اخر الاخبار

المصالح وحدها تحكم العلاقات الأمريكية الإيرانية – عين الوطن


المصالح وحدها تحكم العلاقات الأمريكية الإيرانية

د. عبدالمجيد الجلاَّل
كما قلتُ أكثر من مرة ، بأنَّ طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة ، والجمهورية الإسلامية الإيرانية ، تحكمها المصالح ، ولها الأولوية في سُلم اهتمامات الجانبين، ولن يتورطا على الإطلاق ، في مواجهة عسكرية مفتوحة ، ولو في الأمد غير المنظور !
بل من غير المُستبعد ، اتفاق الدولتين ، على تسوية سياسية ، في قادم الأيام ، تُعالج الملف النووي ، وتضمن الحد الأدنى من مصالحهما ، دون النظر ، بطبيعة الحال ، إلى مصالح واحتياجات حلفائهما !
وجاءت الصفقة الأمريكية الإيرانية ، الأخيرة ، للتأكيد على كلامنا أعلاه ، وأنَّ المصالح وحدها ، هي دَيْدَن العلاقات الأمريكية الإيرانية ، إذ تمَّ إبرام صفقة السجناء ، بين الدولتين، جرى بموجبها ، الاتفاق على إطلاق سراح خمسة مُحتجزين أمريكيين من أصل إيراني ، من داخل السجون الإيرانية ، وكذلك ، إطلاق سراح خمسة إيرانيين من داخل السجون الأمريكية ، ولكن لن يتم إرجاع المسجونين الأمريكيين المُفرج عنهم ، إلى بلادهم ، بل سيتم وضعهم تحت الإقامة الجبرية في إيران، وهناك تفاهم شفهي على المسألة ، وقد يعودون إلى بلادهم في شهر سبتمبر القادم ، إذ قال مسؤول أمريكي بأنَّ المفاوضات لإطلاق سراحهم ما زالت جارية وهي حساسة ودقيقة !
كما جرى الاتفاق على رفع الحظر عن عائدات النفط الإيراني ، المجمدة في كوريا الجنوبية، وتُقدر بنحو ستة مليارات دولار !
بالمُناسبة ، كانت الولايات المتحدة ، تُصر على فرض قيود مشددة على آليات صرف المستحقات المالية الإيرانية ، في ضوء اعتبارات عديدة ، أبرزها المخاوف الأمريكية الشديدة نسبياً ، من انتقال هذه الأموال إلى الحرس الثوري ، أو توجيهها إلى دعم المليشيات الموالية لإيران في دول المنطقة ، ولكن يبدو أنَّ هذه المخاوف، قد تمَّ تجاوزها نسبياً ، بموجب هذه الصفقة !
من جهةٍ أخرى ، لعبت قطر وسلطنة عمان دور الوسيط ، بين الجانبين الأمريكي والإيراني ، ونجحتا في تذليل العقبات ، وإنجاز الاتفاق ، من خلال مفاوضات شاقة استمرت لشهور عدة !
على كل حالٍ ، الاتفاق على صفقة السجناء ، تخدم ، في المُحصلة النهائية ، توجهات إدارة الرئيس جو بايدن ، لمعالجة الضغوط المتواصلة ، من جانب عائلات السجناء ، وبعض القوى السياسية ، التي تتهم إدارته ، بالسعي إلى إبرام صفقة مع إيران ، حول الاتفاق النووي ، على حساب السجناء، وأنها لم تبذل من الجهود ما يمكن أن يساعد في ضمان إطلاق سراحهم .
أكثر من ذلك ، هذا الاتفاق مع إيران ، سوف يُعزز موقع الرئيس بايدن قبل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2024 ، فضلاً عن إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية أخرى ، ذات صلة بالاتفاق النووي ، قد تكون في اتفاق نووي جديد !

خلاصة القول : التخادم بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية ، مستمر ، والصفقات بينهما ، مُستمرة ، وكما يُقال لا مبادئ ثابتة في السياسة ، وإنما مصالح ، ومنافع ، تتغير بمرور الوقت ، وتضمن الحد الأدنى ، من الاحتياجات للدول والمجتمعات الإنسانية !