منوعات

التدبير المفوض ،من المسؤول ومن الضحية ؟

التدبير المفوض  ،من المسؤول ومن الضحية ؟
التدبير المفوض  ،من المسؤول ومن الضحية ؟

الباحث : رضوان بوسنينة المغرب خاص بـ ” ”

ان إزدياد عدد السكان وارتفاع مستوى المعيشة والتقدم الصناعي والفلاحي زاد من كمية النفايات بشكل مهول، كما ان عدم اتباع الطرق الملائمة في جمع ونقل ومعالجة النفايات الصلبة يزيد الوضع تأزما واستفحالا من خلال تلويث الفرشة المائية واستنزاف الموارد الطبيعية. فضلا عن مختلف الأضرار المباشر على البيئة البشرية عامة.
وبات ملحا البحث عن مقاربات مستدامة تدير قطاع النفايات ، تستلهم تجارب ناجحة وتروم نهج تدابير علمية، وكذا تسترشد مساعيها من قبل متخصصين في مجالات البيئة والعلوم الاجتماعية والاقتصادية. وخلق التدبير المفوض او المباشر تجاذبات بين محبذ ورافض، كل طرف ينطلق من تصورات مختلفة تستهدف حفظ الصحة والسلامة العامة، وتنشد بلوغ آفاق التنمية المستدامة مع ترشيد النفقات الغير المبررة.
وتضم الترسانة القانونية البيئية بالمغرب قانون رقم 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها،و يهدف إلى وقاية صحة الإنسان والوحيش والنبات والمياه والهواء والتربة والأنظمة البيئية والمواقع والمناظر الطبيعية والبيئة بصفة عامة، من الآثار الضارة للنفايات وحمايتها منها.
كما يرمي إلى تعريف النفايات وتصنيفها و تنظيم عمليات جمع النفايات وتثمينها ونقلها وتخزينها ومعالجتها والتخلص منها بطريقة عقلانية من الناحية الإيكولوجية من خلال مرسوم يتعلق بتدبير النفايات الطبية والصيدلية و مرسوم تحدد بموجبه المساطر الإدارية والمواصفات التقنية المطبقة على المطارح المراقبة. ثم مرسوم يتعلق بجمع بعض الزيوت المستعملة ونقلها ومعالجتها  ، وكذا مرسوم تحدد بموجبه المواصفات التقنية المتعلقة بالتخلص من النفايات وطرق تثمينها بالإحراق .هذا فضلا عن  اعتماد التخطيط على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي في مجال تدبير النفايات والتخلص منها. وبات للنفايات دور مهم في خلق مصدر للدخل وإمكانية الاستفادة وذلك من خلال إنشاء مصانع للمعالجة والتسويق معتمدة على النفايات كمواد.
ان التدبير المستدام للنفايات الصلبة وسبل تغيير طريقة التعامل مع القطاع، وإمكانات استثمار النفايات وتثمينها بشكل سليم ، مع تبني استراتيجيات رشيدة تتغيى أسس التنمية المستدامة ، وذلك في سياق أجندة 21 والتي توصي بتقليص إنتاج النفايات في المصدر، والتدوير والاسترجاع والمعالجة التي يتعين أن  تتم في إطار يحترم البيئة، ثم الرفع من نسب التغطية في مجال الخدمات المرتبطة بالنفايات، مما يستوجب تدبير النفايات في إطار نظام مندمج ومستدام  و تشخيص الوضعية الراهنة لتدبير النفايات الصلبة بالمغرب ، بالتطرق الى  خصائص الإنتاج للنفايات على الصعيد الوطني، وآفاق تطوير تدبير المجال عبر مراجعة وتحيين البرنامج الوطني للنفايات، واعتماد منظومات جمع وتثمين النفايات، و تعزيز التعاون بين الجماعات  ووضع أنظمة لمراقبة وتتبع  تدبير النفايات الصلبة ثم التحفيز على إحداث شركات التنمية المحلية أو مجموعات الجماعات الترابية للقيام بهذه المهام في إطار تشاركي. فضلا عن تأهيل الإطار التشريعي والمؤسساتي والتدبيري وإقامة المنشئات اللازمة للتدبير المستدام من خلال مراكز التحويل ومحطات الفرز والتثمين وتكوين المنتخبين والموظفين الجماعيين، كما يتطلب اعتماد استراتيجيات إدارة النفايات تقوم على أساس تعزيز آليات الشراكة والتعاون بين مختلف المتدخلين  من القطاع العام والخاص والمجتمع المدني والقطاع غير المهيكل. وتقوية وتحديث آليات المراقبة وتتبع تنفيذ عقود التدبير المفوض للشركات التي تتولى تدبير هذا القطاع.
البدائل الممكنة لضمان التدبير الناجع لقطاع النظافة  
وفي إطار تكامل العروض للخروج برؤية شمولية تقاسم تجربة الإنتاج المشترك للنظافة، والأعمال والعمليات المنجزة في إطار مشروع الإنتاج المشترك للنظافة من قبيل التحسيس والتكوين والتربية وتغيير السلوكات اتجاه النفايات الصلبة. ومجالات التدخل بالأخص في الأحياء والمؤسسات التعليمية المجاورة لها. والمقاربات المعتمدة لتنزيل المشروع الإنتاج المشترك للنظافة والتي تستحضر البعد التربوي والاجتماعي والحقوقي والتقني. والنتائج المحققة بعد تنزيل مشروع الإنتاج المشارك للنظافة والمتمثلة في إرساء سلسلة الفرز والتثمين وخلق فرص الشغل الخضراء. والتفكير سويا في كيفية تنزيل المقاربة  والقائمة على أساس الانتقاء والتعاقد وتشخيص الحاجيات ثم  التحسيس والتأطيرو التجهيز والتقاسم وبناء العلاقات والقيم.واعتماد نموذج آخر يروم إحداث تعاونيات خاصة بجمع النفايات المنزلية بعدد من المدن بالنظر لقدرتها على إحداث التغيير واستغلالها اقتصاديا واجتماعيا وماليا . واقتراح صيغة العمل تجمع بشكل تشاركي بين التعاونيات من جهة  ، التي قد تكون مسؤولة عن التسيير والإدارة والتوعية والجمع والفرز والتسويق ، ومن جهة ثانية الجماعات التي يعهد لها  توفير العقار وتفعيل الشرطة الإدارية وتخصيص منحة الإقلاع والرقابة والتتبع..
كما ان نمط تدبير مرفق النظافة وبروز “شركات التنمية المحلية كمقاربة لتجويد تدبير مرفق النظافة”، متناولا الرهانات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المراد تحقيقها من خلال اعتماد نمط التدبير عبر شركات التنمية المحلية. والقوانين المؤطرة لها. ووضعية تأسيس وتسيير شركات التنمية المحلية كأسلوب جديد لتدبير المرافق العمومية المحلية.
ومختلف الفرص التي قد تحملها تجربة تدبير الخدمات العمومية عبر آلية شركات التنمية المحلية. والتأكيد على إمكانية ترسيخ الحكامة الجيدة باعتمادها من خلال استحضار مرونة قواعد القانون الخاص والمتمثل في المرونة في توظيف الموارد البشرية والحرية في إبرام الصفقات العمومية والسرعة في اتخاذ القرارات وتطبيق مبادئ التسويق والحيلولة دون الخضوع لقواعد المحاسبة العمومية ومتطلبات تدبير المرافق العمومية من خلال احترام مبدأي المساواة والاستمرارية واحترام برنامج عمل الجماعة ووثائق التعمير ورقابة المجلس الجماعي وتعيين ممثل الجماعة في مجلس الإدارة.
 تنمية الحس البيئي في مجال تدبير النفايات
ان  التأكيد على أهمية توفير بيئة مدرسية نظيفة أما الدور الريادي التي تلعبه المؤسسات التعليمية في مجال التربية والتوعية البيئية من خلال تكوين أندية بيئية وتأهيل التلاميذ وإشراكهم في الأنشطة البيئية وتحفيزهم وآفاق تنمية الحس البيئي من خلال تأسيس أندية جديدة وتنظيم زيارات الأندية البيئية للمصانع وإنشاء مرصد محلي يهتم بالبيئة.
كما ان جل التقارير المنشورة من قبل المؤسسات الدستورية  تعتبر تجربة التدبير المفوض “فاشلة” بالمغرب، بل حتى الهيئات الرسمية باتت مقتنعة بأزمة تسيير المرافق العمومية من قبل الخواص، ما جعل كثيراً من الخبراء الاقتصاديين يطالبون بالتخلي عن هذا الخيار الذي نهجته الدولة في سياق الأزمة المالية التي عرفتها في سبعينات القرن الماضي.
ودفعت المديونية العمومية المتضخمة، المترتبة عن اختلال تدبير الدولة للمؤسسات العمومية، إلى اعتماد سياسات التقويم الهيكلي التي حثّت على خوصصة تلك المؤسسات، تكريساً لتوصيات الهيئات المالية الدولية التي شجعت آنذاك على اقتصاد السوق.
وبعد مضيّ عقود على تفويت مجموعة من القطاعات الحيوية لشركات خاصة، لا سيما ما يتعلق بخدمات التطهير والنظافة، فضلا عن التزود بالماء والكهرباء، أصبح الرأي العام الوطني يطرح تساؤلات عدة بخصوص مدى نجاعة التدبير المفوض في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمرتفقين.
كما ان التساقطات المطرية الأخيرة جعلت جزءا كبيرا من المواطنين المغاربة يقتنعون بفشل” التجربة، اعتباراً لعدم احترام الشركات المعنية لدفاتر التحملات المحددة للجوانب الاستثمارية، وامتداد العقود المبرمة لسنوات طويلة؛ ففي مجال النقل على سبيل المثال، تصل تلك العقود إلى عشر سنوات، فيما يتقادم أسطول الشركات بعد مرور خمس سنوات فقط من اشتغالها.
وقال عمر الكتاني، خبير دولي في المجال الاقتصادي، إن “المسؤولين المغاربة تحكُمهم عقدة النقص حيال الشركات الأجنبية، فرغم الاتفاق على دفاتر التحملات التي تحدد العلاقة بين الطرفين، غير أنه لا تتم متابعتها في حال الإخلال ببنوده”.
وشدد الخبير الاقتصادي على أن “طريقة تدبير شركات التدبير المفوض للمرفق العمومي تختلف ما بين الرباط والدار البيضاء، نظرا لتخوّفها من السلطة العليا في العاصمة”، مبرزاً أن “إشكاليات الرقابة والمتابعة والمحاسبة ما زالت مطروحة بشدة في المجال التدبيري بالمغرب”.
وبالإضافة إلى الانتقادات الموجهة إلى الجهات الوزارية من جهة، وشركات التدبير المفوض من جهة ثانية، فإن الجمعيات المدنية، ومعها المواطنين، تتحمل قسطا من المسؤولية أيضا، بفعل “ضعف” الترافع الميداني تجاه القضايا التي تهمّ التدبير العمومي لمرافق الدولة.
وفي هذا الصدد، شرح الكتاني بأن “الضغط الاجتماعي ليس حاضرا بالشكل المطلوب، ما يسلط الضوء على غياب المسؤولية الذاتية كذلك في المجتمع، بفعل ضعف روح التعاون والمبادرة”، مؤكداً أن “الدولة بنفسها تريد تأميم العمل الاجتماعي، ما أدى إلى إضعاف ثقافة المبادرة عند المواطن”.
وخلص الخبير الاقتصادي إلى أن “الكوارث تفضح سوء التسيير العمومي بالمغرب، لكن لا يتم تحميل أي شخص مسؤولية ما يقع، سواء بتقديم استقالة أو متابعة قانونية، وهو ما نلمسه في عدم فتح تحقيق رسمي بشأن ما حدث في مدينة الدار البيضاء رغم المليارات التي صُرفت على الشركة”.
وإن المتتبع للشأن العام المحلي وخصوصا فيما يتعلق بملف تدبير مرفق النظافة، ليرى ويلاحظ هذا التردي الكبير نتيجة لفشل استراتيجية تدبير هذا المرفق المهم وفي التحديات التي يواجهها أثناء اعتماده طريقة التدبير المفوض، فشركة ((تيكميد)) لم تتحمل  مسؤوليتها ولا الوفاء بالتزاماتها وسط سخط واحتجاج الساكنة وكذا مجموعة من الفاعلين الجمعويين والمحليين،  بتجاوزات جعلت المدينة غارقة في  بؤر من النفايات والأزبال وبخدمات اتسمت باللاجودة خارقة مضامين العقد وما اتفق عليه في  دفتر التحملات، وبمطرح عمومي لا تتوفر فيه أدنى الشروط والمواصفات التي يجب أن يكون عليه، والضرر الذي يسببه للساكنة والبيئة عبر المعالجة الغير السليمة  إما بالحرق (وهذا ما  يتسبب عنه انبعاث الأدخنة السامة ويؤثر على صحة المواطنين) أو طمر لتلك الأزبال دون اتخاذ الإجراءات الكفيلة لمنع تسرب المخلفات السائلة (وهذا ما يؤثر على التربة والفرشات المائية) وهنا السؤال أين محل الحكامة البيئية في عقد تدبير مرفق النظافة؟.
إلا أن مايثار الجدل حوله بشكل أكبر، هو عدم تغريم هذه الشركة و محاسبتها ، مما جعلنا أمام استفسارات عديدة :
       من هو المسؤول عن متابعة هذه العقود في الجماعات الترابية؟
    من هي الجهة المختصة المسؤولة بالفصل في مثل هذه الحالات؟ ولماذا لم تتدخل؟
    ما محل سلطات الوصاية ؟ والمجتمع المدني؟
وكل هذه الاستفسارات تبقى دون جواب شاف، مادام أن ما يوجد على أرض الواقع من تجاوزات واختلالات في تدبير مرفق النظافة  يتنافى مع ما هو موجود في القانون والأوراق المسطرية، باعتبار أن العقلية التقليدية في ممارسة سلطة  اتخاذ القرار مازالت مستمرة على نهجها  داخل المجالس التداولية للجماعات الترابية بعيدا عن المفهوم الجديد لممارسة السلطة ومضامين ما جاء  به دستور 2011 ، مما ينتج عنه غياب تفعيل المقاربة التشاركية  بين الفاعلين المحليين ، والتي تعد (المقاربة ) كحل لتحمل مسؤولية تدبير الشأن العام الترابي (المحلي).
وقد تحدث المشرع مباشرة في إطار دستور2011  من بابه الثاني عشر، باب الحكامة الجيدة، عن مجموعة من المعايير التي يجب أن تؤطر تدبير المرافق العمومية، وفي هذا الصدد ينص الفصل 154 منه في فقرته الثانية أنه : ((تخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور)).
 وتعتبر هذه المعايير والمبادئ آلية تحدد الإطار العام للمرفق العمومي وعناصر عقد التدبير المفوض قبل مرحلة التنفيذ وبعده، بداية بطرح الصفقة العمومية وانتهاء بمدة العقد، وباستفادة المواطنين لخدمات هذا المرفق، بكل شفافية ودقة دون الالتفاف وراء مسميات قانونية قابلة للتأويل على أكثر من رأي.
أما كرؤية جديدة لمشروع عقد التدبير المفوض  للجماعة في مرفق النظافة،  يمكن أن تقدم مجموعة من الاشتراطات القانونية والتقنية البارزة في العقد وذلك بتحديد:
 ـ موضوع التدبير المفوض: جمع النفايات المنزلية أو المماثلة لها( النفايات ذات الحجم الكبير فضلا عن نقل النفايات التي تم جمعها إلى المطرح العمومي، التنظيف اليدوي و الميكانيكي للشوارع…، وقنوات مياه الأمطار والشواطئ، والتجهيزات الحضرية…
 ـ مدته التي تصل إلى 7 سنوات مع إمكانية التمديد مرة واحدة بمبادرة من السلطة المفوضة لمدة إضافية مماثلة وفقا لمقتضيات المادة 13 للقانون 05ــ 54 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية.
فهل طريقة التدبير المفوض هاته ، تشكل العرض الأنسب والأفضل وللتحديات التي يطرحها مرفق النظافة والإكراهات التي يواجهها أولا من الشركات التي يتعاقد معها وثانيا من المعيقات الكبرى التي تعتبر تحديا لهذه الشركة أثناء خدمتها لهذا المرفق خصوصا ما تعلق بملاءمة الواقع لدفتر التحملات.
 ـ إلتزامات المفوض له : بأن يضمن أنه قادر على تقديم الخدمات الموصوفة بكيفية مهنية كما هو محدد في الاتفاقية وملحقاتها بما فيها دفتر التحملات، مع تحمله للأخطار والمخاطر واحترام المقتضيات التشريعية والتنظيمية ومعرفة الأماكن وصعوبة الخدمة والالتزام بالتأمين.
جمع وإخلاء النفايات المنزلية وصيانة وغسل الحاويات و جمع النفايات ذات الحجم الكبير والحطام وسيتم الجمع يوميا من الساعة 8 ليلا إلى 7 صباحا، باستثناء يوم فاتح ماي ستكون الخدمة محدودة، كما يمكن اعتماد التوقيت حسب المناطق والمناسبات.
ـ وسائل وآليات الاستغلال:
*استعمال وسائل و آليات جديدة تؤمن كميا ونوعيا كل الاحتياجات الضرورية لاستغلال مرافق المفوض له.
*الحفاظ على الاليات في حالة عمل جيدة وكذا صيانتها الدائمة و إصلاحها.
*إقامة نظام إدارة الأسطول بواسطة GPS
 ـ أجرة المفوض له:
 تبقى هذه النقطة غير واضحة نظرا لغياب الوسائل التي ستمكن الجماعة من تتبع الكمية المنقولة بالطن من جمع و إخلاء للنفايات المنزلية أو المماثلة لها، والحطام والنفايات ذات الحجم الكبير في المطرح العمومي مع وجود سعر ثابت يومي لباقي الخدمات ( كالتنظيف اليدوي والميكانيكي للشوارع وللأرصفة والأسواق وقنوات مياه الأمطار وغيرها ، تنظيف الشواطئ و إخلاء النفايات في المطرح العمومي)
فتحتسب أجرة المفوض له شهريا على أساس الوثائق المقدمة، موقعة من الطرفين، والذي يؤدي إلى دفع الكشوفات الشهرية .
 ـ تتبع ومراقبة التدبير المفوض:
* تتوفر السلطة المفوضة تجاه المفوض له على حق المراقبة العامة (التقنية، المالية، التسييرية…) بهدف تقييم مدى احترام المفوض له لالتزاماته برسم العقد.
*المفوض له يلتزم بتسليم السلطة المفوضة كل الوثائق المحاسبية و التقنية وغيرها وأن يمكنها من التعرف، وفي عين المكان، على كل المستندات والمحررات المتعلقة بالمرفق المفوض.
*الغرامات:
ـ كل مخالفة لهذا العقد تؤدي إلى تطبيق غرامة تقدر قيمتها حسب البيان المحدد في العقد.
ـ وفي حالة عدم إنجاز الخدمة كليا أو جزئيا في منطقة معينة لأسباب تعود للمفوض له، ما عدا في الحالات الاستثنائية التي تجعل الخدمة مستحيلة فإن المفوض له يصبح ملزما بأداء غرامة يومية للسلطة المفوضة محددة حسب نوعية المخالفة.
ـ لا تطبق الغرامات المحددة على المفوض له خلال مدة 3 أشهر ابتدءا من دخول العقد حيز التنفيذ.
وعليه فإن الإشكال الأساسي  الذي يطرح نفسه بنفسه هو من يتحمل مسؤولية تتبع ومراقبة إلتزام الشركة المفوض لها بتدبير مرفق النظافة بالمدينة؟
 هل هو رئيس المجلس الجماعي الذي له صفة رئيس الشرطة الإدارية الجماعية ، أم لجنة التتبع المكونة مناصفة من حيث العدد بين السلطة المفوضة و المفوض له، إضافة للسلطة المحلية كوصاية مواكبة، أو المصلحة الدائمة للمراقبة المعينة من قبل السلطة المفوضة عند دخول عقد التدبير حيز التنفيذ ، أوفي حالة تفويض السلطة المفوضة لأشخاص ذاتيين أو معنويين تفويضا كليا أو جزئيا لممارسة مراقبتها ، أو عند الاستعانة بأي شخص أو مستشار أو خبير من اختيارها.
هنا نكون أمام ضبابية في من سيتحمل مسؤولية المراقبة في حالة تقصير المفوض له (الشركة) بالتزاماته ، نظرا لتعدد المتدخلين.
وإن تحديد واقع التدبير المفوض يقتضي منا التوفر على مجموعة من العناصر التي تتدخل في التأثير على هذا الواقع، وفهم هذا الواقع يقتضي الوقوف على التدبير المفوض كطريقة من طرق تسيير المرافق العمومية، وكشكل من أشكال تسيير عدة قطاعات بواسطة شركات خاصة، وفق ضوابط منصوص عليها في القانون، وقد تم اقتباس هذه الطريقة من النظام الفرنسي الذي عرفها منذ الثمانينيات، أما بالنسبة للمغرب، فقد تم تفويت عدة قطاعات عمومية، خصوصا في أواخر التسعينيات، حيث تم التركيز في هذه الفترة على إعداد تصور بعض المقتضيات وبعض الضوابط التي يمكن أن تكون متضمنة في بنود دفاتر التحملات.
وفي هذا السياق، أحدثت لجنة وزارية في سنة 1998، ومنذ تلك الفترة، عملت على إعداد تصورات لكيفية الاشتغال بهذه الطريقة، واستمرت حتى حدود سنة 2005، أي قبل صدور قانون 54/ 05، بحيث كان يعتمد، على مستوى تدبير المرافق العامة، وفق طريقة التدبير المفوض، على دفاتر التحملات التي أنجزت من قبل وزارة الداخلية باعتبارها الوزارة الوصية على الجماعات الترابية.
صدور قانون 54/05، جاء للإجابة على مجموعة من الإشكالات الأساسية التي تتعلق بتدبير هذا المرفق، خصوصا في ما يتعلق بتحديد وتعريف عقد التدبير المفوض، والإشارة إلى مجموعة من المقتضيات وتحديد المقتضيات المتعلقة بالتوازن المالي وتحديد مجالات اشتغال الأشخاص الذين سيفوض لهم المرفق. بالإضافة إلى تحديد ما يتعلق بالمراقبة الداخلية التي يتضمنها هذا القانون، فهذه المعطيات كلها أساسية ومهمة، ولم تكن منظمة بقانون، بل إن دفاتر التحملات لم تكن تتضمن مختلف المقتضيات التي جاءت في قانون 54 /05.
فمنذ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، يمكن لنا أن نقف على هذه التجربة التي اعتبرها البعض لم تحقق الأهداف المتوخاة، وبالتالي فإن هذا الأمر يجعلنا نقف على مجموعة من الثغرات ومجموعة من الإفرازات والملاحظات التي تم تسجيلها بخصوص هذه التجربة، ويجعلنا نتساءل إلى أي حد استطاعت هذه التجربة أن تجيب على مجموعة من الاختلالات التي عرفتها التجارب السابقة على هذه الطريق، وأذكر على سبيل المثال تجربة الوكالات.
وللإجابة على هذا التساؤل، لابد من الوقوف على الجوانب الإيجابية لهذه التجربة، والتي تتجلى على الأقل في تقنين هذا المجال، وجعل هذه الشركات تشتغل وتحقق مجموعة من الأهداف، كما أنه لا يمكن أن ننظر فقط إلى الجانب السلبي، وإنما هناك جانب إيجابي يتمثل في مستوى الخدمات وجودتها، لكن في مقابل ذلك، هناك عدة اختلالات شابت تطبيق هذا القانون. وأمام هذا الوضع، وبعد مرور ما يقارب عشر سنوات على دخول القانون حيز التنفيذ، فإن الأمر يتطلب التدخل من أجل تقييم النتائج وطرح مقترحات لتعديله، خصوصا أن التجربة أثبتت قصورها، وذلك انطلاقا من العديد من المشاكل التي عرفتها بعض المرافق العمومية الجماعية، خصوصا مرفق النظافة ومرفق النقل الحضري.
فالفشل الذي وصلت إليه بعض الشركات التي تسير بعض القطاعات الحساسة والحيوية كقطاع النظافة أو قطاع الماء والكهرباء بواسطة التدبير المفوض، يرجع في غالبيته إلى عدم احترام الالتزامات التعاقدية وعدم تطبيق المراقبة الكافية من طرف المؤسسات المفوضة، وكذا يرجع إلى غياب المحاسبة وإلى عدم تطبيق عناصر الحكامة.
وهذا التحليل الذي طرحناه، نجد فيه غيابا حقيقيا لمبادئ الحكامة، فمثلا حينما يقع إشكال كبير سواء على مستوى شركات النظافة أو شركات النقل الحضاري، ولا تستطيع هذه الشركة المفوض لها تطبيق مضامين دفاتر التحملات، نجدها تطالب المجالس إما بالزيادة في منحة إضافية قصد وفائها بأداء الخدمة، على أساس وجود خلل وانعدام التوازن المالي، وأنها لا يمكن لها أن تقوم بالمهمة المفوضة لها حتى تقوم الجماعة المفوضة بضخ منحة إضافية، وفي حالة عدم ضخ هذه المنحة، فإنها لن تقوم بتأدية الخدمة، وهذا ما لم يكن منصوصا عليه لا في دفتر التحملات ولا في العقد ولا في أي وثيقة ملحة بالعقد.
وهناك قانون ينظم الهياكل التنظيمية للتدبير المفوض، فالمجالس الجماعية لديها استقلال مالي وتتمتع بشخصية معنوية، بحيث لا يمكن لها أن تتحرك من طرف جهة ما، فالقانون هو الذي يحكمها، والجماعة حرة في إنهاء العقد مع الشركة المفوضة إذا تبين أنها لا تحترم العقود التي تم التوقيع عليها، في إطار احترام القانون وما يتضمنه العقد وما تنص عليه دفاتر التحملات.
إن وزارة الداخلية لا يمكن لها أن تصادق على أي عقد أو دفتر تحملات مخالف للقانون، وبالتالي فإن الجماعات الترابية ترتكب في العديد من الأحيان أخطاء على مستوى صياغة عقود التدبير المفوض ودفاتر التحملات لعدم استشارتها مع خبراء في هذا المجال، وإذا اتضح لهذه الجماعات أن وزارة الداخلية تعسفت في إحدى قراراتها ولم تصادق على إحدى دفاتر التحملات أو إحدى عقود التدبير المفوض، يمكنها أن تلتجئ إلى القضاء الإداري من أجل إلغاء هذا القرار، لكن في غالب الأحيان نجد رفض وزارة الداخلية وعدم مصادقتها على بعض العقود ودفاتر التحملات يكون منطقيا، وفي بعض الأحيان نجد أن هذه الجماعات تفتقر إلى الجرأة
. إلا أن قانون 11 دجنبر 2001 والمعروف بقانون ميرسيف هو أول قانون يعرف مفهوم تفويض المرفق العام كالتالي: تفويض المرفق العام هو عقد بمقتضاه يفوض الشخص المعنوي العام تسيير مرفق عام يكون تحت مسؤولية المفوض له عام أو خاص، يتقاضى رسوما من المنتفعين تكون لصيقة بنتائج استغلال المرفق.
أما في المغرب فقد ظهر بداية كممارسة تطبيقية قبل أن يظهر كقانون ، وذلك عندما قامت المجموعة الحضرية للدار البيضاء بإبرام عقد تدبير مفوض مع الشركة الفرنسية Lyonnaise des eaux ليونيز دي زو” بتاريخ 28/4/1997 وتتعلق بتكليف الشركة بتدبير قطاع توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل بولاية الدار البيضاء لمدة ثلاثين سنة، وفيما بعد صدر القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة، والذي عرف التدبير المفوض في المادة الثانية بأنه عقد يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام تدبير مرفق يتولى مسؤوليته إلى شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى المفوض إليه.
ولكن بعد تقييم مستوى اداء المفوض اليه في المرافق العامة المعهود ايه بتدبيرها والوقوف على مجموعة من الاختلالات أحال رئيس مجلس النواب على المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي بتاريخ 15 أبريل 2015 لإنجاز دراسة حول التدبير المفوض للمرافق العمومية المحلية خرج المجلس بعدة ملاحظات وتوصيات كان أهمها الدعوة إلى إعادة النظر في نموذج التدبير المفوض على أساس تعزيز التماسك الإجتماعي ، جاء في التقرير تملص الدولة من مسؤولياتها في تعزيز الحماية الإجتماعية في ظل هشاشة النظام القانوني وغياب النصوص التنظيمية للقانون 05.54 والرقابة المالية والإدارية لهذا النوع الخاص من المرافق الخاصة المحلية، وقد أشار التقرير إلى أن لجنة التتبع لا تمارس صلاحياتها القانونية في فحص عمليات الصفقات والمشاريع والعقود ، إضافة إلى وجود اختلالات في احترام دفتر التحملات مع طغيان منطق الربح في هذا النموذج الإقتصادي.وفي تقرير آخر مطول ورسمي اعتبر ”المجلس الأعلى للحسابات “ أن هذا النموذج ينطوي على مجموعة من السلبيات منها:
تعدد المتدخلين سوء التنسيق والحكامة ارتفاع كلفة التسيير تشتت المسؤوليات عدم استفادة الخبرة المحلية من التقنيات انعدام صيانة التجهيزات
كما أعاب التقرير على إغفال الإطار المؤسساتي والتعاقدي للمقتضيات الكفيلة بضمان الإنتقال السهل والسلس للمرفق العمومي المحلي.
هذه الاختلالات دعا المجلس الأعلى للحسابات للخروج بتوصيات لتجاوز هذا الخلل نورد بعضها في :
الرفع من الفعالية الإقتصادية تقوية التنافس وتحسين الأوضاع الإجتماعية للساكنة
التقنين والضبط والحكامة والتعاقد والتتبع والمراقبة المالية ضمان انتقال التكنولوجيا والخبرات والمهارات في العقود النموذجية حتى يتسنى للسلطة المفوضة الحفاظ على استمرارية الرأسمال غير المادي وتكوين منظومة تسمح لهذه السلطة باستقلالية دائمة بعد نهاية العقد.
فمجال صياغة نموذج التدبير المفوض رغم حداثته بالمغرب منذ سنة1997 ونحن في سنة 2022، فأكثر من عشرين سنة كافية لتقييم هذه التجربة الحمالة للاختلالات وتقييم العمل به وطرح الأسئلة في مدى ملائمته للحاجيات الضرورية المزمع الوصول إليها . .
* هل قدم التدبير المفوض للمرافق العامة اضافة نوعية و جسد النجاعة والجودة والفعالية للمرتفقين ؟
* هل تم الالتزام بإنجاز برنامج الاستثمار التعاقدي التقديري الأولي لمدة التدبير المفوض حسب كل قسم وكل مرفق مفوض ؟
* هل التزم الطرف المفوض له بأداء الإتاوات للسلطة المفوضة ؟
* هل تم تجاوز الاختلالات السابقة لبداية العمل بصيغة التدبير المفوض للمرافق العامة ؟
* هل يتم تطبيق الجزاءات المترتبة عن إخلال المفوض إليه بالتزاماته فيما يخص تغطية كافة المجال الترابي موضوع عقد التدبير المفوض؟
* هل يتم تحسين شروط اشتغال العمال المكلفين بخدمات النظافة واعتماد سياسة وقائية من المخاطر المهنية؟
* ان التدبير المفوض على المستوى النظري تم تقديمه على أنه يسمح بتوسيع وعصرنة الخدمات، وقد يوفر جودة أفضل في الخدمات المقدمة للمرتفقين، لكن أليست كلفته باهظة ؟
* ألم تستغل الشركات الموكول لها التدبير والأجنبية منها خاصة، افتقار الجماعات الترابية للتجربة والخبرة الكافية لمراقبة وتتبع المرافق المحلية؟
* ألم تتحول هده الشركات إلى أخطبوط يمتص خيرات البلاد والعباد، في غياب أية رقابة مواكبة تمارسها الدولة وهيئاتها؟
* هل التدبير المفوض قدر مقدر على المغاربة، لا مناص منه؟
* ألا يمكن التفكير مجددا في الوكالات المستقلة وشركات التنمية الاجتماعية…؟
* لماذا لم يتم التفكير في تأهيل الموارد البشرية للجماعات الترابية وتوفير هده الجودة وأفضل؟ أو على الأقل ضمان انتقال التكنولوجيا والخبرات والمهارات المعتمدة من طرف هده الشركات.