اخبار البحرين

«تعرض للتعذيب من قبل الأمن القطري».. تفاصيل جديدة بقضية مدير بريطاني عثر عليه مشنوقا في أحد فنادق الدوحة

كشفت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬التايمز‮»‬‭ ‬البريطانية،‭ ‬الخميس،‭ ‬تفاصيل‭ ‬تتعلق‭ ‬بالوفاة‭ ‬‮«‬الغامضة‮»‬‭ ‬لمدير‭ ‬بريطاني‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬عمل‭ ‬سابقا‭ ‬في‭ ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬القطرية‭ ‬واحتجز‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأمن‭ ‬القطري‭ ‬لعدة‭ ‬أيام‭.‬

وعُثر‭ ‬على‭ ‬مارك‭ ‬بينيت‭ (‬52‭ ‬عاما‭) ‬مشنوقا‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬فنادق‭ ‬الدوحة‭ ‬خلال‭ ‬عطلة‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬عشرة‭ ‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬اعتقاله‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬مكاتب‭ ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬القطرية‭ ‬ونقله‭ ‬معصوب‭ ‬العينين‭ ‬ومقيد‭ ‬اليدين‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬احتجاز‭ ‬تابع‭ ‬لأمن‭ ‬الدولة‭.‬

تقول‭ ‬الصحيفة‭ ‬إن‭ ‬بينيت‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬عن‭ ‬أساليب‭ ‬التعذيب‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬لها‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الاعتقال‭ ‬واستمرت‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع،‭ ‬ومنها‭ ‬التجريد‭ ‬من‭ ‬الملابس‭ ‬ورشه‭ ‬بالماء‭ ‬بواسطة‭ ‬خراطيم‭ ‬الضغط‭ ‬العالي‭ ‬وضرب‭ ‬رأسه‭ ‬بالجدران‭ ‬وتعريضه‭ ‬لتقنيات‭ ‬الحرمان‭ ‬من‭ ‬النوم‭.‬

يقول‭ ‬محامون‭ ‬تابعون‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬مزاعم‭ ‬موثوقة‮»‬‭ ‬بوقوع‭ ‬عملية‭ ‬احتجاز‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬القضاء‭ ‬وسوء‭ ‬معاملة‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الذي‭ ‬احتجز‭ ‬به‭.‬

وتشير‭ ‬الصحيفة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بينيت‭ ‬منع‭ ‬من‭ ‬مغادرة‭ ‬قطر‭ ‬بعد‭ ‬الإفراج‭ ‬عنه‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يعرف‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يواجه‭ ‬أي‭ ‬اتهامات‭ ‬ويخشى‭ ‬إعادة‭ ‬القبض‭ ‬عليه،‭ ‬وفقا‭ ‬لعائلته‭.‬

تضيف‭ ‬الصحيفة‭ ‬أن‭ ‬السلطات‭ ‬القطرية‭ ‬أعلنت‭ ‬أن‭ ‬وفاة‭ ‬بينيت‭ ‬كانت‭ ‬نتيجة‭ ‬الانتحار،‭ ‬لكن‭ ‬الطبيب‭ ‬الشرعي‭ ‬البريطاني‭ ‬أكد‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬دليل‭ ‬محدد‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬نية‭ ‬انتحار‮»‬‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬ظروف‭ ‬الأشهر‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬وفاته‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬غير‭ ‬واضحة‮»‬‭.‬

لم‭ ‬يترك‭ ‬بينيت‭ ‬رسالة‭ ‬انتحار‭ ‬ولم‭ ‬يرسل‭ ‬أي‭ ‬رسائل‭ ‬بريد‭ ‬إلكتروني‭ ‬أو‭ ‬رسائل‭ ‬نصية‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف‭ ‬لأصدقائه‭ ‬أو‭ ‬عائلته‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭. ‬وتقول‭ ‬الصحيفة‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬الليلة‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬وفاته‭ ‬أجرى‭ ‬مكالمة‭ ‬فيديو‭ ‬مع‭ ‬زوجته‭ ‬وأطفاله‭ ‬وكان‭ ‬يضحك‭ ‬ويمزح‭ ‬خلالها‭.‬

تقول‭ ‬الصحيفة‭ ‬إن‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطانية‭ ‬أغلقت‭ ‬القضية‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مخاوف‭ ‬الأسرة‭ ‬والطبيب‭ ‬الشرعي،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أسبوع‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬تولي‭ ‬ليز‭ ‬تراس‭ ‬منصب‭ ‬وزيرة‭ ‬الخارجية‭.‬

وتضيف‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬التالي‭ ‬زارت‭ ‬تراس‭ ‬قطر‭ ‬لبدء‭ ‬‮«‬حوار‭ ‬استراتيجي‮»‬‭ ‬والبدء‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬تعاون‭ ‬أعمق‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الأمن‭ ‬والتنمية‭ ‬والتجارة‭ ‬والاستثمار‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬مايو‭ ‬الماضي‭ ‬التقى‭ ‬أمير‭ ‬قطر‭ ‬الشيخ‭ ‬تميم‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬ثاني‭ ‬بوريس‭ ‬جونسون‭ ‬للإعلان‭ ‬عن‭ ‬حزمة‭ ‬استثمار‭ ‬بقيمة‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭.‬

ترك‭ ‬بينيت‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬توماس‭ ‬كوك‮»‬‭ ‬للسياحة‭ ‬ليصبح‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬اكتشف‭ ‬قطر‮»‬‭ ‬إحدى‭ ‬الشركات‭ ‬التابعة‭ ‬لمجموعة‭ ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬القطرية‭ ‬المملوكة‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬2017‭.‬

كان‭ ‬عمله‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬تحديث‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬حيث‭ ‬ذكر‭ ‬زملاء‭ ‬سابقون‭ ‬له‭ ‬أنه‭ ‬عمل‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬مع‭ ‬أكبر‭ ‬الباكر‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لشركة‭ ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬القطرية‭ ‬الطيران‭ ‬ومدير‭ ‬مطار‭ ‬هيثرو‭ ‬في‭ ‬لندن،‭ ‬الذي‭ ‬تمتلك‭ ‬قطر‭ ‬20‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬أسهمه،‭ ‬وفقا‭ ‬للصحيفة‭.‬

وتشير‭ ‬الصحيفة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اعتقال‭ ‬بينيت‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2019‭ ‬بعد‭ ‬استقالته‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬في‭ ‬الشركة‭ ‬القطرية‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬عرض‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬سفر‭ ‬سعودية،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬زملاءه‭ ‬السابقين‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬استقالة‭ ‬بينيت‭ ‬اعتبرت‭ ‬‮«‬إهانة‭ ‬كبيرة‮»‬‭ ‬بالنسبة‭ ‬للقطريين‭.‬

وذكرت‭ ‬الصحيفة‭ ‬أن‭ ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬القطرية‭ ‬قالت‭ ‬إنها‭ ‬اكتشفت‭ ‬أن‭ ‬بينيت‭ ‬وفور‭ ‬تقديمه‭ ‬لاستقالته‭ ‬كان‭ ‬يرسل‭ ‬‮«‬وثائق‭ ‬سرية‭ ‬للغاية‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬عنوان‭ ‬بريد‭ ‬إلكتروني‭ ‬خاص‭ ‬وأنها‭ ‬أبلغت‭ ‬الشرطة‭ ‬بذلك‭.‬

ولم‭ ‬ترد‭ ‬السلطات‭ ‬القطرية‭ ‬على‭ ‬أسئلة‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬التايمز‮»‬‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن،‭ ‬فيما‭ ‬اكتفت‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطانية‭ ‬بالقول‭ ‬إنها‭ ‬قدمت‭ ‬‮«‬المساعدة‭ ‬لأسرة‭ ‬رجل‭ ‬بريطاني‭ ‬بعد‭ ‬وفاته‭ ‬في‭ ‬الدوحة‮»‬‭.‬

وكشفت‭ ‬الصحيفة‭ ‬أن‭ ‬السلطات‭ ‬القطرية‭ ‬رفضت‭ ‬دخول‭ ‬بعثة‭ ‬تابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬إلى‭ ‬المركز‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬بينيت‭ ‬معتقلا‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭.‬

وأضافت‭ ‬أن‭ ‬محامين‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬العمل‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المعنية‭ ‬بالاحتجاز‭ ‬التعسفي‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬لتفقد‭ ‬السجون‭ ‬ومراكز‭ ‬الاحتجاز‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬إلى‭ ‬14‭ ‬نوفمبر‭. ‬

ووفقا‭ ‬للصحيفة‭ ‬فقد‭ ‬أطلق‭ ‬سراح‭ ‬بينيت‭ ‬بشكل‭ ‬مفاجئ‭ ‬في‭ ‬2‭ ‬نوفمبر‭ ‬ونزل‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬فنادق‭ ‬الدوحة‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬وثائق‭ ‬تتعلق‭ ‬باعتقاله‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬إجراءات‭ ‬قانونية‭ ‬ضده‭.‬

وقالت‭ ‬المجموعة‭ ‬إنها‭ ‬منعت‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬أحد‭ ‬مراكز‭ ‬الاحتجاز‭ ‬التابعة‭ ‬لأمن‭ ‬الدولة،‭ ‬بعد‭ ‬تلقيها‭ ‬شكاوى‭ ‬من‭ ‬حصول‭ ‬عمليات‭ ‬احتجاز‭ ‬دون‭ ‬رقابة‭ ‬قضائية‭ ‬وسوء‭ ‬معاملة‭ ‬لمحتجزين‭.‬

وكذلك‭ ‬لدى‭ ‬قيام‭ ‬الفريق‭ ‬بزيارة‭ ‬بعض‭ ‬أماكن‭ ‬الاحتجاز‭ ‬الأخرى‭ ‬وجد‭ ‬هذه‭ ‬المرافق‭ ‬شبه‭ ‬خالية‭ ‬وتلقى‭ ‬تقارير‭ ‬موثوقة‭ ‬عن‭ ‬نقل‭ ‬المحتجزين‭ ‬إلى‭ ‬مرافق‭ ‬أخرى‭ ‬قبل‭ ‬وصول‭ ‬الفريق‭ ‬الأممي‭.‬

ونقلت‭ ‬الصحيفة‭ ‬عن‭ ‬رجل‭ ‬أعمال‭ ‬بريطاني‭ ‬عمل‭ ‬سابقا‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬سواء‭ ‬كنت‭ ‬عاملا‭ ‬باكستانيا‭ ‬أو‭ ‬بريطانيا‭ ‬ثريا‭ ‬فستتم‭ ‬معاملتك‭ ‬مثل‭ ‬القمامة‭ ‬إذا‭ ‬انقلب‭ ‬رئيس‭ ‬العمل‭ ‬ضدك‮»‬‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأمر‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنك‭ ‬عبد‭.. ‬لا‭ ‬يمكنك‭ ‬حتى‭ ‬مغادرة‭ ‬البلاد‭ ‬لقضاء‭ ‬عطلة‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إذن‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‮»‬‭.‬

وتعرضت‭ ‬قطر‭ ‬منذ‭ ‬حصولها‭ ‬على‭ ‬شرف‭ ‬تنظيم‭ ‬مونديال‭ ‬2022‭ ‬إلى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الانتقادات‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحقوق‭ ‬العمال‭ ‬الأجانب‭.‬

وتؤكد‭ ‬الدوحة‭ ‬أنها‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬إدخال‭ ‬تحسينات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فرض‭ ‬حد‭ ‬أدنى‭ ‬للأجور‭ ‬وتخفيف‭ ‬جوانب‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬الكفالة‭ ‬الذي‭ ‬أعطى‭ ‬أصحاب‭ ‬العمل‭ ‬سلطات‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬العمال‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬وظائفهم‭ ‬وحتى‭ ‬مغادرة‭ ‬البلاد‭.‬