اخبار المغرب

عودة إلياس العماري تلقي “حجرا ثقيلا” وسط مياه المعترك السياسي في المغرب

بعد مرور قرابة شهر على الخرجة الإعلامية التي وقع عليها إلياس العماري، الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، مع جريدة هسبريس الإلكترونية، ما زال السياسي المثير للجدل يشغل الساحة الإعلامية بسبب عودته المفاجئة بعد غيابه وانسحابه النهائي من المشهد الذي دام أزيد من 5 سنوات.

السياسي المغربي، المعروف بصولاته وجولاته في المشهد والحياة السياسية خلال العقدين الماضيين، أثارت عودته جملة من التساؤلات حول توقيتها والظرفية التي جاءت فيها، خاصة مع الفراغ الذي يسجله الكثير من المراقبين في معترك السياسة والنقاش العمومي.

العماري يثير الجدل

ذهبت قراءات عديدة إلى أن العماري، الذي كشف في حواره مع الجريدة أن عودته ليست سياسية، جرى استدعاؤه لملء الفراغ وإقامة نوع من التوازن في فضاء النقاش العمومي الذي بات يحتله عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في الفترة الأخيرة.

وكان بنكيران إلى جانب عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، من الشخصيات السياسية التي بادرت إلى إعلان مواقفها من العودة المحتملة للعماري إلى المشهد مرة أخرى، حيث اتفق الطرفان على رفضها وتوجيه انتقادات حادة إلى الرجل واستدعاء ماضيه من الممارسات التي كانت “تُفزع وتُرعب” الساسة والمسؤولين، من داخل حزبه ومن خارجه.

في قراءته للموضوع، سجل المحلل السياسي محمد العمراني بوخبزة أن انسحاب إلياس العماري في البداية “لم يكن عاديا وإراديا، بل كان تحت الضغط؛ وهو قرار مرتبط بواقع وسياق مرت منه الحياة السياسية المغربية واضطر إلى مغادرة الساحة فيه”.

غير مرغوب فيه

ذهب بوخبزة العمراني، في حديث مع هسبريس، إلى أن “رجوع العماري لم يكن مثل رجوع بعض الساسة، الذين انسحبوا في سياق انهزام في معركة انتخابية وعادوا بعد ذلك تحت طلب الطبقة السياسية، كما حدث مع ديغول في فرنسا الذي طلب منه العودة لإنقاذ الموقف”.

وتابع المحلل السياسي ذاته موضحا أن في حالة العماري “الأمور مختلفة. هناك رغبة لدى أطياف كثيرة لا ترغب في عودة إلياس العماري؛ لأنهم يعتبرون فترته اتسمت ببعض الاعتبارات التي يمكن أن نقول إنها ليست إيجابية”.

وزاد بوخبزة مبينا “لم تكن فترة العماري فترة قد نَحِنُّ إليها، إلى درجة أن تكون رغبة في عودته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهو ربما ذهب غير مأسوف عليه”، وهو ما تفسره ردة الفعل المفاجئة من الطبقة السياسية.

وسجل المتحدث ذاته أنه إذا هناك طموح سياسي لدى العماري في هذا السياق، وهذه الظرفية “لا أعتبر صراحة أن ذلك قد يفيد الحياة السياسية في شيء، وعودته إلى الحياة العامة عودة ربما لم تكن موفقة؛ لأن الخروج لم يكن مشرفا ليكون انتظار عودته للقيام بوظيفة معينة لا إعلاميا ولا سياسيا”.

وأكد المحلل السياسي أن العماري سيكون من الصعب عليه أن يستعيد “موقعه الذي كان يحتله داخل الحياة العامة، وسيكون من الصعب عليه أن يبذل مجهودات كبيرة وبريقه لم يعد كما كان.. ولن تكون هناك رغبة في عودته، وسيجد صعوبة في تشكيل حتى الفريق الذي قد يشتغل معه”، وبيّن أن مهرجان ثويزا الذي كان العماري “نجمه الساطع كيف كانت ردة الفعل عند ظهوره ومن نصحه بالعودة في الوقت الراهن لم يقدم له النصيحة المناسبة”.

عودة مشروطة

اعتبر إسماعيل حمودي، المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن هناك “نوعا من الغموض في طريقة تدبير إلياس العماري لمساره السياسي؛ فهو انسحب واختفى من الساحة دون أن يبرر ذلك للرأي العام، واليوم يعود بالطريقة نفسها دون توضيحات دقيقة وصريحة”.

وأضاف حمودي، ضمن تصريح لهسبريس، أن هناك “تساؤلا حول ما إذا كان اختفاء العماري بإرادته الحرة أم تعرض لضغوط فرضت عليه الانسحاب والاختفاء؟ وبالطبع، فإن عودته تطرح التساؤل نفسه: هل كانت بإرادته الحرة أم هي عودة مشروطة؟”.

وأشار حمودي إلى أن الفترة التي غادر فيها العماري التراب الوطني شهدت “حدثا مماثلا بالنسبة لحميد شباط، وكلاهما غادر لسنوات طويلة ثم عاد بطريقة يشوبها الغموض”، حسب رأيه.

ورأى المحلل السياسي ذاته، أن إعلان العماري التوجه نحو العمل الإعلامي بدل العمل السياسي الحزبي يشير إلى أن “عودته مشروطة بالابتعاد عن الصراع الحزبي، ربما في انتظار أن تطرأ مستجدات في الساحة السياسية تعدل قليلا من موازين القوى السياسية، وإن كان هذا الانتظار قد يطول على الأرجح”.

من مصلحة بنكيران

بخصوص ردود عبد اللطيف وهبي وتلميحاته إلى العماري وزمن التحكم، اعتبر حمودي أن وهبي يسعى إلى “تحصين نفسه من مناورات العماري داخل “البام”. ومن الطبيعي أن يقوم بذلك؛ لأن العماري، في حواره الشهير مع هسبريس، عبر ضمنيا عن موقف سلبي من أداء وهبي على رأس “البام”.

وعن الانتقادات التي وجهها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إلى خصمه السابق، لفت حمودي إلى أن بنكيران يبحث عن “خصم سياسي له القدرة على الجدل السياسي، ويمكنه أن يخوض معه في النقاش السياسي الحزبي، خصوصا أن منافسيه الحاليين في الساحة ليسوا من الذين تستهويهم السياسة كما يتصورها بنكيران”.

وشدد حمودي على أن هجوم زعيم “البيجيدي” على الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة يعكس “حاجة بنكيران إلى غريم سياسي”؛ وهو الأمر الذي يمكن أن يساعد بنكيران على إعادة حزبه إلى الواجهة مرة أخرى وفي وقت وجيز، إذا توفرت شروط المواجهة والجدل الذي يتفوق فيه زعيم الإسلاميين على باقي خصومه.