اخبار المغرب

آيت بوفلن .. جماعة قروية تفقد الساكنة بسبب خصاص الماء والهشاشة

على الطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين شمال المغرب وجنوبه، وتحديدا على مستوى المقطع الرابط بين تزنيت وكلميم قرب منطقة لخصاص، تقع الجماعة القروية آيت بوفلن التابعة لإقليم كلميم وجهة وادنون.

لا صوت بآيت بوفلن يعلو على صوت العطش والتهميش والهشاشة التنموية، منذ عقود طويلة دون أي حلول تذكر من طرف الجهات المسؤولة، وهو الأمر الذي دفع فئة كبيرة من ساكنة البلدة إلى حزم أمتعتها والهجرة نحو مدن وجماعات ومجاورة بحثا عن ظروف عيش واستقرار أفضل.

سكان آيت بوفلن في تناقص مستمر، فعددهم كان لا يتجاوز 1309 وفق الإحصاء الرسمي للسكان والسكنى لسنة 2004، قبل أن ينخفض سنة 2014 إلى 1045 نسمة موزعة على 2011 أسرة. أما اليوم، وحسب تقديرات مهتمين بالشأن العام المحلي، فعدد القاطنين بالجماعة يتراوح بين 500 و600 نسمة فقط، وهي إحصائيات تنذر بتحول آيت بوفلن إلى بلدة شبه خالية من السكان خلال السنوات القادمة.

بوبكر أونغير، ابن منطقة آيت بوفلن، قال إن هذه الأخيرة من بين الجماعات القروية الفقيرة بإقليم كلميم، التي رغم موقعها الاستراتيجي كونها جماعة توجد على الطريق الوطنية رقم 1، فإن دورها التنموي تراجع بفعل تضافر عدة عوامل، خصوصا الجفاف المتكرر، الذي أدى إلى هجرة جماعية للساكنة أسفرت عن تحول مناطق ودواوير بالجماعة إلى مناطق مهجورة.

وأضاف أونغير، في تصريح لهسبريس، أن انعدام الفرشة المائية وقلة التساقطات وانحسار عائدات المهاجرين بالخارج، التي كانت العصب الحقيقي في الاقتصاد المحلي منذ عقود، كلها تراكمات أدت إلى وضعية تنموية كارثية تعيشها الجماعة رغم المجهودات المبذولة من طرف مجلس الجهة والسلطات الإقليمية في تدبير الأزمة التنموية بالجماعة.

وأشار المتحدث ذاته إلى أنه من الواجب أن يبادر كل المعنيين، من منتخبين وسلطات عمومية، إلى الاستثمار العمومي في الجماعة عبر التفكير في خلق مشاريع مثمرة ومهيكلة للاقتصاد المحلي، وتحفيز الساكنة عبر مشاريع مندمجة لتشجيع الاستقرار بالجماعة، مؤكدا على ضرورة تدخل المنتخبين من خلال البحث عن شراكات محلية ووطنية ودولية، خاصة في المجالين السياحي والتنموي.

من جهته، قال عبد اللطيف أكجكال، رئيس جماعة آيت بوفلن، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن المنطقة تعاني من إكراه انعدام الماء الصالح للشرب، وهو من الصعوبات الأبرز التي تواجهها الساكنة المحلية التي تتناقص سنة تلو أخرى.

“وقصد تجاوز مشكل العطش الذي تعيش على وقعه ساكنة آيت بوفلن، نعول كثيرا على المشروع الملكي الذي أعطيت انطلاقته سنة 2014، ويروم تزويد آيت بوفلن من تزنيت عبر لخصاص، إلا أن المنطقة لم تستفد بعد من المشروع لأسباب مازالت مجهولة”، يضيف رئيس الجماعة ذاتها.

وتابع قائلا: “وموازاة مع تبخر استفادة آيت بوفلن من المشروع الملكي، الذي مازلنا نعتبره الحل الأول والأخير ونطالب بالتدخل لتمكيننا من حقنا منه كما هو مبرمج سلفا، تعاني عملية تزويد المنطقة بالماء انطلاقا من بويزكارن مشاكل بالجملة سببها الأول والأخير الانفجار المتكرر للقنوات المائية”، مشيرا إلى أن هذا المشكل تم العمل على تجاوزه منذ بداية الولاية الحالية، غير أن رداءة القنوات المستعملة حالت دون ذلك، وتلزمها ميزانية قدرها 120 مليون درهم لإعادة تجديدها بشكل كامل.

ومن أجل إيجاد حل جذري للمشكل المذكور، قال المتحدث ذاته: “قمنا بزيارات متتالية للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب بكلميم، وهي الخطوات التي تكللت بالحصول على دعم من هذه المصالح قيمته 3 ملايين درهم قصد مباشرة استبدال جزء من القنوات المائية المتهالكة. كما طرقنا باب وكالة الحوض المائي لدرعة وادنون، وهو ما مكننا من الحصول على إمكانية حفر ثلاثة ثقوب استشكافية لفائدة ساكنة آيت بوفلن، في انتظار تعزيزها ببئر مائية إضافية سننجز أشغال حفرها على نفقتنا الخاصة كجماعة”.

وأشار المسؤول ذاته إلى أن الأوراش المندرجة ضمن المشاريع ذات الأولوية بجماعة آيت بوفلن، والتي هي ثمرة شراكة بين وكالة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الجنوب والمديرية العامة للجماعات المحلية والمجلس الإقليمي وجماعة آيت بوفلن، توقف إنجاز جزء منها، فيما لم ينطلق البعض الآخر نهائيا.

وتابع أكجكال قائلا: “من هذه المشاريع مقطعان طرقيان، الأول على طول 12 كيلومترا ويربط آيت بوفلن بجماعة آيت الرخاء، فيما الثاني طوله 7 كيلومترات ويصل الجماعة بسيدي حساين وعلي بنفوذ إقليم سيدي إفني، إضافة إلى مشروع يتعلق ببناء دار الأركان، وآخر يهم بناء وتجهيز دار الاصطياف”.

“وانطلاقا من مسؤوليتنا أخذنا على عاتقنا كمجلس جماعي العمل على الوقوف على الأسباب الكامنة وراء توقف المشاريع سالفة الذكر، والعمل على استكمالها، بتنسيق مع الجهات الشريكة، لما سيكون لها من أثر هام وإيجابي على المنطقة فور الانتهاء من أشغالها”، يورد المتحدث ذاته.

وأضاف أن المجلس يعتزم أيضا العمل على خلق مدرسة تجميعية بالمنطقة مساهمة منه في تجويد العملية التعلمية وتقريبها من كافة المتمدرسين بتراب الجماعة، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ستساهم في محاربة الهدر المدرسي، خصوصا لدى الفتاة القروية، موازاة مع الترافع من أجل إحداث داري الطالب والطالبة، وكذا الترافع قصد تعزيز البلدية بنواد نسوية.

وأكد رئيس جماعة آيت بوفلن، في ختام تصريحه لهسبريس، أن المجلس الجماعي بتركيبته الشابة لن يدخر أي جهد في الترافع لجلب مشاريع تنموية وإيجاد حل نهائي للإشكالات التي تعرفها الجماعة منذ سنوات طويلة، مبرزا أن ظروف الاشتغال بالمجلس مواتية ولا هم لدى مكوناته سوى البحث عن التنمية وإخراج المنطقة من دوامة الإقصاء والتهميش التي لازمتها عقودا من الزمن، وهو ما سيساهم في محاربة الهجرة القروية في الأوساط المحلية.