اخبار فلسطين

دبلوماسي إسرائيلي رفيع ينتقد الأردن بسبب انتقاداته اللاذعة بشأن الحرم القدسي

اتهم مسؤول دبلوماسي إسرائيلي رفيع يوم الأربعاء الأردن بلعب “لعبة مزدوجة” في ردود أفعاله على الاضطرابات في القدس، حيث يوبخ إسرائيل علنا بينما يتحدث بصورة أكثر عقلانية وراء الأبواب المغلقة.

وقال المسؤول الدبلوماسي خلال إفادة صحفية مع مراسلين إسرائيليين، عقد جزء منها بشرط عدم الكشف عن هويته، “يقولون لنا إن هذه هي ال التي يبقون بها من يطالبون الأردن بقطع علاقاته مع إسرائيل بعيدا”.

أكثر من نصف سكان الأردن من أصول فلسطينية، ومعاهدة السلام المبرمة عام 1994 مع إسرائيل لا تحظى بشعبية كبيرة، لا سيما خلال فترات العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وصلت العلاقات إلى الحضيض في عهد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، لكن حدثت تحسينات ملحوظة منذ أن أدت الحكومة الإسرائيلية الجديدة اليمين القانونية في يونيو الماضي. استضاف العاهل الأردني الملك عبد الله رئيس الوزراء نفتالي بينيت والرئيس يتسحاق هرتسوغ ووزير الخارجية يائير لابيد ووزير الدفاع بيني غانتس في اجتماعات في الأشهر الأخيرة مع توسع التنسيق بين البلدين.

كما وقّعت إسرائيل والأردن اتفاقية بوساطة إماراتية لبناء محطة رئيسية للطاقة الشمسية في المملكة الهاشمية لتوليد الكهرباء للدولة اليهودية بينما سترسل محطة تحلية أقيمت في إسرائيل المياه إلى الأردن. وقال الدبلوماسي الإسرائيلي الكبير إنه لا يتوقع أن تؤثر التوترات الأخيرة على هذه الاتفاقية.

لكن الأردن اتخذ بعض الخطوات ضد إسرائيل في الأيام الأخيرة، وإن كانت خطوات رمزية إلى حد كبير. استدعت عمان السفير الإسرائيلي لتوبيخه بعد أن دخلت الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى عدة مرات في الأيام الأخيرة لتفريق محتجين فلسطينيين.

اتهم الأردن إسرائيل بانتهاك الوضع الراهن في الموقع، والذي بموجبه يُسمح للمسلمين بالزيارة والصلاة بينما لا يستطيع اليهود الصلاة ويمكنهم الزيارة فقط خلال فترات زمنية محدودة.

تصر إسرائيل على أنها ملتزمة بالوضع الراهن وتحمي حقوق أتباع الديانات الثلاث في القدس. لكن الشرطة أيضا في السنوات الأخيرة غضت الطرف عن قيام يهود بالصلاة  خلال تواجدهم في الموقع، في ما يرقى إلى انتهاك ضمني للوضع الراهن الهش في المكان.

الرئيس إسحاق هرتسوغ (إلى اليسار) والملك الأردني عبد الله الثاني في قصر الحسينية في عمان، الأردن، 30 مارس 2022 (Haim Zach / GPO)

وقال المسؤول “أنا مستعد لقبول هذه اللعبة المزدوجة إلى حد معين، لكن تم تجاوز الحدود مع خطاب رئيس الوزراء في البرلمان”، في إشارة إلى تصريحات بشر الخصاونة في وقت سابق من هذا الأسبوع والتي أشاد فيها بقيام الفلسطينيين برشق حجارة ضد “صهاينة يدنسون المسجد الأقصى”.

رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة يخاطب البرلمان في عمان، 18 أبريل، 2022. (Twitter screenshot)

وقال المسؤول الدبلوماسي الكبير إنه لا يمكن لأي دولة أن تتحمل مثل هذا النوع من الخطاب من حليف وأن الرسالة تم نقلها إلى عمان على مستوى من الحزم لم يعتاد الأردنيون عليه.

كما انتقد المسؤول رد الإمارات العربية المتحدة على الاضطرابات الأخيرة، وتوقع في الوقت نفسه ألا يكون هناك في نهاية المطاف أي ضرر للعلاقات الثنائية التي بدأت قبل عام ونصف العام فقط.

استدعت الإمارات السفير الإسرائيلي في أبو ظبي يوم الثلاثاء وأصدرت بيانا بعد ذلك ينتقد سلوك الشرطة الإسرائيلية في الحرم القدسي. كما تحدثت الإمارات بقوة ضد إسرائيل في الاجتماع المغلق لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الثلاثاء بشأن هذه المسألة، وفقا لدبلوماسيين مطلعين على الأمر.

سعى المسؤول الدبلوماسي الكبير إلى التقليل من أهمية القضية، وقال إن المحتوى الفعلي للمناقشة بين وزيرة الدولة الإماراتية للتعاون الدولي ريم بنت إبراهيم الهاشمي والسفير الإسرائيلي أمير حايك يختلف بشكل كبير عن البيان الإماراتي الذي صدر لاحقا.

وبغض النظر عن ذلك، فقد أعربت إسرائيل عن استيائها من الرد الإماراتي. وقال المسؤول الدبلوماسي “لا أرى أن ما حدث يضر بعلاقاتنا”.

رئيس الوزراء نفتالي بينيت (يسار) يجلس مع ولي عهد الإمارات محمد بن زايد آل نهيان في قصر الأخير في أبو ظبي، 13 ديسمبر، 2021. (Haim Zach / GPO)

أما بالنسبة لروسيا، فقد زعم الدبلوماسي الكبير أن موسكو تتخذ موقفا ينتقد إسرائيل بسبب الاضطرابات الأخيرة في القدس كوسيلة للرد على موقف الأخيرة لصالح أوكرانيا.

وقال المسؤول للصحفيين “روسيا ليست سعيدة بموقفنا من أوكرانيا لذا فهي تقف ضدنا على الجبهة الفلسطينية”.

وأوضح بعد ذلك أن الموقف الروسي من الفلسطينيين يتوافق فعليا مع مبادئ موسكو على مدار السنوات، مشيرا إلى أن بيان الكرملين بشأن مكالمة الرئيس فلاديمير بوتين مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في وقت سابق من هذا الأسبوع لم تتضمن إدانة للإجراءات الإسرائيلية بشأن الحرم القدسي كما كانت رام الله تتمنى وتتوقع.

وقال المسؤول “لم نكن نعتقد أن الروس سيكونون راضين عن موقفنا بشأن أوكرانيا. نحن أيضا غير راضين عن هجومهم على دولة ذات سيادة”، وأضاف أن إسرائيل ستواصل سياستها إزاء أوكرانيا التي تسعى إلى تحقيق التوازن بين الحاجة إلى التوافق مع العالم الغربي وبين المصالح الأمنية في سوريا، حيث تتمتع إسرائيل منذ فترة طويلة بضوء أخضر لمهاجمة المنظمات المدعومة من إيران من المجال الجوي الذي تسيطر عليه روسيا.

وتطرق الدبلوماسي الكبير إلى وضع المحادثات النووية في فيينا، حيث كشف أن مسؤولي إدارة بايدن أبلغوا نظرائهم الأوروبيين أن واشنطن لا تعتزم شطب الحرس الثوري الإيراني من قائمتها الخاصة بالتنظيمات الإرهابية كجزء من المفاوضات.

وقال المسؤول إن المحادثات النووية متوقفة حاليا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى مطالبة إيران لواشنطن بإزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. ولقد مارست إسرائيل ضغوطا علنية وسرية ضد هذه الخطوة.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعهما في مقر السلطة الفلسطينية في بيت لحم، 23 يناير، 2020. (Alexander Nemenov، Pool via AP)

على الرغم من الرسالة التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى المفاوضين الأوروبيين، إلا أن إدارة بايدن لا تزال تدرس شطب جزء من الحرس الثوري الإيراني مع إبقاء وحدة النخبة “فيلق القدس” التابعة للحرس الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، على حد زعم المسؤول الإسرائيلي. “نحن جزء من هذا الحوار، ولكن لا توجد إجابة نهائية بعد”.

خلال مؤتمر صحفي يوم الإثنين، بدا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس يرفض بالفعل المطلب الإيراني عندما تم الضغط عليه في هذا الشأن.

وقال برايس عندما سئل عن شطب الحرس الثوري من القائمة “إذا كانت إيران تريد رفع عقوبات بما يتجاوز خطة العمل الشاملة المشتركة، سيكون عليها معالجة مخاوفنا التي تتجاوز خطة العمل الشاملة المشتركة. سيكون عليهم التفاوض على هذه القضايا بحسن نية”.

نظرا لأن إيران لم تعرب عن استعدادها لتغيير موقفها في القضايا غير المتعلقة بالأنشطة النووية، فقد بدت تصريحات برايس وكأنها تضع حدا لاحتمال قيام واشنطن بشطب الحرس الثوري من قائمة التنظيمات الإرهابية بشكل أحادي، حتى لو كانت طهران تجعل من هذا المطلب شرطا للعودة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق النووي).