اخبار فلسطين

البرلمان اللبناني يفشل مجددا في انتخاب رئيسا للجمهورية وسط انقسام سياسي حاد

أ ف ب فشل البرلمان اللبناني يوم الأربعاء للمرة الثانية عشرة في انتخاب رئيس للجمهورية على وقع انقسام سياسي يزداد حدّة بين حزب الله وخصومه وينذر بإطالة أمد الشغور الرئاسي.

منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية أكتوبر، فشل البرلمان في انتخاب رئيس إذ لا يحظى أي فريق بأكثرية تمكنه منفردا من إيصال مرشحه إلى المنصب.

وحضر الدورة الأولى من الجلسة التي افتتحها رئيس البرلمان نبيه بري، حليف حزب الله الأبرز، كافة أعضاء المجلس الـ 128، إلا أنها لم تثمر في انتخاب رئيس مع حصول المرشحين الرئيسيين الوزير السابق سليمان فرنجية المدعوم من حزب الله القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، والوزير السابق جهاد أزعور، المدعوم من كتل وازنة، على عدد أصوات متقارب.

وحصل أزعور في الدورة الأولى على 59 صوتا بينما نال فرنجية 51 صوتا.

وما أن بدأ احتساب الأصوات، حتى انسحب عدد من النواب على رأسهم كتلتا حزب الله وحليفته حركة أمل، التي يتزعمها بري، ليطيحوا بنصاب الدورة الثانية، في سياسة اتبعوها خلال الجلسات الماضية.

ويحتاج المرشح في الدورة الأولى إلى غالبية الثلثين أي 86 صوتا للفوز. وتصبح الغالبية المطلوبة إذا جرت دورة ثانية 65 صوتا. لكن النصاب يتطلب حضور الثلثين في الدورتين.

وقال بري في بيان إثر انتهاء الجلسة: “كفى رمياً بكرة المسؤولية على هذا الطرف أو ذاك في إطالة أمد الفراغ”، مشددا على أن “بداية البدايات هي الإسراع بانتخاب رئيس للجمهوريه وذلك لن يتحقق الا بالتوافق وبسلوك طريق الحوار”.

“مرشح المقاومة”

ويتهم كل فريق الآخر بمحاولة فرض مرشحه وبتعطيل انتخاب رئيس فيما تغرق البلاد في أزمة اقتصادية.

وبعد انتهاء الجلسة، قال النائب في كتلة حزب الله حسن فضل الله لفرانس برس: “نحن قلنا إن البلد لا يُمكن أن يُقاد بالنكد السياسي والخصومات الشخصية والمواجهة، إنما يقاد بالتفاهمات والتوافقات”.

وأضاف: “النتيجة ليست فيها فروقات كبيرة… لكن بالنسبة لنا الحوار هو الأساس للعودة إلى المسار الصحيح لانتخاب رئيس للجمهورية”، موضحا “نريد انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد لكن ذلك يحتاج إلى تفاهم”.

في المقابل، قال النائب سامي الجميل رئيس كتلة الكتائب الداعمة لأزعور، للصحافيين “ما حصل اليوم انتفاضة حقيقية لنواب لبنان… ليقولوا لا لعمليات الفرض والتهديد ومحاولات الايحاء بأن القرار الرئاسي موجود في مكان واحد في لبنان”، في إشارة إلى حزب الله.

ارتفعت أسهم أزعور الذي انضم الى صندوق النقد الدولي عام 2017 وشغل منصب وزير المالية اللبناني بين 20052008، في الأسابيع الأخيرة إثر اتصالات مكثفة انتهت بإعلان كتل رئيسية ونواب معارضين لفرنجية تأييدهم لترشيحه.

وإثر ذلك، أعلن النائب ميشال معوّض الذي كان أول من خاض السباق الرئاسي، تراجعه عن ترشحه لصالح أزعور.

ويعد حزب القوات اللبنانية ولديه كتلة برلمانية مسيحية وازنة، والتيار الوطني الحر حليف حزب الله المسيحي الأبرز والرافض لوصول فرنجية، وكتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، من أبرز داعمي أزعور.

بعد دعم ترشيحه، تنحى أزعور مؤقتا عن مهامه كمدير لقسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد. وقال في أول تعليق له إنه “ليس تحديا لأحد”، في رد على حزب الله الذي وصف عدد من نوابه أزعور بمرشح “المواجهة” و”التحدي”.

وكان رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد اعتبر إن من يدعمون ترشيح أزعور، من دون تسميته، “يستخدمونه فقط لمنع أن يصل مرشّح المقاومة”، في إشارة الى فرنجية.

وأكد فرنجية في كلمة الأحد أنه سيكون “رئيسا لكل اللبنانيين” برغم تحالفه مع حزب الله وصداقته مع الرئيس السوري بشار الأسد. ووجه انتقادات لاذعة الى معارضي ترشيحه، الذين يصفونه بـ”مرشح الممانعة” في إشارة إلى حزب الله.

وقال في كلمة “اذكرهم في 2016 دعموا مرشح الممانعة الرئيس ميشال عون”.

“تسوية؟”

في عام 2016، وصل عون إلى رئاسة الجمهورية بعد عامين ونصف العام من شغور رئاسي واستنادا الى تسوية سياسية بين الحزب وخصومه. وأقر الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في شهر مارس بأن حزبه وحلفاءه عطلوا حينها النصاب حتى انتخاب عون.

وقال الباحث والأستاذ الجامعي كريم بيطار لوكالة فرانس برس: “بغياب ضغط دولي كبير وتسوية حول مرشح، قد يتطلب الأمر أشهرا عدة قبل انتخاب رئيس”.

وعنونت صحيفة الأخبار المحلية، المقربة من حزب الله، صفحتها الأولى بكلمة “الفراغ”.

وبينما يبدو الملف اللبناني غائباً عن الاهتمام الدولي وحتى الإقليمي، تقود فرنسا، بلا جدوى، منذ أشهر حراكاً لتسريع انتخاب رئيس.

ومن المتوقع أن يصل إلى بيروت قريبا وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان الذي عينته باريس مبعوثا خاصا إلى لبنان، في محاولة جديدة لإنهاء الأزمة السياسية.

وكانت وزارة الخارجية الفرنسية دعت الأربعاء إلى أخذ الجلسة “على محمل الجد واغتنام الفرصة التي توفرها للخروج من الأزمة”.

من جهته، قال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر “نعتقد أنّه طالما لم يتمّ انتخاب رئيس، فيجب على البرلمان الاستمرار إلى حين إنجاز المهمّة”.

ومنذ أشهر، تدير البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، في وقت يشهد لبنان منذ 2019 انهياراً اقتصادياً صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، ويشترط المجتمع الدولي إصلاحات ملحة من أجل تقديم دعم مالي.

ويمكن للانقسام الحاد بين القوى السياسية أن يمهّد الطريق وفق بيطار “أمام مفاوضات ستصل في نهاية الأمر إلى حلّ الرجل الثالث، وانتخابات يمكن أن تُعدّ مسبقاً على غرار معظم الانتخابات السابقة في تاريخ لبنان”.