اخبار المغرب

نفوق حوت يثير جدل التنمية في الداخلة

جنح بشاطئ فم البير، المنطقة السياحية الواقعة وسط مدينة الداخلة، الأحد، حوت أبيض من الحجم المتوسط من فصيلة الروكال أو ما يُعرف علميا بالحوت الأحدب “Megaptera novaeangliae ” يزن أزيد من 4 أطنان.

وحسب الشهادات المحلية بالداخلة، فإن الحوت النافق، البالغ طوله أزيد من 10 أمتار، قد خلق استنفارا حادا لدى سلطات المنطقة التي سارعت إلى إيفاد لجنة مختلطة تتكون من الدرك البيئي وتقنيي المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري لمعاينة الحوت الضخم وتحديد أسباب نفوقه، من أجل التخلص منه عبر الحرق والدفن تفاديا لاستهلاك لحومه من لدن المواطنين.

وأوردت المصادر التي تحدثت لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها؛ فقد شهدت المنطقة ذاتها نفوق أعداد كبيرة من الأسماك الضخمة، مثل القروش والدلافين وأيضا حوت “العنبر الضخم”، في مدة تقل عن السنتين”.

وعزت المصادر ذاتها أسباب جنوح هذا النوع من الأسماك إلى “تلوث مياه البحر والصيد الجائر الذي يتسبب في أضرار جسيمة تلحق الأذى بهذا النوع من الحيتان الكبيرة”.

واستنكر متابعون عدم صدور نتائج التحليلات التي تقوم بها اللجان التقنية والمصالح الإدارية المكلفة بدراسة هذا النوع من الظواهر والوقوف على الأسباب الكامنة وراء نفوق الحيتان بمنطقة “فم البير”، التي باتت “ملوحا” أي مكانا دائما لنفوق أعداد كبيرة من الحيتان الضخمة.

وتعليقا على هذا الموضوع، ربطت هسبريس الاتصال بعبد الرحيم اكجيج، المدير الجهوي للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بالداخلة، الذي أكد أن “لجنة مختصة تتألف من الدرك البيئي والسلطات المختصة بالإضافة إلى المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري كلفت بمعاينة الحوت النافق وتحديد أسباب وفاته”.

وأضاف اكجيج، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن نتائج المعاينة الأولية التي أشرف عليها فريق البحث العلمي للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري أكدت أن “الأمر يتعلق بحوت يدعى Baleine à bosse يبلغ طوله 10.3 أمتار ويزن حوالي 4 أطنان”.

وفي رده على سؤال أسباب النفوق، أشار المدير الجهوي للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بالداخلة إلى أن “فريق العمل لم يلاحظ أي أثر لإصابات ناجمة عن الصيد الخطأ أو الاصطدام بقطعة بحرية تقرب المهتمين من الأسباب الحقيقية للنفوق”، مضيفا أنه “حسب الملاحظات، فالأمر يتعلق بوفاة طبيعية”، مشددا على أن “السلطات المختصة باشرت التخلص من هذا الحوت النافق بالحرق والدفن، تفاديا لتلويث البيئة أو خوفا من تعاطي المواطنين مع لحومه وتجنيبهم استهلاكها، بعد انتهاء عملية المعاينة العلمية للحوت المذكور”.

وبخصوص تكرر نفوق الحوت بالمنطقة المذكورة، أكد المتحدث ذاته أنها “ظاهرة جد طبيعية، نظرا للتيارات المائية الكنارية التي تعرفها المنطقة”.

وخلص اكجيج إلى أن “المعهد يتتبع بشكل لحظي هذه الظاهرة من خلال برنامج وطني على صعيد سواحل المملكة لحماية صنف الثدييات، نظرا لما تكتسيه من أهمية في التوازن البيئي البحري”، لافتا إلى أن “المعهد منفتح على كافة الأوساط المهنية والجمعوية لتقديم إفادات ومعطيات متعلقة بمهامه الميدانية قصد تدبير الموارد البيئية البحرية بشكل مستدام ومسؤول”.

التلوث البيئي بساحل الداخلة وادي الذهب

عاينت جريدة هسبريس الإلكترونية حجم التلوث البيئي بخليج الداخلة، ووقفت على مكب المياه العادمة التي يتم تصريفها مباشرة في عرض البحر، على الرغم من المشاريع المرصودة للحد من هذه الإشكالات واستثمار ميزانيات كبيرة لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي في سقي المناطق الخضراء؛ ما يطرح تساؤلات عديدة حول الدور الذي تقوم به المجالس المنتخبة في الحد من مخاطر البيئة والحفاظ على المحيط وموارده.

في هذا الصدد، قال مريح عبد الودود، رئيس جمعية شباب “تروك” لحماية خليج الداخلة وادي الذهب، إن شاطئ مدينة الداخلة بات شاهدا على ظاهرة نفوق الحيتان الكبيرة؛ بسبب التلوث البيئي بدرجة أولى، وبسبب الصيد الجائر وسوء تدبير الوزارة الوصية على هذا القطاع.

وأضاف مريح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “التلوث البيئي بخليج الداخلة ناتج عن تصريف المياه العادمة للمدينة بعرض البحر، وتعثر مشروع محطات المعالجة للمياه العادمة المنزلية بالمدينة التي تم تدشينها سنة 2015 في إطار مشروع تأهيل التطهير السائل لمدينة الداخلة”.

وأبرز الناشط الحقوقي أن “صاحب الجلالة الملك محمدا السادس نصره الله أعطى انطلاقة مشاريع حقيقية لتطهير السائل؛ ولكن للأسف تفنن بعده مسؤولون ومنتخبون في تعطيل تنزيل هذه المشاريع، ما تسبب في تأخر النتائج التي تم على أساسها خلق مثل هذه المشاريع”.

وفي حديثه عن الصيد الجائر، لفت مريح إلى أن “الصيد الجائر وغير المقنن يتسبب هو الآخر في نفوق وانتحار هذا النوع من الحيتان، عبر الصيد الخطأ” مشيرا إلى أن “السلطات المعنية وجب أن تضع حدا لهذا العبث والأعمال التي تتعارض مع قوانين حماية الموارد الطبيعية بالجهة”.