اخبار المغرب

مطالب بمضاعفة الميزانية لفك العزلة عن القرى مع توالي سنوات الجفاف

شكّلت حصيلة برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، وهو المشروع الذي انطلق سنة 2017 ويمتد إلى سنة ‏2023، بهدف واضح محدد في “فك العزلة عن الساكنة القروية وتحسين ظروف عيشها، وضمان وُلوجها إلى الخدمات الأساسية من الماء الصالح للشرب والكهرباء والتعليم ‏والصحة”، موضوعَ أشغال الدورة العادية للجنة الوزارية الدائمة لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية، المنعقدة يوم الأربعاء الماضي بالرباط.

رئيس الحكومة، الذي ترأس هذا الاجتماع، اعتبر أنه “بعد 6 سنوات من التنزيل الفعلي للرؤية الملكية، وبالنظر إلى حجم الإنجازات والتحسن الملموس لمؤشرات الولوجية في العالم القروي، فإن هذا البرنامج ناجح”، موردا أن “إنجازات البرنامج تحققت بفضل تضافر جهود جميع المتدخلين وطنيا ومحليا، واعتماد حكامة ناجعة ترتكز على البعد الترابي والالتقائية في التدخلات”.

كما أكد أخنوش أن البرنامج، “الذي يُعتبر تفعيلا للرؤية الملكية السامية المتضمنة في خطاب العرش لسنة 2015، ستتم مواصلة تنفيذه بالوتيرة نفسها بغية إنجاز المشاريع المبرمجة وتحقيق الأهداف المسطرة في أفق 2023”.

ووفق المعطيات المقدمة خلال هذا الاجتماع بين الوزاري، فإنه من أصل 7 مخططات تهم كل جهات المملكة، جرى فعليا تنفيذ 6 مخططات عمل سنوية ‏للتنمية، بميزانية تقدر بـ41 مليار درهم، أي ما يفوق 82 في المائة من الميزانية الإجمالية (50 مليار درهم) المبرمجة إلى حدود 2023. في حين بلغ عدد المستفيدين من البرنامج ما يقرب من 14 مليون نسمة بـ1066 جماعة قروية، ما يمثل 83 في المائة من إجمالي الجماعات ‏القروية بالمملكة.

وأفاد بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة بأن البرنامج حقق 21 ألف عملية ربط بشبكة الماء، ومجموعة من التدخلات الدقيقة في التعليم والصحة والكهربة القروية؛ منها إنجاز 1984 و567 ‏عملية بناء وتأهيل للبنية التحتية الأساسية لقطاعي الصحة والتعليم على التوالي، بالإضافة إلى 109 عمليات تجهيز واقتناء 712 ‏حافلة مدرسية، وكذا 606 سيارات إسعاف ووحدة طبية متنقلة، وكهربة 821 دوارا.

وفي قراءة أولية لما قدمه رئيس الحكومة، اعتبر رشيد ساري، محلل اقتصادي، نسبة الإنجاز التي حققها برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية تظهَر “كبيرة” بميزانية بلغت 41 مليار درهم، شاملة لميادين وقطاعات عديدة، متسائلا عما إذا كانت هذه “المؤشرات والأرقام تعكس فعلا واقع المواطنين المُعاش داخل العالم القروي؛ خصوصا إذا عَلِمنا أن نسبة الهدر المدرسي هي نسبة كبيرة بمعدل وطني يبلغ 2.9 في المائة، بينما المعدل في الوسط القروي يُجاور 5 في المائة”.

وأضاف ساري، في تصريح لهسبريس، أن قطاع الصحة بالقرى والجبال يعيش، بدوره، جملة من الإكراهات، تُعرقل الولوج إلى خدمات التطبيب من حيث البنية التحتية الهزيلة للمستشفيات، و”نسبة منخفضة” لعدد الأطباء المشتغلين بالعالم القروي.

ومضى الخبير الاقتصادي معلقا بأن هذه “الأرقام لا يمكن أن تعكس الواقع، كما أن الميزانية تظل في حد لا يَرقى للطموحات التنموية”، مُعددا مجموعة أسباب اعتبرها معرقِلة للجهود التنموية المبذولة؛ من أهمها، حسب ساري، “توالي سنوات الجفاف التي يمكن أن تمتد طويلا، ما يؤثر على ظروف عيش الفلاحين، في ما يخص توفير علف المواشي، فضلا عن أزمة ندرة المياه واستنزاف الفرشة المائية السطحية والباطنية”.

“هذه البرامج في وضعها الحالي لن تُقلص الفوارق الاجتماعية والمجالية”، يخلُص ساري قبل أن يقترح المصرح ذاته “مضاعَفة الميزانية مع التفكير في اقتراح وتفعيل مشاريع برامج جديدة، تراعي الظروف الاقتصادية الراهنة والعوامل التي تسببت في الأزمات الراهنة، خاصة في ظل إكراهات التقلبات المناخية والإستراتيجية الفلاحية الموجهة للتصدير مع استهلاك بعض الزراعات لكميات كبيرة من المياه”.

وختمَ المحلل الاقتصادي المغربي حديثه مع هسبريس بالقول “إن الوضع الحالي الذي نعيشه ربما يزيد من تعميق الفوارق الاجتماعية”، موصيا بـ”ضرورة أن تتغير بعض الخطط الإستراتيجيات المتبعة في القطاع الفلاحي باعتبارها متجاوَزة تحتاج إلى المراجعة والتطوير”.