اخبار المغرب

“طوفان الأقصى” ضربة موجعة لاستراتيجية التطبيع مع الكيان الإسرائيلي

قال الروائي والشاعر محمد الأشعري إن عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها كتائب عز الدين القسام، التابعة لحركة “حماس” الفلسطينية ضد الكيان الإسرائيلي كانت ضربة موجعة لاستراتيجية التطبيع مع إسرائيل.

واعتبر الأشعري، في ندوة نظمها “منتدى المتوسط للتبادل والحوار”، بشراكة مع المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، حول موضوع “طوفان الأقصى.. التداعيات والأدوار المطلوبة”، مساء السبت، أن التطبيع الذي بدأته بعض دول المنطقة مع إسرائيل “يمكن أن يبقى مسألة ثنائية بين بعض الدول العربية وإسرائيل، ولكن التطبيع كاستراتيجية إسرائيلية سقط يوم سابع أكتوبر (تاريخ انطلاق عملية طوفان الأقصى)”.

وأضاف أن “هذه الاستراتيجية لن تعود أبدا لأن إسرائيل، التي كانت تحاول مع حليفتها الأمريكية أن تجعل من الكيان الصهيوني دولة طبيعية في حوار طبيعي، حكاية انتهت تماما، وما حدث في غزة جعل هذا الأفُق مستحيلا لأن حجم الكراهية الذي خلفته إسرائيل بسبب عدوانها على غزة لن يسمح أبدًا بأي تعايش، إلا إذا استطاعت أن تتغير كليا، وأن تتخلص من سياستها العنصرية والاستعمارية، وهذا ليس متاحا في الأمد المنظور”.

ويرى وزير الثقافة الأسبق أن الاستقلالية التي دبّر بها الجناح العسكري لحركة “حماس” عملية “طوفان الأقصى” مكّنت المقاومة من “استعادة مفاتيح القضية الفلسطينية ومفاتيح المستقبل”، مبرزا أن “عملية “طوفان الأقصى” كانت قرارا مستقلا، وأيا كان الدعم الذي تلقته “القسام”، فإن إدارة المعركة كانت شأنا مستقلا، ومن الصعب تصور مستقبل القضية الفلسطينية خارج هذا الإطار المستقل”.

وأردف “ابتداء من سابع أكتوبر أعيدت إلينا حقيقةٌ أساسية، وهي أن المقاومة ليست فقط ضرورية وليست فقط قضيةَ حياة أو موت بالنسبة للشعب الفلسطيني، ولكن على عكس كل ما أشيع، المقاومة ممكنة حتى بفاعل صغير، وحتى بإمكانات شبه منعدمة، وقادرة على زعزعة أقوى كيان في الشرق العربي، وأن تجرح هذا العدو في جوهره، وفي وجوده، وفي علاقته بأسطورته المؤسسة، وهو أمر لم يكن منتظرا، لكنه اليوم يفرض علينا أن نؤمن بأن هذه المقاومة، التي جعلها هؤلاء الشباب ممكنة اليوم، ستظل ممكنة دائما”.

وأكد أن “الذين يلوّحون بأن نهاية القضية الفلسطينية ستكون بإقبار حركة “حماس” في غزة واهمون لأنها لم تعد في غزة فقط، بل أصبحت في كل جسد فلسطين”.

وتابع قائلا: “لا حق لأحد بأن يُملي على مقاومة أشعلت فتيل هذا النضال الكبير وغذّته بدمائها ما ستفعله غدا بمستقبل غزة، ولا أحد يحق له أن يفرض عليها خارطة طريق ما بعد الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، ولكن وجداننا يقول لنا اليوم أن نتمنى للشعب الفلسطيني أن يحافظ على استقلالية الوحدة الوطنية داخل منظمة التحرير الفلسطينية، وكل الفصائل الفلسطينية مدعوة إلى أن تبني قوة ما بعد المذبحة لأن القوة التي يمكن أن تدبر المستقبل لا يمكن أن تكون قوة مشتتة ولا ضعيفة أو مجزأة، ونحن متيقنون بأن المقاومين الذين استطاعوا أن يجابهوا هذه الآلة الحربية المقيتة يتجهون نحو هذا الأفق الوحدوي الوطني”.

وأضاف “يجب ألا نتوقف أبدا عن فضح الفظاعات التي ارتكبتها إسرائيل في غزة والتشهير بها. يجب أن يكون ذلك عملنا اليومي في وسائل الاخبار السعودية الاجتماعي وفي كل المنابر الممكنة، وأن نحفظ درس العدو في هذا المجال، الذي كانت تجارته الأساسية هي ذاكرة العذاب الذي تعرض له الشعب اليهودي، وألا نتوقف عن مخاطبة ضمائر العالم والرأي العام العالمي ووخز ضميره بهذه الجريمة التي كان العالم الغربي ضالعا فيها إلى أبعد الحدود”.

القيادي السابق في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ختم مداخلته بممارسة “نقد ذاتي”، في سياق حديثه عن موقف الغرب الداعم كليا لإسرائيل في حربها على غزة، والتي أودت بحياة أزيد من عشرين ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال.

وقال في هذا السياق: “رأينا خلال هذه الحرب وتابعنا كيف تصرفت وسائل الإعلام الغربية بخصوص القضية الفلسطينية، وكيف تكتلت كل قوى الإعلام وكل القوى السياسية تقريبا في نغمة واحدة، هي تشجيع إسرائيل على الدفاع عن نفسها، وإنكار أن “حماس” يمكن أن تكون حركة مقاومة، وما حدث أظن أنه خلف شرخا عميقا بيننا وبين أوروبا، خصوصا بيننا نحن الذين خلال نصف قرن تقريبا كنا نحاول أن نقنع مجتمعاتنا بأن القيم الكونية التي أنتجها الغرب هي مفتاح حداثتنا وديمقراطيتنا، ورأينا كيف أن هذا الصرح الذي دافعنا عنه بقناعة وليس باستيراد قيم غريبة عنا، يتهاوى أمام أعيننا بنوع من الانتصار الأعمى لكيان ظالم استيطاني وعنصري”.