اخبار الكويت

ألم أقل لكم؟ بقلم د يعقوب يوسف الغنيم

  • لا فائدة تُرجى من تغير المواقف العراقية تجاهنا إلى الأحسن فنحن نرى في كل يوم المزيد من مشاعر الكراهية فتذكروا ما حلّ بوطننا واقطعوا كل أمل في التواصل معهم
  • إلى متى نسمع منهم كيل الأراجيف والتهـم علـى ألسنـة أعضاء مجلسهم التشريعي وكثير من الأمور المعلقة معهم لاتزال على حالها ولم ينفذ منها شيء
  • مَرُّ السنين ومحاولة بعضنا غض النظر عن الماضي الأسود لم يُجديا نفعاً ولم يزيلا أحقاد هؤلاء القوم ولذا فلا شأن لنـا بهم ولتأكلهـم أحقادهم التي ابتلاهـم الله بها وتركـزت في قلوبهـم ضـد بلادنا
  • كيف نثق بقوم قدمت لهم الكويت الكثير من الدعم ثم نسمع السياسيين منهم يتبــارون في الادعاءات الباطلة والأضاليــل بحــق الكويت وشعبها؟
  •  الكويت بذلت غاية الجهد في علاج ما في نفوس أبناء جار الشمال وحاولت أن تستلّ من قلوبهم الأحقاد الدفينة المزروعة فيهم من أيام ملكهم الغابر غـازي مروراَ بعبدالكريم قاسـم وصدام حسين

قال الأولون: ما أشبه الليلة بالبارحة، وهذا القول قريب جدا من حقائق الأمور، فإننا إذا ألقينا نظرة على المقال الذي نورده هنا، وقارنا ما يشير إليه، وجدناه لا يبتعد كثيراً عما نحن فيه اليوم من حيث ما يتعلق بالمواقف العراقية من بلادنا.

لانزال نسمع الترهات التي رددنا عليها كثيرا، ولا نزال نسمع ما تردد من أطماع في وطننا، وما يقال في محافلهم السياسية والشعبية من أقوال تدل على سوء النوايا، وعدم احترام الاتفاقات، وأهمها ما عقد بمعرفة الأمم المتحدة، وما نسمع من تصريحات تدل على عدم الالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه. وقد عدنا في هذه الأيام إلى ما جرى بالأمس، فها نحن نسمع ونقرأ من كبارهم وصغارهم ما يدل على أننا لا ينبغي أن ننتظر منهم صرف النظر عن الأحقاد التي ابتلاهم الله بها، وتركزت في قلوبهم ضد بلادنا.

وتأكيدا لذلك فإن ما ينشر هنا مقال سبق أن كتب منذ مدة ونشر في اليوم الثاني عشر من شهر يوليو لسنة 2010م، نضعه الآن مرة أخرى بين أيدي القراء، لكي نبين أن مر السنين ومحاولة بعضنا غض النظر عن الماضي الأسود لم يجديا نفعا، ولم يزيلا أحقاد هؤلاء القوم، ولذا فلا شأن لنا بهم ولتأكلهم أحقادهم وهذا هو المقال المشار إليه، وكان بعنوان: ألم أَقُلْ لكم؟».

ضمني لقاء مع أحد الأصدقاء قبل بضعة أيام، وكان حديثنا متنوعا، ولكنه أراد أن يسألني عن كتاباتي الخاصة بوضعنا الحالي مع العراق، وقد ادعى في ذلك اللقاء أن الغزو قد مرت عليه سنوات، وأننا ينبغي أن نتجاوز عن كثير من الأمور التي تركت آثارها في نفوسنا من جراء ذلك. وهو يقول: إن ما تكتبه لا يساعد على النسيان، ويرى أن الأفضل لنا جميعا أن ننظر إلى أمور علاقتنا مع الجار الشمالي بمنظار آخر.. هكذا وكأنه يعلم من أين يأتي النسيان، بينما أنا أصر على أن النسيان غير ممكن، وذلك لسببين، أولهما: أن الدول التي تحترم نفسها لا يمكن أن تنسى الإساءة إليها مهما طال الزمن، فالشخص العادي قد يتجاوز عن الكثير من الأمور، ولكن الدول يصعب عليها النسيان، لأن ما يحدث لها من إساءة يسجل في تاريخها وتقرؤه الأجيال المتتالية في الكتب التي تتناول تاريخ الحقب التي مرت بها، والأحداث التي شهدتها على مر السنين.

وثاني السببين يكمن في أن هذا الجار الشمالي لا يريد أن يتعايش معنا كما تتعايش الدول المتجاورة حتى ولو لم يكن يربطها ببعض رابط ديني أو أخوي أو تاريخ قديم مشترك. ولقد حاولت الكويت – يعلم الله – أنها قد بذلت غاية الجهد في علاج ما في نفوس أبناء هذا البلد الجار، وحاولت بقدر المستطاع أن تستل من قلوبهم الأحقاد الدفينة المزروعة فيهم من أيام ملكهم الغابر غازي مرورا بعبدالكريم قاسم وصدام حسين، ولكن دون جدوى. ولقد كتب الكثير من المماحكات والتدخلات، والغمز واللمز التي تكثر على ألسنة السياسيين منهم، ونجدها مكتوبة في صفحتهم إذ ليس أمامي إلا أن أدافع عن وطني بالقول ما دام السكوت عندنا هو سيد الموقف، ورغم ذلك فإن أجهزة العراق المتعددة لم تتوقف عن إلحاق الأذى بنا، حتى لقد صرنا نتحدث عن المستقبل، إذ يتساءل الكثيرون منا: أي مستقبل ينتظرنا ونحن نعايش هذا الجار المؤذي؟

وإلى متى نستمع منهم إلى كيل الأراجيف والتهم، وليس هذا في الصحف فقط بل يأتي – عادة – على ألسنة أعضاء في مجلسهم التشريعي الذي لم يتوقف فيه واحد منهم يوما عن شتمنا وإلحاق الأذى بنا، وإثارة المشكلات من كل نوع أمامنا، وليس هذا فحسب، بل إن كثيرا من الأمور المعلقة معهم منذ حرب تحرير الكويت لاتزال على حالها، ولا نسمع حولها إلا تصريحات لا يصل إلى حيز التنفيذ منها شيء على الإطلاق، ولم نجدها يوما وصلوا معنا في مفاوضات حول أي منها بل هم يطوون أوراقهم ويلوذون بالصمت، إلى أن نسمع تصريحا آخر بأنهم على استعداد لبحث الأمور المعلقة التي لن نبحث أبدا مادامت هذه هي طريقتهم.

كيف نثق بقوم قدمت لهم الكويت في الماضي وفي الحاضر الكثير من الدعم على اختلاف أنواعه، ثم نسمع السياسيين منهم يتبارون في التصريحات المتشنجة والادعاءات الباطلة والأضاليل التي لا حد لها وكل ذلك بحق الكويت وشعبها.

وآخر أمور التهييج التي وردت إلينا ما قاله مندوب العراق لدى جامعة الدول العربية الذي أعاد الأمور مع بلاده إلى بداياتها، وبداياتها – كما نعلم – هو الغزو. لقد عاد العراق على لسانه إلى مزاعمه القديمة وبخاصة فيما يتعلق بالحدود والتعويضات وكل ما أقره مجلس الأمن.

والغريب أننا سمعنا من سفيرهم في الكويت قوله: لا علينا مما يثيره بعض أعضاء مجلس الشعب في بغداد، وهو يشير بذلك إلى أن الصفة الحكومية هي التي سوف تتغلب لمصلحة العلاقات مع الكويت. إذن ما رأي سعادة السفير في تصريحات قيس العزاوي، وهو سياسي عراقي تابع للحكومة العراقية وممثل لها وناطق بلسانها؟ أتريدوننا أن نصدق بعد هذا بأن هناك نوايا حسنة يحتفظون بها تجاهنا؟ لا أظن ذلك، بل ليس هناك إلا الحقد، والكراهية، والأطماع التي لا تزال تسيطر على نفوسهم وتمتلك قلوبهم.

بقي أن أقول لأبناء وطني إنه لا فائدة ترجى من انتظار تغير المواقف العراقية تجاهنا إلى الأحسن، فنحن نرى في كل يوم المزيد من مشاعر الكراهية ونستمع في كل يوم من السياسيين والأبواق الإعلامية عندهم ما ينسف كل جهد للنسيان، فتذكروا ما حلّ بوطننا واقطعوا كل أمل في التواصل مع هؤلاء، لأننا لا نأمن متى أو من أين تأتي الضربة المؤلمة التي لا يزالون يأملون في توجيهها إلى وطننا المسالم الذي لم يقدم لهم إلا كل خير، وأخيرا: من أين يأتي النسيان؟