اقتصاد

مستهدفات التموين في موسم توريد القمح مهددة بسبب الفجوة بين سعر الحكومة والسوق الحرة


محمد فوزي


نشر في:
الثلاثاء 7 فبراير 2023 – 7:24 م
| آخر تحديث:
الثلاثاء 7 فبراير 2023 – 7:24 م

الوليلي: 50 دولارا فجوة بين السعرين.. والرقابة أداة الحكومة لجمع الكمية المستهدفة
الحيني: الدولة تدعم الفلاح الأجنبي بالاستيراد وتتجاهل المزارع المحلي

كشف عدد من القائمين على زراعة وتجارة القمح لـ«الشروق»، أن عددا كبيرا من الفلاحين يتجهون لعدم التوريد للحكومة خلال موسم الحصاد المقبل الذى سيبدأ فى أبريل، مرجعين ذلك إلى وجود فجوة كبيرة بين السعر الاسترشادى الذى أعلنته الحكومة، والسعر فى السوق الحرة، تصل إلى 3 آلاف جنيه فى الطن، مضيفين أن الحكومة ستواجه صعوبة شديدة فى جمع القمح الموجه للخبز المدعم من المزارعين إذا تمسكت بسعرها المعلن.
وأعلن رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولى، الشهر الماضى، عن زيادة السعر الاسترشادى لتوريد إردب القمح للفلاحين إلى 1250 جنيها، مقابل 1000 جنيه، الذى كان محددا فى سبتمبر الماضى، مضيفا أن هذا الرقم يعتبر مجزيا مقارنة بموسم التوريد الماضى، والذى وصل فيه إجمالى قيمة الإردب مع الحافز المصروف، لنحو 880 جنيها، مؤكدا استمرار الدولة فى صرف السماد المدعم للفلاح من أجل دعم الزراعة والمُزارع.
وكان على المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، قد ذكر منتصف الشهر الماضى، أن الحكومة تتوقع جمع 4 ملايين طن قمح فى الموسم الجديد، مقابل 4.2 مليون طن العام الماضى، كأعلى كمية حصلت عليها الحكومة من قبل، لكنه لم يذكر سبب انخفاض الكمية المتوقع جمعها.
وكانت الحكومة تستهدف تسلم 5.5 إلى 6 ملايين طن قمح الموسم الماضى، بينما جمعت 4.2 مليون طن فقط.
قال مجدى الوليلى، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، إن سعر الإردب المحدد من الحكومة يعنى أن سعر طن القمح يسجل 8250 جنيها بما يوازى نحو 270 دولارا (الطن يساوى 6.6 إردب)، مضيفا أن سعر طن القمح عالميا يتراوح حاليا بين 320 و330 دولارا، أى إن هناك فجوة بنحو 50 دولارا بين السعرين.
ويرى أنه لا يجوز أن نقارن سعر القمح المحلى بالعالمى، مبررا ذلك بأن الفلاح يحصل على السماد مدعما، بالإضافة إلى أن السعر المحدد من الحكومة يحقق للفلاح هامش ربح مناسب، لكنه يؤكد أن الفلاح إذا وجد فرقا كبيرا بين السعر الذى يبيع به للحكومة، وسعر السوق الحرة الذى يصل إلى 12 ألف جنيه حاليا، سيتهرب من التوريد لوزارة التموين، وبالتالى لن تتمكن الوزارة من جمع مستهدفاتها من التوريد.
وبينما لم يذكر الوليلى، الكمية المتوقع توريدها، قال إن وزارة التموين استطاعت جمع 4.2 ملايين طن من القمح الموسم الماضى، بسبب تضافر جهود الوزارة ومباحث التموين والجمعيات الزراعية فى تسلم القمح، وتشديد الرقابة وتضييق الخناق على الفلاحين المتهربين من التوريد، مشيرا إلى أن الحكومة إذا استطاعت تكرار الرقابة الصارمة مرة أخرى هذا الموسم قد تجمع مستهدفاتها.
وذكر أن الفلاح يجب أن يكون لديه مسئولية تجاه البلد، ولديه الوعى بأن الزيادة المبالغ فيها لسعر التوريد تضغط على الموازنة العامة للدولة، فى ظل تلك الظروف الاقتصادية الصعبة، مقترحا أن يكون هناك حلقة وصل بين الحكومة والأفراد لوضع حلول وحوافز ترضى جميع الأطراف، ضاربا المثال بوضع حوافز للموردين مثل تخفيف الضرائب ورفع المخالفات والغرامات.
من جانبه، يرى عمرو الحينى، رئيس شعبة المطاحن 82% السابق باتحاد الصناعات، أنه لا يجوز المراهنة على وعى الفلاح ومسئوليته الاجتماعية، مشيرا إلى أن الفلاح سيتجه إلى السعر الأعلى بكل تأكيد لتحقيق هامش الربح الذى يرضيه فى ظل ارتفاع معدلات التضخم.
وأضاف الحينى، أن زيادة سعر التوريد للفلاح لا تضغط على الموازنة العامة مثل الاستيراد، موضحا أنه مهما بلغ سعر التوريد سيتم دفعه بالجنيه المصرى وسيشجع الفلاح على زراعة المزيد، وهذا أفضل من استيراد القمح من الخارج بسعر أعلى ويتم الدفع بالدولار، قائلا «الدولة هكذا تدعم الفلاح الأجنبى بدل ما تدعم المزارع المصرى».
وذكر الحينى، أن الدولة تحتاج لنحو 10 ملايين طن قمح لمنظومة الخبز المدعم، ويتم زراعة أكثر من هذه الكمية سنويا فى مصر، لافتا إلى أن زيادة سعر التوريد إلى 2000 جنيه للإردب على سبيل المثال أو أكثر (حسب السعر العالمى)، قد يغنى الحكومة عن استيراد القمح للخبز البلدى، وهو ما سيوفر مليارات الدولارات سنويا.
وتابع أن تشديد الرقابة ليس حلا مناسبا لجمع أكبر نسبة توريد من الفلاحين، مضيفا أن الحكومة أصدرت قرارات صارمة لتوريد الأرز الموسم الماضى، وفى النهاية جمعت نحو ٤٢٠ ألف طن فقط، من أصل ١.٥ مليون طن كان من المستهدف جمعها.
من جانبه يقول حسين أبو صدام، رئيس نقابة الفلاحين، إن كميات القمح المتوقع حصادها هذا الموسم تصل لنحو ١٠.٥ مليون طن، نتيجة زراعة ٣.٦ مليون فدان، مضيفا أن الأسعار العالمية قد تتغير وقت الحصاد الذى سيبدأ فى أبريل المقبل، مشيرا إلى أن سعر القمح المستورد حاليا يسجل ١٢ ألف جنيه.
وذكر أبو صدام، أنه إذا استقر سعر القمح فى السوق الحرة على ذلك المستوى عند التوريد أو ارتفع أكثر من ذلك، سيتجه العديد من الفلاحين إلى بيع القمح للقطاع الخاص بدلا من التوريد للحكومة للاستفادة من فارق السعر.
وتوقعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو»، فى تقريرها الصادر نهاية الأسبوع الماضى، أن تتراجع مزارع القمح الشتوية فى أوكرانيا بنسبة 40%، بسبب الآثار الشديدة الناجمة عن الحرب، بالإضافة إلى تخفيض محدود فى مزارع القمح بروسيا بسبب انخفاض الأسعار المحلية، ما يؤدى إلى ارتفاعات فى أسعار القمح خلال العام الحالى.
وأشار أبو صدام، إلى أن تكلفة إنتاج الإردب هذا الموسم تصل لنحو ألف جنيه، أى إن الفلاح يحقق هامش ربح ٢٥٠ جنيها فى كل إردب، لكنه يؤكد أن الزيادة التى أعلنتها الحكومة فى سعر الإردب لا تعنى شيئا فى ظل معدلات التضخم الحالية.
وقال محمود شعبان، أحد مزارعى القمح فى القليوبية لـ«الشروق»، إن السعر الاسترشادى لتوريد إردب القمح لم يرضِ المزارعين، مضيفا أنه رغم وجود زيادة بنحو 42% فى سعر التوريد مقارنة بالعام الماضى، إلا أن تكاليف الإنتاج ارتفعت بأكثر من 50%.
وأضاف شعبان، أن تكلفة إيجار الأرض الزراعية قد تصل إلى 10 آلاف جنيه للفدان لزرعه بالقمح فقط خلال 6 أشهر، مشيرا إلى أن إنتاجية الفدان لا تتجاوز الـ2.6 طن.
وافترض شعبان أنه ورد إنتاجية الفدان بالكامل للحكومة، قائلا «الـ2.6 طن ستباع بـ21.5 ألف جنيه»، مضيفا أنه بعد خصم قيمة الإيجار والمعدات الزراعية، وأجرة الأنفار، والسماد المشترى خارج الجمعيات الزراعية، وغيرها من التكاليف، سيتبقى نحو 5 آلاف جنيه على أقصى تقدير، صافى الربح وهى نتاج شغل وجهد على مدى 6 أشهر، مضيفا أنها لا تكفى للاستعداد للزراعة الجديدة.
وذكر أن السعر الاسترشادى من قبل الحكومة، إذا لم يتغير عند بدء الحصاد، فمن الصعب أن تجد فلاحا يورد القمح للجمعيات الزراعية، متوقعا تسرب معظم الكميات المنزرعة للقطاع الخاص.