اخبار فلسطين

توترات قبيل “مسيرة الأعلام” المثيرة للجدل التي تمر عبر الحي الإسلامي في البلدة القديمة بالقدس

تستعد قوات الأمن لتجدد محتمل للعنف يوم الخميس، حيث من المقرر أن يتم إجراء مسيرة مثيرة للجدل تمر عبر الحي الإسلامي في البلادة القديمة بالقدس وسط توترات متصاعدة وتهديدات من فصائل فلسطينية وضغوطات من حلفاء أجانب لتغيير مسار المسيرة.

ومن المتوقع أن يسير عشرات الآلاف من اليهود الإسرائيليين في جميع أنحاء العاصمة ملوحين بالأعلام الإسرائيلية، بما في ذلك في الحي الإسلامي. يأتي الحدث بعد أقل من أسبوع من توصل إسرائيل وحركة “الجهاد الإسلامي” في غزة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد خمسة أيام من الصراع الدامي.

ويتوقع أن يتم نشر أكثر من 3000 شرطي في المدينة لتأمين “مسيرة الأعلام” التي تُنظم للاحتفال بـ”يوم القدس”، ومن المتوقع أن تجتذب عشرات الآلاف من القوميين الأرثوذكس اليهود.

تحتفل المسيرة السنوية التي تسير إلى الحائط الغربي بتوحيد إسرائيل للمدينة بشطريها الشرقي والغربي خلال حرب “الأيام الستة” في عام 1967، لكنها اكتسبت سمعة سيئة على مر السنين، حيث يشوبها عادة خطاب كراهية وأحيانا عنف من قبل المشاركين اليهود تجاه الفلسطينيين.

ومن المقرر أن يشارك في المسيرة عدد من أعضاء المجلس الوزاري في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من ضمنهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزيرة المواصلات ميري ريغيف، ووزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاوف، ووزير القدس الحريدي مئير بوروش.

وتأتي مسيرة هذا العام على خلفية القتال المطول الأسبوع الماضي بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في غزة، والذي شهد إطلاق ما يقرب من 1500 صاروخ على إسرائيل ومئات الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف في القطاع، مما يزيد من الأجواء المشحونة.

إطلاق صواريخ من قبل ناشطين فلسطينيين من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، في غزة، 13 مايو، 2023. (AP Photo / Hatem Moussa)

في عام 2021، أطلقت حركة “حماس” عدة صواريخ على القدس مع بداية المسيرة، مما أدى إلى اندلاع قتال عنيف استمر لأكثر من أسبوع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة.

يعتقد المسؤولون أن احتمالات إطلاق الصواريخ هذه المرة ضئيلة، حسبما أفادت أخبار القناة 13، لكن بطاريات “القبة الحديدية” المضادة للصواريخ ستظل في وضع استعداد.

بحسب هيئة البث الإسرائيلية “كان”، حذرت إسرائيل حماس بأنها سترد على أي إطلاق للصواريخ.

وقال التقرير إنه بينما يعتقد مسؤولون أمنيون أن المسيرة نفسها لن تؤدي إلى هجمات صاروخية، فإن توثيق عنف ضد الفلسطينيين أو استفزازات أخرى بالفيديو قد يؤدي إلى إطلاق صواريخ من غزة.

في غضون ذلك، قالت ما تُسمى بوحدة البالونات في غزة التي كانت مسؤولة عن إطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة إلى إسرائيل في الماضي، ويُعتقد أنها مرتبطة بحركة حماس أنها ستستأنف أنشطتها يوم الخميس.

وبدأت الزيارات اليهودية إلى الحرم القدسي صباح الخميس، لتضبط نغمة هذا اليوم المتوتر. ودخل مئات اليهود الموقع المقدس، من ضمنهم فاسرلاوف وهو وزير من حزب “عوتسما يهوديت” اليميني المتطرف الذي يترأسه بن غفير وزوجة بن غفير، أيالا.

وأفادت صحيفة “هآرتس” بأن بعض نشطاء اليمين يخططون لمحاولة الوصول إلى الحرم القدسي مع أعلام إسرائيلية على الرغم من أن الشرطة قالت إنها لن تسمح للمشاركين في المسيرة بالوصول إلى المنطقة. الموقع، الذي يطلق عليه اليهود اسم “جبل الهيكل”، هو الأقدس في اليهودية باعتباره موقع الهيكلين التوراتيين، ويضم المسجد الأقصى، ثالث أقدس المواقع في الإسلام، مما يحول المنطقة إلى بؤرة توتر رئيسية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

زوار يهود يسيرون تحت حماية قوات الأمن الإسرائيلية في الحرم القدسي، 9 أبريل، 2023. (Ahmad Gharabli / AFP)

وذكرت وسائل الإعلام العبرية أن المسؤولين الأمنيين يعملون لمحاولة فصل التصور العام للزيارات إلى الموقع الحساس عن “مسيرة الأعلام” في وقت لاحق من اليوم، لا سيما إذا قرر بن غفير زيارة الموقع.

بحسب تقارير، فقد تم استبعاد بن غفير من العديد من المناقشات الأمنية رفيعة المستوى قبل المسيرة، على الرغم من توليه الحقيبة الوزارية المسؤولة عن الشرطة.

وقال المفوض العام للشرطة كوبي شبتاي في مقابلة بُثت الأربعاء إن “انهيارا للثقة” حدث في علاقته مع زعيم عوتسما يهوديت.

في العام الماضي، منعت أجهزة الأمن عضو الكنيست آنذاك بن غفير من الوصول إلى مدخل باب العامود في البلدة القديمة، وهو موقع صدامات متكررة بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في الحي الإسلامي.

إيتمار بن غفير خلال “مسيرة الأعلام” عند باب العامود في البلدة القديمة بالقدس، 15 يونيو، 2021. (Olivier Fitoussi / Flash90)

سيبدأ المشاركون في مسيرة الأعلام بالتجمع حوالي الساعة الواحدة ظهرا. وسيختتم الحدث في الساعة 5 مساء عند الحائط الغربي. سيتم إغلاق عدد من الشوارع في العاصمة طوال اليوم.

حثت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إسرائيل على تغيير مسار المسيرة بحيث يمر المشاركون عبر باب الخليل في البلدة القديمة، بدلا من باب العامود، وبالتالي تجنب الحي الإسلامي، الذي تسكنه أغلبية فلسطينية.

لكن نتنياهو تعهد بألا يتم تغيير مسار المسيرة.

وأفادت القناة 12 يوم الأربعاء أن حركة حماس تشن حملة تحريض منسقة قبل المسيرة المثيرة للجدل.

تدعو الحملة الفلسطينيين إلى تنفيذ هجمات ومواجهة قوات الأمن الإسرائيلية، وفقا للتقرير.

وحذر مفوض الشرطة شبتاي من تحريض الفصائل الفلسطينية.

وقال شبتاي الأربعاء: “منذ عدة أيام، تقوم عناصر إرهابية مدفوعة من إيران عبر حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي بنشر معلومات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن مسار مسيرة الأعلام… في عاصمة إسرائيل، القدس”.

وأضاف أن “هدف تلك العناصر الإرهابية واضح وهو إثارة تحريض جامح على الإرهاب ضد آلاف الإسرائيليين الذين سيأتون للاحتفال بيوم القدس في عدد من الأحداث”.

مفوض الشرطة كوبي شبتاي يتحدث خلال مؤتمر صحفي في تل أبيب، 11 مارس، 2023. (Avshalom Sassoni / Flash90)

هناك مخاوف أيضا من انتشار أي عنف محتمل ووصوله إلى ما تُسمى بـ”المدن المختلطة” التي تضم عدا كبيرا من السكان اليهود والعرب. ولقد شهد عدد من هذه المدن أعمال شغب واشتباكات بين العرب واليهود في مايو 2021 عندما اندلع القتال بين إسرائيل وحماس.

وبحسب القناة 13، تم إبعاد 35 شخصا عن مدينة القدس قبيل المسيرة. ولم يكن هناك مزيد من التوضيح حول عدد الإسرائيليين اليهود منهم وعدد الفلسطينيين، أو بماذا تتهمهم السلطات، أو الآلية القانونية التي تم استخدامها.

يرتبط اسم “مسيرة الأعلام” منذ فترة طويلة بالصهيونية المتدينة، وهي حركة ترى أنه لا بد من ناحية دينية إبقاء أرض إسرائيل تحت السيادة اليهودية. يستغل القوميون المتطرفون المسيرة لاستعداء السكان العرب، ويعتبر سكان القدس الشرقية العرب المسيرة استفزازا.

المشاركون في “مسيرة الأعلام” بالقرب من البلدة القديمة في القدس، 10 مايو، 2021. (Nati Shohat / Flash90)

توقيت المسيرة هذا العام حساس بشكل خاص في ضوء وقف إطلاق النار الجديد بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي المدعومة من إيران منذ مساء السبت. أنهى وقف إطلاق النار أياما من القتال، وبحسب ما ورد هددت الحركة بإطالة أمد الصراع لتعطيل مسيرة “يوم القدس”.

في مايو 2021، وافق نتنياهو على تغيير مسار مسيرة الأعلام، لكنه انتظر حتى الساعات الأخيرة لاتخاذ القرار، مما سمح بتراكم التهديدات ضد إسرائيل من حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى في غضون ذلك.

على الرغم من القرار، أطلقت حماس وابلا من الصواريخ على القدس خلال سير المسيرة بعد تغيير مسارها. بعد ذلك بوقت قصير، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية “حارس الأسوار” في غزة، والتي استمرت 11 يوما.

سيارة شرطة تحترق في مدينة اللد بوسط إسرائيل خلال أعمال شغب في 12 مايو، 2021. (Yossi Aloni / Flash90)

في العام التالي، تعرض رئيس الوزراء آنذاك، نفتالي بينيت، لضغط مماثل من الولايات المتحدة ، لكنه قرر في النهاية السماح للمسيرة بالمضي قدما في مسارها الأصلي مما أدى إلى المشاهد التي أثارت انتقادات في العالم حيث ظهر المشاركون وهم يغنون “فلتحترق قريتكم” ويرقصون من أمام باب العامود.

ومع ذلك، تجنبت الفصائل الفلسطينية إلى حد كبير الرد بال التي ردت عليها في العام السابق.

ساهم في هذا التقرير جيكوب ماغيد وجيريمي شارون وكاري كيلرلين.