اخبار مصر

«النقشبندي».. الصوت الذي نقش حب الله في القلوب

اعتادت آذان الأجيال جيلاً بعد جيل على أن يكون لشيخ المبتهلين «سيد النقشبندي» موقعه منها، ومستقره فيها، تتلقفه بنهمٍ قبل استقراره في الأرواح والقلوب فتأمن ورائه في عشق لا يعرف نهاية، طاب ذكره بين المصريين خاصة وفي العالم الإسلامي عامة، ولم أكن فى عشقه سوى مفاخراً بكون واحداً من عظماء محافظتنا المسماة بـ«عروس الدلتا»، أكملت به تيجانها وعناقيدها وفرسانها في الميادين المتنوعة، فكان في العالمين كـ«الشعراوي» في التفسير، و«أم كلثوم» في الطرب، و«السيد السعيد» في التلاوة، وغيرهم كثير.
ومع اقتراب رحيل شهر رمضان، لم يكن نفارقه إلا بحديث عن علمٍ قلما يجود الزمان بمثله، ارتبط به أذاني الفجر والمغرب رمضان تلو آخر، حيث لا يُعرف رمضان بين المصريين سوى بروحانياته، قرآنه، أهازيجه، مدائحه، عاداته وتقاليده التي توارثتها الأجيال المتعاقبة، ورغم أن دولة التلاوة والمديح المصرية مَعِين عذب لا ينضب، إلا أن لأعلامها مكانة لا تنتزع بمرور الأيام ورحيل الأجساد. 
وعلى الرغم من أن شيخ المبتهلين واحداً ممن تنبأ وتيقن بغيابه فأنشد “أغيب” إلا أنه لم يغب عنا حقيقة يوماً من الأيام، وقف ببابا مولاه مناجيا “مولاي” فتتبعه الواقفون في كل زمان ومكان، وشكت نفسه فشكو، وعظمت ذنوبه فاستغفروا وترحموا له، جعل الروح تطرب حباً وخشوعاً فتنهال مع كلماته شلالات الدمع تزرف على وجنات العاشقين لمولاهم. 
ارتبط حضور «النقشبندي» في قرارة أذني بسندال الحداد الذي امتلكه جدي، فكان رحمه الله تعالى حداداً صوفياً يعرف لكل طريق إلى الله قدره، كان يخبرني أن المداح والمبتهل لا يقل مكانة في العمل الدعوي عن الشيخ، المفسر، والقارئ، فالجميع في التعريف بالله ورسوله جُند مجندة. فقد جعلني رحمه الله قادرا على أن أميز صوته بين ألوف المنشدين والمداحين والمبتهلين على اختلاف مشاربهم وأوطانهم.
اعتادت إذاعة القرآن الكريم التي لم تفارقنا رحلة طفولتنا وشبابنا أن تجعل مناداتنا بقوله «لأنك ظاهر في كل شيء خفيت عن الخلائق في ظهورك»، ولم يكن لقولته «مولاي» سوى هزة أرضية عنيفة يصعب على قياس ريختر أن يحسم واقعها في القلوب. كان للنقشبندي سحره الذي أبقاه في قلوب أجيال عاصرته وأخرى لم تسمع عنه سوى صوته الذي حُفظ ضمن تراث دولة المبتهلين والمداحين والمنشدين منقوشاً بماء الذهب، وخلد فيها إلى ما شاء الله تعالى أن يكون، ورغم تلاوته لبعض آيات الكتب العظيم إلا أنه كان مقدراً له أن يبقى في العالمين مبتهلاً إلى الله يشكو نفسه قائلا:«النفس تشكو ومن يدرى بما فيها سواك ياخالق الدنيا وباريها»، ووقف بـ «بابا مولاه باسطا يديه»،  ظن الغياب فقال:«أغيبٌ وذو اللطائف لا يغيبٌ»، فكان «تدبيره فيه عجيبٌ»، وكان «في رحمته آية ومحبة وهداية»، فناجى بالنفس ضارعة «يارب فاكشف لها نور يواسيها»، فـ«سطعت تسبيحا لمحييها». 
ولله في خلقه شؤون وحكم فقد كان لما أوقعه «النقشبندي» في القلوب من محبة خالقها نصيبا من اسمه، حيث يتكون اسم «النقشبندي» من مقطعين أحدهما «نقش» والآخر «بندي»، وهي في اللغة العربية: نقش حب الله على القلب، وفي الفارسية فإن «النقش بند» فتعني الرسام أو النقاش، وعرف بـ«النقشبندي» نسبة إلى الطريقة النقشبندية وشيخها بهاء الدين نقشبند المتوفى سنة 791 هجرية.
ولد الشيخ سيد محمد النقشبندى، في السابع من يناير عام 1920، بقرية دميرة إحدى قرى محافظة الدقهلية، وانتقل مع أسرته إلى صعيد مصر، حيث مدينة طهطا بمحافظة سوهاج، فحفظ القرآن الكريم، وتعلم الإنشاد الدينى فى حلقات الذكر بين مريدى الطريقة النقشبندية.
وفي عام 1955 ذاع صيته في مصر والدول العربية، ومن أشهر ابتهالاته «مولاي»،«يا منزل الذكر في ليلة القدر»، «ماشي بنور الله»، و«أغُيب»، وتوفي «النقشبندي» إثر نوبة قلبية في الرابع عشر من فبراير 1976.

function replaceOembeds() { var allEmbeds = document.getElementsByTagName("OEMBED");

while (allEmbeds.length != 0) { replaceOembedWithHtml(allEmbeds[0], extractLinkFromOembed(allEmbeds[0])); allEmbeds = document.getElementsByTagName("OEMBED"); }

runYoutubeLazyLoad();

setTimeout(function () { loadfbApi(); }, 4000); }

function replaceOembedWithHtml(element, sourceData) { if (sourceData.source.toLowerCase() === "youtube") { var html="

" + '

' + '

' + '

' + '' + '' + '';

replaceElementWithHtml(element, html); } else if (sourceData.source.toLowerCase() === "instagram") { var html="