اخبار فلسطين

بايدن: على القادة الإسرائيليين التوصل إلى إجماع، وعدم التسرع في إصلاح قضائي “مثير للانقسام”

قال الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الأحد إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه المتشدد يجب ألا يتسرعوا في محاولتهم “المثيرة للانقسام” لإصلاح القضاء الإسرائيلي، بالنظر إلى التهديدات والتحديات العديدة التي تواجهها إسرائيل، ويجب بدلاً من ذلك أن يعملوا على بناء إجماع واسع حول الإصلاح القانوني.

وقال بايدن في بيان لموقع “أكسيوس” الإخباري: “من وجهة نظر أصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة، يبدو أن اقتراح الإصلاح القضائي الحالي أصبح أكثر إثارة للانقسام وليس أقل”.

وقال الرئيس: “بالنظر إلى التهديدات والتحديات العديدة التي تواجه إسرائيل في الوقت الحالي، من غير المنطقي أن يستعجل القادة الإسرائيليون هذا الأمر التركيز يجب أن يكون على جمع الناس وإيجاد إجماع”.

ويبدو أن بيان يوم الأحد كان محاولة أخيرة من قبل البيت الأبيض لإقناع نتنياهو بوقف الإصلاح القضائي، قبل ساعات من أن سعي الائتلاف إلى إقرار أول تشريع من حزمة الإصلاح. وجاء ذلك وسط تقارير عن إحراز تقدم في المحادثات التي استمرت 11 ساعة بين الكتلة الحاكمة وزعماء المعارضة للتوصل إلى حل وسط بشأن مشروع قانون “المعقولية” المقرر طرحه للتصويت يوم الاثنين.

معربا عن أسفه لـ”فترة الطوارئ”، قال الرئيس إسحاق هرتسوغ، الذي عاد حديثًا من محادثات مع بايدن في واشنطن، في وقت سابق الأحد أنه كان يقوم بدفعة أخيرة لمحاولة التوصل إلى حل وسط بين الائتلاف والمعارضة، بهدف التوصل إلى توافق بشأن حزمة الإصلاح القضائي وسط المواجهة المريرة المتصاعدة التي دفعت مئات الآلاف إلى الاحتجاج لعدة أيام وأدت إلى استعداد أكثر من 10 آلاف من جنود الاحتياط لوقف خدمتهم التطوعية.

وحذر بايدن وإدارته مرارًا نتنياهو وائتلافه اليميني والديني المتشدد من السعي لإعادة تشكيل القضاء الإسرائيلي المستقل دون اتفاق.

الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس إسحاق هرتسوغ يتحدثان في غرفة روزفلت بالبيت الأبيض في واشنطن، 18 يوليو 2023 (Chris Kleponis)

وفي الأسبوع الماضي، قال بايدن لصحيفة نيويورك تايمز إنه “من الواضح أن هذا مجال لدى الإسرائيليين آراء قوية تجاهه، بما في ذلك في حركة احتجاج دائمة تظهر حيوية الديمقراطية الإسرائيلية، التي ينبغي أن تظل في جوهر علاقاتنا الثنائية”.

وأضاف بايدن أن “التوصل الى اجماع حول مجالات السياسة العامة يعني أخذ الوقت الذي تحتاجه”، وتابع قائلا “لإجراء تغييرات كبيرة، هذا ضروري. لذا فإن توصيتي للقادة الإسرائيليين هي عدم التسرع. أعتقد أن أفضل نتيجة هي الاستمرار في السعي إلى أوسع اجماع ممكن هنا”.

لكن نتنياهو لم يغير مساره، وأخبر بايدن في مكالمة هاتفية قبل يوم من حديث الرئيس مع الصحيفة أن المعارضة ليست معنية بالتسوية، وأنه سيمضي قدمًا في التشريع الذي يحد من المراجعة القضائية دون الإجماع الواسع الذي أكد لواشنطن في الماضي أنه سيضمنه. لكن قال رئيس الوزراء الإسرائيلي لبايدن أنه سيسعى لحشد دعم أوسع للأجزاء اللاحقة من الإصلاح، والتي سيتم طرحها في وقت لاحق من هذا العام.

ولم يوافق بايدن على مقابلة نتنياهو حتى مكالمة الأسبوع الماضي الهاتفية، بعد سبعة أشهر من تجنب هذا الاجتماع بسبب استياء الإدارة من خطط الإصلاح القضائي وسياسات القدس في الضفة الغربية.

الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ يتحدث إلى وسائل الإعلام خارج الجناح الغربي للبيت الأبيض بعد اجتماعه مع الرئيس جو بايدن، الثلاثاء، 18 يوليو، 2023، في واشنطن. (AP Photo / Jacquelyn Martin)

وعند عودته من الولايات المتحدة، توجه هرتسوغ مباشرة إلى مركز شيبا الطبي في رمات غان، حيث كان نتنياهو يتعافى بعد زرع جهاز لتنظيم ضربات القلب بين عشية وضحاها، ثم اجتمع أيضًا مع زعيم المعارضة يائير لبيد من حزب “يش عتيد” ورئيس حزب “الوحدة الوطنية” بيني غانتس.

وبدا أن لبيد يدعم اقتراح هرتسوغ الذي ورد إنه ينطوي على تخفيف بنود مشروع قانون “المعقولية”، وتعليق تشريعات الإصلاح اللاحقة لتمكين إجراء مفاوضات ولكن ورد إن غانتس لم يؤيده. ويعارض منظمو الاحتجاج بشدة التوصل إلى حل وسط مع الحكومة.

ووفقًا لموقع “واينت” الإخباري، بينما تم قبول معظم تفاصيل اقتراح هرتسوغ بشكل عام، النقطة الشائكة المتبقية هي مدى تأجيل سائر مشاريع قانون الإصلاح الشامل. الليكود مستعد للانتظار لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر، بينما يطالب لبيد بخمسة عشر شهرا على الأقل.

وقالت أخبار القناة 12 إن غانتس لا يدعم تأجيل المسائل الأكثر صعوبة ويفضل التوصل إلى حل شامل.

ولم يصدر رد رسمي بشأن المقترحات التي نوقشت في الاجتماعات. وقالت أخبار القناة 12 أنه يمكن سد الفجوات بين الجانبين بشأن التخفيف المحتمل لمشروع قانون “المعقولية”، وأن نقطة الخلاف الرئيسية كانت مطالبة المعارضة بتعليق أي تشريع إضافي لمدة 18 شهرًا.

مساء الأحد، نظم الإسرائيليون المعارضون والمؤيدون للإصلاح القضائي مظاهرات متنافسة في القدس وتل أبيب، على التوالي، بعد أن بدأ الكنيست صباح الأحد عملية سن قانون “المعقولية” الذي يلغي التدقيق القضائي في “معقولية” قرارات الحكومة والوزراء.

متظاهرون يمينيون يدعمون الحكومة وخططها لإصلاح النظام القضائي يتجمعون في تل أبيب، 23 يوليو 2023 (JACK GUEZ / AFP)

وباستثناء حدوث اختراق في اللحظة الأخيرة، فمن المتوقع أن يصبح هذا أول فوز تشريعي كبير في برنامج الائتلاف للحد من الضوابط القضائية على السلطة الحكومية.

وأشار ائتلاف نتنياهو إلى أنه يمضي قدما في تشريع “المعقولية” لإظهار تقدم في برنامج الإصلاح القضائي قبل عطلة الكنيست الصيفية في 30 يوليو.

مشروع القانون، الذي تم الدفع به من خلال جدول زمني متسارع خُصصت فيه تسع جلسات فقط لإعداد النص الأساسي لتعديل جوهري لأحد قوانين الأساس الشبه دستورية في إسرائيل، من المتوقع أن يتجاوز مماطلة مكثفة في الكنيست ليصبح قانونا بحلول الإثنين أو الثلاثاء.

يقول مؤيدو مشروع القانون إنه من غير المقبول أن تمارس هيئة قضاة غير منتخبة حكمها على مسائل تقديرية أو متعلقة بالسياسات العامة والتي غالبا ما يتم دمجها في قرارات إدارية، في حين يقول منتقدوه إن الإزالة الواسعة لمثل هذا التدقيق ستقلل من حاجة الحكومة إلى المرور بإجراءات مناسبة عند اتخاذ القرارات منذ البداية. وعن طريق إزالة الحماية على التعيينات، يمكن أن يفتح ذلك الباب أمام إنهاء استقلال “حراس البوابات” في النظام الديمقراطي.

يُوصف هذا الإجراء بأنه مقدمة لتغيير أكثر جوهرية في القضاء، حيث قال قادة الإئتلاف إن الخطوة التالية هي زيادة التأثير السياسي على اختيار القضاء. يضغط قادة الائتلاف أيضا من أجل منح الكنيست آلية لإلغاء قدرة المحاكم على إبطال تشريعات، وهي صلاحية مثيرة للجدل قال نتنياهو لوسائل إعلام أمريكية مؤخرا أنه لن يسعى إليها، ما أثار ردود فعل عنيفة من شركائه السياسيين الحريديم.

وفي غضون ذلك، صعّد المتظاهرون المناهضون للإصلاح من نشاطهم، ونظموا المظاهرة الحاشدة الأسبوعية يوم السبت إضافة إلى مظاهرة حاشدة أخرى يوم الأحد في العاصمة في ختام “المسيرة إلى القدس” التي استمرت أربعة أيام بهدف إقامة مخيم في حديقة “ساكر” بالقرب من الكنيست، حيث يقولون إنهم سيبقون حتى أن يتم شطب التشريع.

متظاهرون ضد الإصلاح القضائي بالقرب من المحكمة العليا والكنيست في القدس، 23 يوليو 2023 (Yair Palti)

ويوم السبت أيضا، قال حوالي 10 آلاف من جنود احتياط الجيش الإسرائيلي إنهم سيعلقون خدمتهم التطوعية احتجاجا على خطط الحكومة لإصلاح النظام القضائي. وجاء ذلك بعدما أصدر 1142 من جنود الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي، من بينهم أكثر من 400 طيار، رسالة الجمعة أعلنوا فيها أنهم سيعلقون الخدمة الاحتياطية التطوعية.

وكانت هذه آخر إعلانات تتسبب بموجات صدمة للجيش، الذي يكافح لمواجهة العدد المتزايد من قوات الاحتياط الذين يتركون الخدمة التطوعية للاحتجاج على الإصلاح، بينما يحذر مسؤولو الدفاع من أن الظاهرة المتنامية قد تؤثر على الاستعداد الوطني.

وورد إن وزير الدفاع يوآف غالانت يعمل على محاولة تأخير تصويت الكنيست على مشروع قانون “المعقولية” والعمل نحو تحقيق “إجماع واسع” من شأنه “ضمان أمن دولة إسرائيل، مع فصل الجيش الإسرائيلي عن الخطاب السياسي”.

وكان لوزير الدفاع دورًا مركزيًا في إيقاف الإصلاح المثير للجدل في أواخر مارس. وأقاله نتنياهو بعد دعوته إلى وقف التشريع في خطاب عام، مما أدى إلى احتجاجات حاشدة وإضراب عمالي على مستوى البلاد وإغلاق مطار بن غوريون.

وعلق نتنياهو التشريع مؤقتًا، ووافق على إجراء محادثات مع المعارضة تحت رعاية هرتسوغ التي انهارت منذ ذلك الحين، وأعاد في نهاية المطاف غالانت إلى منصبه.

وقالت القناة 12 يوم الجمعة أن غالانت كان يحاول هذه المرة العمل داخل النظام السياسي لمحاولة نزع فتيل الأزمة.

وفي تقرير يوم الأحد، قالت القناة 12 إن نتنياهو اتصل على الفور بغالانت بعد أن أبلغت القناة عن جهوده للتوصل إلى حل وسط يوم الجمعة، وطلب من وزير الدفاع التراجع بغضب.

“تعتقد أن اقتراحك يمكن أن يكون مفيدًا ولكنه يسبب ضررًا كبيرًا. توقف عن التصرف وكأنك رئيس الوزراء. أنا أتعامل مع الحادث، توقف عن التدخل”، قال نتنياهو لغالانت خلال مكالمتهما، بحسب القناة 12.

ساهمت كاري كيلر لين في إعداد هذا التقرير.