اخبار فلسطين

عيادة تساعد السيدات المختنات في مصر على السيطرة على أجسادهن

أ ف ب قررت نورهان البالغة 30 عاما تحدي التقاليد. هذه الشابة المقيمة في الاسكندرية، التي تتحدث باسم مستعار، لجأت الى الجرَّاحة ريهام عواد “لتعود صاحبة القرار في ما يتعلق بجسدها”.

وتقول نورهان إنه بعد ثمانية أشهر من جراحة تصحيحية للعودة الى ما كانت عليه عند ولادتها حلت “مشاعر جديدة تماما” محل الآلام المزمنة التي كانت تعاني منها، كما أنها “تحسنت على المستويين الفيزيائي والنفسي”.

وبدأ إجراء هذا النوع من الجراحات لأول مرة في مصر في العام 2020.

عندما أسست “مركز ترميم ختان”، وفرت الدكتورة عواد وزميلها عمر سيف الدين مساحة نادرة لاجراء هذا النوع الجراحات في مصر حيث لا يزال الختان موضوعا يثير انقساما اجتماعيا حادا بين التقبّل والرفض.

ويقدم المركز علاجا نفسيا على يد متخصصين ومتخصصات كما يوفر علاجين بالبلازما من أجل اعادة إحياء الانسجة التي تضررت إضافة الى عملية ترميم بظرية.

وتؤكد عواد أن “الجراحة هي الحل الأخير”، موضحة أن حقن البلازما مع المتابعة النفسية “يتيح خفض الجراحات بنسبة 50%”.

غير أن انتصار التي تتحدث كذلك باسم مستعار، تعتزم الخضوع لهذه الجراحة.

وتقول هذه السيدة التي بدأت العقد الخامس من عمرها “هناك شيء كُسِر فيّ وأريد اصلاحه”.

وتروي “جدتي اصطحبتني حين كنت في العاشرة لدي طبيب وأجرى لي جراحة الختان”. وتابعت أن جدتها كانت تردد دوما “هذا لمصلحتك… هذا أفضل لك”.

تقليد قديم يمارسه اليوم الأطباء

وتوضح الناشطة لبنى درويش أن والد انتصار وهو طبيب ووالدتها وهي مديرة مدرسة وافقا على أن تجرى لها جراحة الختان ولكنهما تركا تنفيذ المهمة للجدة في العطلة الصيفية، موسم تختين الفتيات في مصر.

وتطالب درويش، مسؤولة برنامج الجندر في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، باجراء “حملات وقائية في المدارس قبل العطلات الصيفية”.

وتشير الى أن الأرقام مفزعة. ذلك أن 86% من المصريات المتزوجات اللاتي تراوح أعمارهن بين 15 و49 عاما، تم اجراء جراحة الختان لهن، وفق الأرقام الرسمية الصادرة عام 2021. وتشكل المصريات عشر عدد النساء اللاتي تم ختانهن في العالم.

ويسبب الختان، الذي يتمثل في مصر في استئصال البظر أساسا، آلاماً ونزفاً والتهابات في مجرى البول وعلاقات جنسية مؤلمة وتعقيدات أثناء الولادة.

ومع ذلك فالعديد من العيادات تجري هذه الجراحة. وبعد أعوام من الحملات ضد “القابلات” اللاتي كنّ يجرين عملية الختان، صار الأطباء يجرون ثلاثة أرباع جراحات الختان في مصر.

هذا التقليد الراسخ في المجتمع منذ آلاف السنين تصعب مقاومته وزحزحة القناعات التي تقف خلفه اذ يعتقد المصريون أنه الوسيلة الأساسية للحفاظ على ما يصفونه بـ”عفة المراة”.

ورغم أن الختان محظور بموجب القانون منذ العام 2008، ورغم أن رجال الدين الاسلامي والمسيحي يؤكدون أنه مخالف للدين، إلا أنه يظل منتشرا على نطاق واسع.

وتقول انتصار وهي اليوم صحافية: “إن الختان عابر للطبقات الاجتماعية”.

ورغم أن البعض يروج لها باعتبارها مجرد جراحة “تجميلية” الا أنها تستهدف في الواقع “حرمان المرأة من الإحساس بجسمها ومن اللذة”، بحسب ما تؤكد انتصار.

وتتابع “قالوا لنا إن الختان يتوافق مع الدين وإنه أفضل وأنظف”.

“مرآة لاكتشاف أنفسنا”

ويتمّ من حين لآخر تغليظ العقوبات على الأطباء الذين يجرون جراحات ختان بل وكذلك على الأهالي. ولكن بالنسبة للبنى درويش، فإن “التجريم” غير مجدٍ لأن أحدأ لن يبلّغ عن أسرته إذا ما كانت العقوبات شديدة للغاية.

وتضيف “لا بد من دروس تربية جنسية في المدارس وتوعية بالرقم الساخن” الذي خصصته الدولة اعتبارا من العام 2017 للإبلاغ عن حالات ختان قبل اجرائها.

بالنسبة للدكتورة ريهام عواد، المشكلة أن الأطباء أنفسهم “لا يسمعون عن جراحات تركيك لا أثناء دراستهم ولا بعد ذلك أثناء التدريب”.

أما النساء فإنهن لا يعرفن جيدا التكوين التشريحي لأجسادهن.

وتوضح عواد أنها تعطي مرآة لأي مريضة تزورها للمرة الأولى حتى تكتشف أعضاءها التناسلية.

وتقول انتصار إنها لم تعرف أنهم “استأصلوا جزءا من البظر إلا بعد أول زيارة”. وتضيف “كنت أعتقد أنهم قطعوا جزءا صغيرا من الجلد وكنت في غاية الغضب عندما اكتشفت” الحقيقة.

نورهان غضبت كذلك. في البداية بسبب الاستئصال وبعد ذلك بسبب قلة المساعدة لجراحة الترميم. اضطرت الى الانتظار أكثر من عام للحصول على تبرع لتغطية كلفة الجراحة وهي قرابة 1300 دولار، أي أكثر من عشرة أضعاف الراتب المتوسط في مصر.

وتضيف “الأدوية تكلفتها عالية كذلك وينبغي على المسؤولين معالجة هذا الأمر والسماح باجراء جراحات الترميم في المستشفيات العامة”.

غير أن نورهان سجلت بالفعل انتصارا: تمكنت مع والدتها من منع ختان ابنتي شقيقتها.