

وكشف السيد عن “إشارات إيجابية” لحل الأزمة الحالية، وأوضح:  العملية التعليمية غير طبيعية ولا تسير بالشكل المعتاد وهذا مؤلم ومزعج كثيرا لنا، نخوض حواراً جدياً لكي نضمن إعادة انتظام العملية التعليمية دون كسر المعلم، لن يسمح الاتحاد أن يعود المعلم مهزوماً سيعود المعلم منتصراً، توجد بعض الإشارات الإيجابية نتأمل أن تتطور.

وأضاف: المعلمون المضربين لهم ممثل واحد هو الاتحاد، امتناعهم عن العمل لا ينتقص من التمثيل النقابي لهم، بدليل أنهم كانوا ملتزمين في العملية النضالية مع الاتحاد الذي ما زال يناضل من أجل تطوير الواقع التعليمي للمعلمين، وسنعيد المعلمين إلى الغرف الصفية بإضافات أتمنى أن تكون مناسبة.

الحراك: تمثيل الاتحاد مشكوك به

من جانبه، قال خالد شبيطة إن “الاتحاد يدعي تمثيل المعلمين لأن كثيرين خرجوا عن الإطار الذي رسمه”.

واستشهد بوصف السيد لقانون الخدمة المدنية ب”الأعور”، وقال: لذلك يجب أن نسارع جميعاً ونناضل لإصلاحه.

وحول ما حصل بعد حراك عام 2016، قال: السياقات الاجتماعية تحكمها ظروف سياسية وأمنية مختلفة، حينها حصل تهديدات من مستويات مختلفة، والآن نسبة من المعلمين تقول إنها لن تعود للعمل إلا بالحصول على نسبة 100% حتى لو خرج الرئيس وتحدث عن نسبة أقل.

وأكد شبيطة على الانتقادات الموجهة لطبيعة نظام الاتحاد، وأوضح: شخصيا لست موافقاً على بعض البنود للاتحاد، مثلا لا أستطيع أن اكون أمينا عاماً إلا بعد 10 سنين.

الاتحاد: حققنا عدة إنجازات ونعمل لتطويرها

ورداً على ما طرحه شبيطة، قال معتز السيد: إذا قالت الحكومة لا استطيع تقديم 100%؟ هل نقول للطلاب لا يوجد تعليم؟ هل هذا الطرح سليم؟.

وتابع: ليس كل ما يطلبه الإنسان يأخذه وإذا أخذه لا يحصل عليه دفعة واحدة، عندما يحصل الاتحاد على علاوة للمعلمين من 80 إلى 85%.

وأشار إلى ما يسمى قانون “مهننة التعليم”، وقال: نحن ذاهبون لإقرار قانون مهننة التعليم الذي أقر بالقراءة الثانية

ووقع عليه بين ديوان الموظفين العام ووزارة التربية والاتحاد العام للمعلمين، الذي يعتمد على أن الترقية للمعلم لا تعتمد على سنوات خدمته إنما على حسن أدائه.

واعتبر أن ما أسماه “التمترس خلف مطلب واحد هو رفع النسبة إلى 100% غير سليم”، وأضاف: على المعلمين الالتزام السير مع زملائهم في الاتحاد لإنفاذ الاتفاق الذي قلت أنه ليس نهاية الدنيا بل مرحلة من مراحل النضال، نطمح أن تكون علاوة طبيعة العمل للمعلم الأعلى في الحكومة، لكن هذا لا يحصل في فترة قصيرة.

ورداً على الانتقاد لبعض بنود النظام الداخلي للاتحاد، قال السيد:  يحق للمعلم أن يترشح لمنصب أمين سر الاتحاد في محافظته، بعد سنة من التحاقه بالاتحاد، أما لماذا لا يحق له الترشح لمنصب الأمين العام إلا بعد 10 سنوات؟ ففي كل المؤسسات والفعاليات بالعالم يعتمد الناس على نظام التدرج.