اخبار فلسطين

في قرار دراماتيكي، المحكمة العليا تقضي بأن زعيم “شاس” أرييه درعي لا يمكنه شغل منصب وزير

قضت محكمة العدل العليا يوم الأربعاء، بأن بتعيين زعيم حزب “شاس” أرييه درعي وزيرا للداخلية والصحة “غير معقول إلى أقصى حد” بسبب إداناته الجنائية، والتي كان آخرها بتهمة الاحتيال الضريبي في عام 2022.

الحكم الدراماتيكي صب الزيت على نار التوترات بين الحكومة والجهاز القضائي حول خطط الإصلاحات القضائية، وأثار دعوات فورية من قبل الائتلاف الحاكم لمضاعفة الضغط من أجل تشريع يهدف إلى تقييد قدرة المحكمة على الحكم في قرارات الحكومة أو الكنيست، بينما أشادت المعارضة بالقرار ودعت درعي إلى التنحي عن منصبيه الوزاريين على الفور.

وقالت المحكمة العليا في بيان بعد الحكم “قرر غالبية قضاة الهيئة القضائية أن هذا التعيين غير معقول إلى حد كبير، وعلى هذا النحو يجب على رئيس الوزراء عزله [درعي] من منصبه”.

في الحكم الذي أيده عشرة قضاة مقابل معارضة قاض واحد، قبلت المحكمة رأي النائبة العامة غالي باهرافميارا بأن تعيين درعي لم يجتاز اختبار “المعقولية” الذي يمكن للمحاكم استخدامه لقياس قرارات الحكومة.

وقد تعهد أعضاء الإئتلاف بإصدار قانون يمنع المحاكم من إلغاء قرارات الحكومة على أساس “المعقولية”.

جادلت الالتماسات ضد تعيين درعي، التي قدمتها “الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل”، و”الحركة من أجل السلوك الأخلاقي” ومجموعة من الأفراد، بأن إدانته في عام 2022 بتهم الاحتيال الضريبي، وكذلك إدانته في عام 1999 بتهم رشوة، تجعله غير مؤهل ليكون وزيرا.

ولأن درعي صدر بحقه حكم مع وقف التنفيذ من قبل محكمة الصلح في القدس في العام الماضي كجزء من صفقة إدعاء، لم يتم تحديد ما إذا كانت الإدانة تنطوي على مخالفة أخلاقية، وهي نتيجة كانت ستلزمه بالابتعاد عن السياسة لمدة سبع سنوات.

وقالت المحكمة العليا إن درعي أشار إلى أنه كجزء من صفقة الإدعاء، أعطى محكمة الصلح في القدس الانطباع بأنه سيعتزل الحياة السياسية. ومع ذلك، استمر درعي في رئاسة قائمة حزب شاس للكنيست في انتخابات 2022.

رئيسة المحكمة العليا استير حايوت (وسط) وزملاؤها يعقدون جلسة استماع في التماسات تطالبهم بمنع عودة زعيم حزب “شاس” أرييه درعي إلى منصب وزير بسبب إدانته مؤخرا والحكم الصادر بحقه مع وقف التنفيذ في تهم ضريبية، في المحكمة العليا بالقدس، 5 يناير، 2023. (Yonatan Sindel / Flash90)

وقالت المحكمة العليا إن ادعائه بأنه سيستقيل من الكنيست وسيعتزل السياسة ظاهريا، “أثر على العملية الجنائية فيما يتعلق بقضية الاحتيال الضريبي”، وأشارت إلى أنه ليس بإمكانه الرجوع إلى المحكمة الأدنى درجة بسبب مبدأ الإغلاق الحكمي، الذي يحظر على أطراف الدعاوى القانونية تغيير الدعاوى في إجراءات مختلفة.

قد يساعد استخدام حجة الإغلاق الحكمي على تحصين الحكم من أن يُلغى إذا تمكنت الحكومة من التخلص من اختبار “المعقولية” من أجل إبقاء درعي في مجلس الوزراء.

والتقى درعي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس مساء الأربعاء.

خلال جلسة بتت في الالتماسات المرفوعة ضد درعي في وقت سابق من هذا الشهر، ادعى محامي درعي أن محكمة الصلح في القدس أساءت فهم تصريحه بأنه سيستقيل من الكنيست وسيؤدي من الآن فصاعدا خدمة عامة من خارج البرلمان.

اعترض العديد من قضاة المحكمة العليا على هذا الادعاء أثناء الجلسة نفسها، بما في ذلك القاضي أليكس شتاين، الذي قال أثناء الجلسة: “لا يمكن للمرء أن يقول إنه سيتقاعد [من الحياة العامة] وأن يستفيد من صفقة ادعاء مريحة له، وأن يقول بعد مدة قصيرة من الزمن عكس ذلك ويتم تعيينه عضوا في الكنيست ووزيرا”.

اعترض القاضي يوسف إلرون على رأي الأغلبية، وكتب أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يجب أن يطلب حكما بشأن تعيين درعي من رئيس لجنة الانتخابات المركزية لتحديد ما إذا كانت إدانة درعي بالاحتيال الضريبي تحمل تصنيف الفساد الأخلاقي وبالتالي ما إذا كان بإمكانه شغل منصب وزير في الحكومة.

كما ذكرت الالتماسات المرفوعة ضد تعيين درعي أن التشريع الذي أقرته الحكومة الجديدة لتعديل “قانون أساس:الحكومة” للسماح للحكومة بتعيين درعي هو بمثابة إساءة استخدام للسلطة التأسيسية للكنيست، حيث تم تمرير التعديل على القانون لصالح فرد ومن أجل الاحتياجات الفورية للحكومة الجديدة.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع وزير الداخلية والصحة أرييه درعي خلال في مراسم أداء اليمين للحكومة الجديدة في الكنيست، 29 ديسمبر، 2022. (Yonatan Sindel / Flash90)

ومع ذلك، رفضت المحكمة إبطال تعديل قانون الأساس، مشيرة إلى أن إلغاء القوانين هو الملاذ الأخير وخاصة عند التعامل مع قوانين الأساس شبه الدستورية لإسرائيل.

لكن بعض القضاة رأوا أن عملية تعديل قانون الأساس قد تلطخت بسبب “وصمة شخصية بالكامل”.

وكتبت رئيسة المحكمة العليا إستر حايوت أنه على الرغم من أن المحكمة يجب أن تتدخل فقط في التعيينات الوزارية في ظروف استثنائية للغاية، إلا أن تعيين درعي يلبي هذه الظروف.

وأشارت حايوت إلى أن رئيس الوزراء يتمتع بسلطة تقديرية واسعة بشأن التعيينات السياسية، واشارت أيضا إلى أن درعي وحزبه شاس “حظوا بثقة الجمهور” خلال الانتخابات الأخيرة عندما حصلوا على ما يقرب من 400 ألف صوت وعلى 11 مقعدا في الكنيست.

وقالت: “مع ذلك، فإن السلطة التقديرية الواسعة لا تعني سلطة تقديرية غير محدودة”، ولذلك خضعت بعض تعيينات رئاسة الوزراء للمراجعة القضائية.

وأشارت حايوت أيضا إلى أنه عندما طُلب من المحكمة البت في تعيين درعي وزيرا للداخلية في عام 2015، قالت في تلك المرحلة إن تعيينه كان حتى ذلك الحين “على حدود ما هو معقول” بالنظر إلى إدانته بالرشوة في عام 1999.

أنصار حزب “شاس” يحتفلون بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي الأولية فوز الحزب اليهودي المتشدد بمقاعد في تل أبيب، 1 نوفمبر 2022 (Yossi Zamir / Flash90)

وتابعت أن درعي تلقى حكما مع وقف التنفيذ بسبب إدانته بالاحتيال الضريبي في عام 2022، مما يعني أن التعيين تجاوز الآن حدود المعقولية.

في صفقة الادعاء التي وقّع عليها درعي ووافقت عليها محكمة الصلح في القدس بشأن تلك المخالفات الضريبية، أشارت حايوت إلى أن المحكمة كتبت: “لقد سجلنا إعلان [درعي] قراره بالاستقالة من الكنيست، وبالتالي لن يطلب النائب العام قرارا لتحديد ما إذا كان هناك فساد أخلاقي”.

كما أشارت إلى أن المدعي العام آنذاك أفيحاي ماندلبليت وخليفته باهراف ميارا اعتقدا أن إداناته تنطوي على فساد أخلاقي.

وأشارت حايوت إلى تصريح لمحامي درعي في جلسة  البت في صفقة الادعاء بأن “البيان العلني للمتهم واعتزاله الحياة السياسية يظهران” أنه يتحدث من القلب.

كما أشارت إلى تصريح درعي نفسه في الجلسة بأنه “يريد الاستمرار في خدمة الجمهور الذي يمثله ب مختلفة، حتى لو لم يكن في الكنيست”، ولكن بعد يوم أعلن ترشيح نفسه للكنيست في أي انتخابات مقبلة كرئيس لحزب شاس.

وقالت المحكمة “لذلك، تقرر أن البيان الذي قدمه درعي أثناء الجلسة أمام محكمة الصلح بشأن تقاعده من الحياة العامة التي على أساسها حُكم عليه بارتكاب جرائم ضريبية وتنصله من هذا العرض بعد ذلك مباشرة يثيران الشكوك فيما يتعلق بنزاهته ونظافة يديه في سلوكه أمام المحكمة، وهو ما يثير صعوبات حقيقية فيما يتعلق بفترة ولاية درعي في منصب الوزير، ويعزز الاستنتاج بشأن عدم معقولية التعيين”.

متظاهرون ضد الإصلاح القضائي المخطط له خارج مقر إقامة رئيس الدولة في القدس، 14 يناير، 2023. (Olivier Fitoussi / Flash90)

ردا على الحكم، اتهمت أحزاب الإئتلاف المحكمة بالدوس على إرادة الناخبين.

وجاء في بيان صدر عن حزب شاس “اليوم، قضت المحكمة فعليا بأن الانتخابات لا معنى لها. قرار المحكمة سياسي وملوث بعدم معقولية مفرطة”.

ووصف بيان أرسله الليكود ووقّع عليه رؤساء الأحزاب الائتلافية درعي بأنه جزء “مركزي وهام” من الحكومة وتعهد بإبقائه في منصبه.

وجاء في البيان أن “دولة إسرائيل بحاجة إلى قدراته الاستثنائية وخبرته الواسعة في هذه الأيام المعقدة أكثر من أي وقت مضى”.

في غضون ذلك، دعا قادة أحزاب المعارضة الحكومة إلى احترام الحكم.

وقال زعيم المعارضة يائير لابيد: “إذا لم تتم إقالة أرييه درعي، فإن الحكومة ستخالف القانون”، وحذر من أن إسرائيل ستنجر “إلى أزمة دستورية غير مسبوقة ولن تكون ديمقراطية بعد الآن”.

وقالت رئيسة حزب “العمل” ميراف ميخائيلي: “في دولة ديمقراطية، يحترم اليمين واليسار قرار المحكمة”.