اخر الاخبار

الشفافية في منظور إيف سان لوران

خطّاطون وفنانون يثرون معرض الخط العربي في الرياض بنسخته الثانية

رحلة تأملية يخوضها زوّار معرض «رحلة الخط والكتابة» في الرياض، حيث تزهو تفاصيل الخط العربي، وتُضاء دروب الروح بجمال الرسم. فالمعرض الذي أطلقته وزارة الثقافة، يحتفي في نسخته الثانية بالخط وجمالياته، ويسلّط الضوء على بُعده الروحي في الحضارة العربية الإسلامية.

مجموعة من الأعمال الفنية التاريخية والكلاسيكية والمعاصرة، موزّعة على أربعة محاور تصطحب الزائر في جولة تأملية، سخيّة بتفاصيل قوة روحية تغمر فكر الخطاط وتنعكس على تقنياته، وذلك بمشاركة 34 خطاطاً من 11 دولة و19 فناناً ومصمماً معاصراً من 12 دولة، بينهم فنانون ومصممون سعوديون.

 

الخط رمزاً عالمياً للثقافة العربية

خلال إطلاقه النسخة الثانية من المعرض، شدّد وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن فرحان، على أنّ للخط العربي «قيمة إنسانية كبيرة يمثلها هذا الفن الرفيع، وهو يشكل رمزاً عالمياً للثقافة العربية»، مؤكداً أنّ تنظيمه «يثبت الأهمية المعرفية والإنسانية البالغة للحراك الثقافي والفني، بجانب إضاءته على الجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة خدمة للخط العربي، أبرزها قيادتها ملف إدراجه ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لـ(اليونيسكو) في عام 2022 بالتعاون مع 15 دولة عربية».

يقام المعرض الذي تنظمه وزارة الثقافة في مستشفى عرقة الذي تحول من مبنى مهمل إلى ملتقى مفتوح ينبض بالفن (وزارة الثقافة)

وكشف أنّ نسخة الحالية تُنظم في مدينتين سعوديتين، بدءاً بافتتاحه في الرياض حيث يستقبل زوّاره حتى 2 سبتمبر (أيلول) المقبل؛ لينتقل بعدها إلى المدينة المنورة خلال الفترة من 15 أكتوبر (تشرين الأول) إلى 23 ديسمبر (كانون الأول) في مركز المدينة للفنون، منوهاً بما يملكه المعرض من «قيمة معرفية تستكشف البُعد الروحي للخط في الحضارة العربية الإسلامية، من خلال مجموعة فريدة من الأعمال الفنية التاريخية والكلاسيكية والمعاصرة».

 

النور والحرف والمساحة والشعر

يرتكز المعرض الذي تنظمه وزارة الثقافة في مستشفى «عرقة» بالرياض، على أربعة محاور متكاملة هي النور والحرف والمساحة والشعر، تجسّد مجموع القيم العالمية والروحية التي تؤطر الأعمال الفنية المعروضة، وتجمعها معاً لخلق حوار مُثرٍ ومحفّز للتفكير والتأمل واختبار التصوّرات. ولطالما لعبت الخطوط العربية، التي تطوّرت مع الوقت وأضحت فناً مستقلاً، دوراً محورياً في ربط الأعمال المتباينة وذات الطبيعة المتنوعة التي تنتمي إلى فترات زمنية مختلفة. في حين يشهد استخدام الخطوط العربية في الفن والتصميم المعاصرين على القوة الروحية الدائمة التي تُنسب إلى الكلمة وتجسيدها البصري في الخط، بكون الخط العربي أداة للتواصل ووسيلة لتجسيد الجمال والروحانية.

نسخة هذا العام من المعرض تنظم في مدينتين سعوديتين، بدأت في الرياض وتنتقل إلى المدينة المنورة (وزارة الثقافة)

وتتضامن أعمال 34 خطاطاً وخطاطة بارزين من 11 دولة، و19 فناناً ومصمماً معاصراً من 12 دولة، في مزج فني بين الأعمال الفنية التاريخية والكلاسيكية والمعاصرة.

وإلى أعمال صُمّمت للمعرض، وقطع فنية متنوعة، تعكس تلوينات الفنانين المشاركين، تلفت مخطوطات نادرة من مقتنيات وزارة الثقافة، وأعمال مُعارة من متحف «معهد العالم العربي» في باريس، و«المعهد الوطني للتراث» في تونس، ومقتنيات خاصة، نظر المتجول في أرجائه.

 

احتفاء سعودي برمزية الخط العربي

في عام 2022، نجحت مبادرة قادتها السعودية بالتعاون مع 15 دولة ناطقة باللغة العربية، في إدراج الخط العربي ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لـ«اليونيسكو». وقبل ذلك بعام، اختارت المملكة أن يكون 2021 عاماً مميزاً للخط العربي تحتفي فيه وزارة الثقافة برمز من رموز هوية السعودية، وبمصدر ألهم العديد من الفنانين والمعماريين محلياً وعالمياً.

وشهد ذلك العام مبادرات نوعية أسهمت في تعزيز حضور الخط العربي بكل القطاعات الحكومية والخاصة والأفراد، إلى حضوره في المحافل والمؤتمرات المحلية والعالمية، وتعزيز الدور المعرفي والتثقيفي الذي تتبناه الوزارة في نشاطاتها. وهي ستفتح بهذه المبادرة آفاقاً جديدة في التعامل مع الخط العربي عبر نقله من مصدرٍ معرفي إلى أيقونة تمثل الهوية السعودية والفنّ المتجدد والإرث الحضاري.

من هنا، يمثل معرض «رحلة الكتابة والخط» إحدى الفعاليات الرئيسية التي تنظمها وزارة الثقافة كل عامين احتفاء بالخط العربي، ويُشكّل دعوة للانطلاق في رحلة وجدانية غامرة من الاكتشاف، وتأمّل جماليات الخط العربي، وإدراك قيمته كنزاً ثقافياً، ومظهراً من مظاهر تراث المملكة وثقافتها.

وأرّخت النسخة الأولى منه لأصول الخطّ العربي وتطوّر الخطوط، ورصدت أحواله في الوقت الحاضر، فيما تتناول النسخة الجديدة البعد الروحاني لفن الخط المتجذّر في قلب الحضارة العربية الإسلامية، والذي يشكّل أحد مكوناتها الأساسية. ويشهد المعرض إقامة مجموعة من الندوات الحوارية في أيامه الثلاثة الأولى، تتناول الأبعاد المتنوعة للخط العربي بمشاركة خطّاطين واختصاصيين.

 

مستشفى «عرقة» فضاء مفتوح للفنون

مستشفى «عرقة» الذي افتتح للمرة الأولى عام 1993، ويحمل اسم أحد أقدم أحياء غرب الرياض، حيث يقع، تحول إلى مبنى مهجور ومهمل نتيجة إغلاقه عام 2001، لكن مبادرة أطلقتها وزارة الثقافة لتحويل المبنى إلى مركز فني وثقافي شامل، أعادت إليه الحياة بعد عقدين من النسيان. وفي أكتوبر عام 2022، أطلقت «هيئة الفنون البصرية» النسخة الأولى من «مهرجان شفت 22» بالمستشفى، على أن يكون حدثاً سنوياً لفن الجداريات (غرافيتي)، تحولت معه جدران المبنى المهجور إلى فرصة للإضاءة على واحد من أحدث أشكال الفن في السعودية.

الآن، أضحت تلك المباني والمرافق الضخمة لما يعرف بمستشفى «عرقة» على مساحة 20 ألف متر مربع، فضاء مفتوحاً للفنون ومكاناً لتنظيم المناسبات الفنية، حيث يفِد إليه متطلّعون لقضاء جولات من التأمل في المعارض الفنية والثقافية التي تُعقد فيه بين وقت وآخر.