اخبار المغرب

حكيم بلعباس على رأس معهد مهن السينما

اسم مغربي بارز في مجال الإخراج السينمائي عُيّن على رأس “المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما” بالرباط، هو حكيم بلعباس، الذي انطلق في مهمته مطلع الأسبوع الجاري.

هذا المعهد الخاص بتكوين المتخصصين في المهن المرتبطة بالمجال المرئي والمتخصصين في مهن السينما اختير لقيادته، خلفا لعبد الرزاق الزاهر، بلعباس الذي أخرج أعمالا؛ أحدثها “لوكان يطيحو لحيوط” (2021)، وسبقتها أعمال: “عرق الشتا” (2016)، “ثقل الظل” (2015)، “محاولة فاشلة لتعريف الحب” (2012)، “شي غادي وشي جاي” (2011)، “أشلاء” (2010)، سلسلة “وجوه” (2009)، سلسلة “هذه الأيادي” أو “حرفة بوك حيت غلبوك” (2008)، “علاش ألبحر” (2006)، “خيط الروح” (2003)، “ثلاث ملائكة بأجنحة منكسرة” (2002)، “همسات” (2001)، “راعي وبندقية” (1998)، “دائما على استعداد” (1997)، “عش في القيض” (1996).

أحمد سيجلماسي، ناقد مغربي تؤرخ مؤلفاته للسينما المغربية وأعلامها، قال إن حكيما بلعباس “مخرج وكاتب سيناريو وموضب مغربي من مواليد أبي الجعد (بجعد) يوم 20 فبراير 1961. حاصل على إجازة في الأدب الإنجليزي والأمريكي من كلية الآداب بالرباط، درس السينما بليون (فرنسا) ثم بشيكاغو (الولايات المتحدة الأمريكية) حيث حصل من “كولومبيا كوليدج” على شهادة الماستر في الفنون الجميلة تخصص سينما. وكان يعيش بشيكاغو، حيث يشتغل كأستاذ للسينما بمدرسة للفنون بها”.

وأضاف: “يعتبر بلعباس من السينمائيين المغاربة القلائل الذين لهم بصمتهم الخاصة؛ فهو يمارس التجريب في أفلامه اعتمادا على الحدس بالأساس، إذ ينطلق من ذاته ويمزج بين الروائي والوثائقي، مكسرا بذلك الحدود الكلاسيكية للكتابة السينمائية (سيناريو، تقطيع تقني، تصوير…)، ويصنع أفلامه على طاولة المونطاج وليس انطلاقا من سيناريو جاهز”.

وأكد سيجلماسي أن بلعباس “يصعب تصنيف أفلامه، المعروفة بشكل خاص عند النخبة المثقفة سينمائيا، رغم بساطتها وعمقها الإنساني (السهل الممتنع)؛ فحكاياتها تتمحور حول البسطاء من الناس ويعتمد في تصوير لقطاتها ومشاهدها على أشخاص عاديين، خصوصا في أفلامه التي يطغى فيها الطابع الوثائقي؛ الشيء الذي يضفي عليها نفحات من التلقائية والعفوية ويجعل خطابها صادقا بدرجة كبيرة. كما يعتمد في أفلامه ذات المنحى الروائي على ممثلين غير محترفين إلى جانب ممثلين لهم تجارب معينة في المسرح والسينما والتلفزيون، “يتواطأ” معهم فنيا وإنسانيا ليترجموا بصدق وتلقائية، عبر تشخيصهم للأدوار المختلفة، جملة من الأحاسيس والمشاعر والمواقف الإنسانية النبيلة ويعكسوا بفنية عالية جوانب من معاناة الإنسان الأبدية وتساؤلاته المستمرة وقلقه الوجودي وتطلعاته لحياة أفضل”.

وذكر مؤلف كتاب “وجوه من المغرب السينمائي” أن بلعباس قد تشرب عشق السينما “من القاعة التي كان يملكها والده بمدينة “بجعد”؛ وذلك عبر مشاهدة عينات مختلفة من الأفلام التي كان عرضها سائدا بالسوق السينمائية المغربية في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بشكل خاص (…) كما اقترب من آليات وتقنيات العرض السينمائي وعلب الأفلام (من مقاس 35 ملم) وغير ذلك من خلال احتكاكه شبه اليومي بمشغل آلة العرض بقاعة والده”.

ثم استطرد المتحدث ذاته: “بعدما التحق بجامعة الرباط لدراسة الأدب الإنجليزي كان يراوده حلم التخصص في السينما مستقبلا، لممارسة الكتابة بالكاميرا والتوثيق بالصورة والصوت للحياة اليومية لأسرته الممتدة (…) أولا، ولجوانب من حياة الناس البسطاء والمهمشين وبعض عاداتهم وقيمهم وطقوسهم وممارساتهم الاجتماعية وغيرها التي أصبحت تندثر شيئا فشيئا بسبب التحولات الكبرى التي شهدها المجتمع المغربي والمجتمع البشري عموما في العقود الأخيرة”.

وتابع الناقد السينمائي المغربي مفصلا الحديث عن المسار الفني الذي سلكه المدير الجديد للمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما بالعاصمة الرباط قائلا: “هكذا، انطلقت تجربته في الإخراج منذ منتصف التسعينيات من القرن العشرين بأفلام قصيرة أولا، تلتها تباعا سلسلة من الأفلام الطويلة حاول من خلالها أن ينقل إلى شاشة السينما والتلفزيون جوانب من الحياة الحقيقية للناس بأسلوب سينمائي لا يخلو من شاعرية وروحانية، يتداخل فيه البعدان الروائي والوثائقي ويطغى أحدهما على الآخر بدرجات متفاوتة من فيلم إلى آخر”.

يذكر أن أفلام حكيم بلعباس وتجربته السينمائية قد حظيت باهتمام العديد من النقاد والدراسين الذين حرروا عنها مقالات ودراسات عديدة؛ من بينها كتابان جماعيان هما: “حكيم بلعباس.. مشروع سينما جديدة” (2014)، من إصدارات الجمعية المغربية لنقاد السينما، و”سينما حكيم بلعباس.. اللامفكر فيه وهوية الاختلاف” (2017)، من منشورات جمعية القبس للسينما والثقافة بالرشيدية.