تكنولوجيا

صراع الرسائل: أبل و iMessage ضد الجميع

أوقفت أبل تطبيق Beeper Mini آخر تطبيق كان يوفر بديل لـ iMessage على الأندرويد بعدما اكتسب التطبيق شهرة واسعة في أيام معدودة.

إيقاف أبل للتطبيق كان كالعادة بدعوى الحفاظ على خصوصية المستخدمين وسلامة بياناتهم. هذا المبرر من أبل جاء برغم الاختلافات الكبيرة بين Beeper Mini وأي منافس آخر، فالتطبيق لا يتطلب حساب iCloud للعمل ولا يمكنه الوصول لرسائل أو بيانات المستخدمين ويشفر الرسائل بل أن مطروريه عرضوا أن يتم فحص التطبيق من جهة مستقلة للتأكد من سلامته.

هذا الإيقاف كان بعد أيام قليلة من إزالة Nothing لتطبيقها المماثل بعد اكتشاف وابل من المشاكل المتعلق بخصوصية المستخدمين.

لم يكن التطبيقان المذكوران هما الوحيدان اللذان حاولا تقديم بديل لـ iMessage على الأندرويد. كل عام يخرج بديل آخر ولكن جميعهم انتهوا إما بالفشل أو بتجنب المستخدمين لهم خشية تسريب بياناتهم.

لماذا كل هذه الضجة حول iMessage ؟

قرار أبل بإيقاف التطبيق لم يكن الدافع الأساسي منه هو الخصوصية والأمان بل ترغب الشركة الأمريكية في القضاء على أي فرصة لتوافر iMessage على الأندرويد لأنها تعتبره واحد من أهم أسباب بيع الآيفون في الولايات المتحدة الأمريكية ودعني أشرح لك الأمر.

في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأخرى يتم الاعتماد على الرسائل النصية بشكل يومي ومستمر حتى هذه اللحظة. قد ترى الأمر غريبًا في ظل العدد المهول من تطبيقات الدردشة والتي تم تطور أغلبها في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن الأمر يعود للسنوات الأولى من إطلاق خدمات الشبكات الخلوية وانتشار الهواتف.

تتوفر الرسائل النصية القصيرة SMS بصورة مجانية لأغلب مستخدمي الشبكات الخلوية في الولايات المتحدة منذ أكثر من 20 عامًا وبالتحديد مع انتشار الهواتف الذكية. جعل الخدمة مجانية دفع الجميع لاستخدامها خاصة وأنها لا تتطلب اتصال مستمر بالإنترنت ما يعني أن الرسالة التي ستكتبها ستصل للجميع مهما كان هاتفهم ومهما كانت جودة الإنترنت كما أنك لن تدفع اي شيء في مقابل هذه الرسالة.

في عام 2011 أطلقت أبل iMessage ليكون تطبيق الرسائل الافتراضي في هواتف الشركة ولكنه بالإضافة إلى الرسائل النصية القصيرة قدم خلال السنوات التالية العديد من المميزات مثل إمكانية الدردشة عبر الإنترنت، إرسال الملفات، دعم الأوجه التعبيرية Emojis، تشفير الرسائل، مجموعات الدردشة إلخ…

ومع انتشار الآيفون الكبير في الولايات المتحدة الأمريكية اعتمد الملايين على iMessage كتطبيق الدردشة الرئيسي لهم.

أبل استغلت هذا الأمر وحافظت على iMessage حصريًا على آيفون وباقي أجهزتها حتى يصبح من الصعب على المستخدمين الانتقال إلى أندرويد لأنهم سيفقدوا الطريقة الرئيسية للتواصل مع معارفهم الذين يستخدمون iMessage بشكل أساسي خاصة وأن رسائل الـ SMS لا توفر نفس القدر من المميزات.

الشركة الأمريكية أخدت خطوة أبعد من ذلك حيث باتت تظهر الرسائل النصية التي تصل من أي جهاز بخلاف أجهزتها باللون الأخضر لتكون مختلفة عن الرسائل الزرقاء التي يتم إرسالها من أجهزتها.

خدمة الـ RCS ؟

في ظل الاعتماد الكبير على الرسائل النصية في الولايات المتحدة الأمريكية وهي أكبر سوق بالنسبة لأغلب الشركات وفي عدد من الدول الأخرى قررت الكثير من الشركات الاعتماد على الـ RCS.

الـ RCS هي اختصار Rich Communication Services أو خدمات الاتصالات الغنية وهي خدمات توفر للمستخدمين أكثر بكثير من الرسائل النصية SMS أو MMS ولكنها مازالت مقدمة من مقدمي الشبكات الخلوية وتعمل مباشرة من تطبيق الرسائل النصية على هاتفك. 

توفر الـ RCS مميزات مثل وصول الرسائل، قراءة الرسائل، الكتابة كما تدعم الوجوه التعبيرية وإنشاء مجموعات للدردشة.

حاولت الشركات وعلى رأسهم جوجل إقناع أبل بدعم الـ RCS وانهاء حقبة الرسائل الخضراء والزرقاء والتفرقة بين المستخدمين ولكن محاولاتهم بائت جميعها بالفشل.

هل ينهي الاتحاد الأوروبي الأمر؟

يتوسم البعض أن يتمكن الاتحاد الأوروبي من  فرض الأمر على أبل فإما تنهي هذه السياسة بالتفرقة أو تطلق iMessage على الأندرويد خاصة بعدما فرض عليها تبني منافذ USB-C في كافة أجهزتها بدلًا من الـ Lightnitng التي كانت تستخدمه.

ولكن الأنباء التي تخرج مؤخراً تشير أن الاتحاد الأوروبي لن يقدم على هذه الخطوة لأنه لا يراها ذات ضرورة نظراً للعدد القليل من المستخدمين الأوروبيين الذين يستخدموا iMessage فالغالبية يستخدمون تطبيقات الدردشة من الطرف الثالث مثل واتساب، ماسنجر، تيليجرام إلخ…

 

في النهاية أبل قد لا تتوقف عن سياستها التي تقضي دائمًا بالانغلاق على نفسها وعلى مستخدميها ما لم يفرض الأمر عليها من جهة خارجية فمن جهة هي تحافظ على مستخدميها ومن جهة أخرى تعط الكثيرين شعور التميز والتفرد بأنهم يمتلكون هاتف عليه شعار التفاحة.

?xml>