اخبار المغرب

“السحر” ترجمة لـ”الوضع الدوني”.. دراسة تدحض أحكاما مسبقة عن المغربيات

حفر في أصول تصورات للمرأة المغربية، في المخيال الشعبي والدراسات الاستعمارية، يحضر في دراسة نشرتها فصلية “عُمران”، للباحث عبد الهادي أعراب.

وتحلل الدراسة صورة المرأة في خطاب الممارسات السحرية والدينية، والمنطق الذكوري التبريري لهذا الخطاب “الذي استطاع عبر سيرورة التاريخ ترسيخ صور غير قابلة للدحض في السياق الثقافي العامّيّ والعالِم”؛ هي صورة “المرأة البعيدة عن التزام الشعائر الشرعية والمتاخمة، وفي المقابل المتورطة في أعمال السحر وعبادة الأضرحة والمزارات”.

ورغم وجود نساء في التاريخ المغاربي والأندلسي فقيهات، قمن بدور ديني أساسي في حياة المؤمنين رجالا ونساء، سواء بأعمالهن الخيرية أو بعلمهن، فإن الدراسة تركز على “الخطاب الذكوري، بشقيه المعرفي والعامي، الذي صنع صورة نمطية للنساء المغربيات، عبر تناوله علاقتهن بمجالَي الدين والسحر، وهي صورة دونية تظهر من خلالها المرأة أقل تدينا وأقرب إلى ممارسة السحر”.

وتخلص الدراسة إلى أن كلا من “الخطاب الأنثروبولوجي الكولونيالي والخطاب الذكوري العام في المغرب، حول تدين النساء وعلاقتهن بالسحر، يترجمان الوضعية الاجتماعية الدونية للنساء”، وتتابع: “المعرفة الذكورية الكولونيالية بوصفها معرفة سلطوية مزدوجة ضد المستعمَر وضد العنصر النسائي المهيمَن عليه داخل المجتمع المستعمَر في حد ذاته نسجت صورة نمطية عن علاقة النساء بالدين تفتقر إلى عنصر المعرفة المحلية بالمسألة”.

واخبار السعودية الوثيقة شارحة: “الممارسات الدينية، شأنها شأن كل الممارسات الثقافية الأخرى، تتأثر بالطبقية وبالإثنية وموارد القوة بصفة عامة، ما يفسر وجود نساء عالمات انتمين إلى الأوساط الاجتماعية المهيمِنة داخل المجتمع، كما هو واقع اليوم. لكن الصورة النمطية الكولونيالية تجاهلت هذه الحقيقة، وفي المقابل أغرقت في التقريب بين النساء ومجال السحر والشعوذة”.

وينفي البحث عن النساء توسّل السحر أو ممارسته أو اللجوء إليه فطريا؛ ويربطه “بواقع يطبعه العجز والخوف والحرمان، يدفعها دفعا إلى هذه الممارسة والاحتماء بها، فهي محاطة بأسوار من الخوف، سواء الخوف من المستقبل أو الخوف من الأب أو الأخ أو الزوج، أو الخوف من العنوسة والشيخوخة والعقم… من هنا تمارس سحرها الوقائي البسيط ممثلا في البخور والرُّقى التي راكمتها عبر التجارب، لكن ما إن يشتد خوفها ويبلغ مبلغا كبيرا حتى تجابهه بسحر أكبر”.

هكذا يتحول “الإحساس بالقهر” إلى “سلوكيات انتقامية من الزوج ومن المجتمع ومن نفسها أيضا، فالحماة والعجوز عموما تتحول إلى كائن ‘مسترجل’، تستجمع سنوات الحرمان والقهر، لتتبوأ مكانة سلطوية متأخرة، منتقمة من بنات جنسها (زوجات الأبناء) وغانمة من امتيازات هذا الوضع الجديد”.

إذن، الصورة الشائعة للمرأة المغربية “سحّارة” و”بصّارة” “أقرب إلى الشيطان منها إلى الملاك”؛ “تنتشر في الأوساط (الشعبية) من دون أن تكون الطبقات العليا متحررة منها، وهي صورة تعكس حرص المجتمع الذكوري الشامل على إقصاء المرأة من مجال (الخير) الذي يتموقع فيه الرجال أيديولوجيا، ويكسبون منه احتكار الموارد والاعتبارات الاجتماعية المولِّدة للسلطة والمنتجة للهيمنة”.

ثم تحولت هذه الإستراتيجية “نصف الواعية”، وفق الدراسة، إلى “بنية تاريخية تلبست بالعقول والأشياء (…) توجه إلى اليوم النظرة والعلاقة النمطية بالمرأة المغربية في الأوساط الاجتماعية إجمالا”.