اخبار الإمارات

أوكرانيا في الناتو.. “المادة المفخخة” تعرقل العضوية الكاملة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ.(أرشيف)

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ.(أرشيف)

الأحد 7 مايو 2023 / 10:18

اعتبر الكاتب السياسي في شبكة “بلومبرغ” أندرياس كلوث أن هناك أسباب ممتازة لقبول انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو). ولكن توجد أيضاً أسباب أفضل لعدم فعل ذلك.

سيكون للحلفاء مصلحة مشروعة في استراتيجية كييف لمنع الحرب في الانفلاش إلى دول البلطيق والفضاء والصوامع النووية

ولهذا، عندما يجتمع 31 حليفاً أطلسياً في يوليو (تموز) خلال قمتهم في ليتوانيا، سيتعين عليهم احتضان أوكرانيا بكل طريقة ممكنة باستثناء واحدة. يجب ألا يعدوا كييف بجعلها عضواً كاملاً يتمتع بالحماية بموجب المادة الخامسة من الحلف، هذه هي المادة التي تقول إن الهجوم على حليف واحد هو هجوم على الجميع.

معنى إغلاق الباب

أوضح كلوث في موقع “بلومبرغ” أن تقييمه لا يرتبط بما إذا كانت أوكرانيا تنتمي بشكل مناسب إلى “الغرب”. هي بالتأكيد تنتمي إليه، وبالتالي ينبغي أن تنضم إلى الاتحاد الأوروبي في أقرب وقت ممكن. كما أن مسألة العضوية ليست خياراً بشأن ما إذا كان ينبغي على الحلفاء الغربيين الاستمرار في دعم الأوكرانيين في كفاحهم البطولي ضد الغزاة الروس. يجب عليهم ذلك بكل تأكيد عبر السلاح والمال والمعلومات وكل شيء آخر، باستثناء وضع جنود على الأرض. علاوة على ذلك، إن إغفال دعوة رسمية لأوكرانيا الآن للانضمام إلى التحالف لا يعني منعها من الانضمام إليه في وقت ما من المستقبل.

 

لكن لا يمكن تقديم الضمانة الأمنية المنصوص عنها في المادة الخامسة وسط الظروف الحالية. لا ينبغي لأي حلف، والناتو هو الحلف الأكثر نجاحاً في التاريخ، أن يستقبل دولة هي أساساً في حالة حرب ضد العدو الواضح للحلف، وهو عدو يملك أسلحة نووية. هذا موقف يخضع للواقعية. إنه استنتاج يأتي من العقل، لا من القلب الذي ينبض لكييف.

بين الواقع والعادل… خيبة أمل

إن أي شيء أقل من الانضمام الكامل للحلف سيخيّب بالطبع آمال الأوكرانيين. دعا وزير خارجية البلاد دميترو كوليبا إلى “التوقف عن تقديم الأعذار” وعرض التزام مكتوب خلال القمة التي ستستضيفها فيلنيوس. يعتقد كوليبا أنه من الظلم أن يقبل الناتو بفنلندا وهي أيضاً جارة مباشرة لروسيا، وعلى الأرجح بالسويد عما قريب، من دون أن يقبل بانضمام أوكرانيا. فالأوكرانيون هم الذين يدافعون الآن عما تبقى من نظام السلام في أوروبا ويدفعون دماءهم مقابل ذلك. وهم يصبحون محاربين متمرسين في المعركة خلال هذه العملية. يجب أن يكون الناتو بالتأكيد ممتناً ومتشوقاً لتجنيد هذه القوة المقاتلة في صفوفه.

لكن القلب هو الذي يتحدث هنا وليس العقل، حسب كلوث. إذا كان على العضوية الأطلسية أن تُمنح إلى البلدان التي تستحقها فقط، فستعطى بالفعل إلى أوكرانيا – حتى أنه قد يتم سحبها من المجر أو تركيا. ومع ذلك، لا يمكن أن يقتصر الانضمام إلى الناتو على ما هو عادل فقط. كما يستهدف كوليبا حجة أخرى عُرضت في الماضي ضد عضوية أوكرانيا. وتقول إن قبول المزيد من الدول التي كانت سابقاً في الاتحاد السوفايتي أو الإمبراطورية القيصرية يستفز موسكو بلا ضرورة.
يقول كوليبا إن هذا “كان دوماً خاطأ”، وهو الآن “مضحك”. في النهاية، احتل بوتين شبه جزيرة القرم سنة 2014، عندما تخلت أوكرانيا عن طموحها للانضمام إلى الناتو، ثم غزت البلاد السنة الماضية، عندما لم تعد العضوية قيد المناقشة. يوافق كلوث مرة أخرى ويصف بوتين بالمتنمر والمعتدي مضيفاً أنه ليس بحاجة إلى استفزاز لإطلاق تهديد أو هجوم. يفهم بوتين فقط الردع الذي يتم التعبير عنه بلغة القوة والبراعة القتالية. هذا هو سبب وجود الناتو.

جحيم قاري

الحجة الصحيحة ضد قبول أوكرانيا مختلفة حسب الكاتب. لا يمكن التعهد بالدفاع عن عضو جديد يتعرض فعلاً للهجوم من دون الدخول بشكل مباشر ومتزامن في الحرب نفسها. طالما أن قوات بوتين تطلق النار على الأوكرانيين، سيضطر جميع الحلفاء الآخرين إلى المساعدة – أي الرد على النيران. يستحيل التنبؤ بسيناريوهات التصعيد. لكنها تشمل الانزلاق إلى حرب عالمية ثالثة.
بهذا المعنى، ينطوي بند الدفاع المتبادل في المادة الخامسة على آلية لا تختلف عن تشكيلات التحالفات الأكثر تعقيداً والتي أدت إلى الحرب العالمية الأولى. في ذلك الوقت، وبطرق لم يفهمها قادة أوروبا بشكل كامل، حولت سلسلة من الالتزامات التي نصت عليها المعاهدات نزاعاً بين الإمبراطورية النمسوية-المجرية وصربيا إلى جحيم قاري، ثم جحيم شبه عالمي.

الناتو سيقيّد أوكرانيا

ما من طريقة معقولة لتعريف العضوية الأوكرانية بطريقة تمنع مثل هذه المخاطر. لا يمكن لحلف الناتو مثلاً تطبيق المادة الخامسة على الأراضي التي يسيطر عليها الأوكرانيون حالياً. أولاً، إن استبعاد إخضاع الأراضي المتنازع عليها لحماية المادة الخامسة سيرقى إلى مستوى التنازلات التي يرفض الأوكرانيون بحق تقديمها. ثانياً، لن تعكس مثل هذه الأمور التقنية خط المواجهة الفعلي، وهو متبدل. سوف يواصل الأوكرانيون والروس إطلاق النار على بعضهم البعض في جميع أنحاء البلاد. إلا أن الروس سيطلقون النار على جنود الناتو الأوكرانيين.
بمجرد أن يصبح الحلف طرفاً في الحرب ضمن هذا الوضع الافتراضي، سيكون للحلفاء مصلحة مشروعة في استراتيجية كييف لمنع الحرب في الانفلاش إلى دول البلطيق والفضاء والصوامع النووية، أي لمنعها من التحول إلى حرب عالمية. في الواقع، سيكون على بروكسل وواشنطن ولندن وبرلين وغيرها أن تملي على كييف مكان وكيفية مهاجمة أو عدم مهاجمة الروس. لا يصب هذا في مصلحة الأوكرانيين طالما أنهم يحاولون تحرير بلدهم بأكمله.

مسألة أخرى

يستنتج الواقعي الجيوسياسي أن “الغرب” يجب أن يساعد أوكرانيا من خلال التعجيل بحصولها على عضوية الاتحاد الأوروبي، وتسليحها من ترسانات ومصانع حلفاء الناتو. مع ذلك، ينبغي على الغرب ألا يدخل الحرب إلى جانب كييف، ويرى كلوث أن الضمانات الأمنية الغربية بعد الحرب هي مسألة أخرى.
في الواقع، ستصبح بالضرورة إحدى النقاط الرئيسية لمحادثات السلام بين كييف وموسكو ووسطائهما. ويأمل في الختام أن تهزم أوكرانيا الروس في أسرع وقت ممكن، حتى تتمكن من شغل مقعدها على طاولة المفاوضات بفخر وقوة.