اخبار المغرب

بهائيون وشيعة ومسيحيون مغاربة يستعجلون رفع التجريم عن “حرية المعتقد”

يترقب البهائيون والشيعة والمسيحيون المغاربة الإفراج عن القانون الجنائي، الذي يخضع للتعديل داخل أروقة وزارة العدل المغربية، آملين أن يرفع “تجريم حرية المعتقد” ويكفل “حقهم في ممارسة شعائرهم” و”يضمن لهم حضورا أكثر في الفضاء العام”. وتبدو هذه الآمال أكثر راهنية في السياق الحالي، لكون “الأقليات الدينية” في المغرب تقول إنها “تواجه إكراهات كثيرة”.

واخبار السعوديةت هسبريس مع معتنقين لهذه الديانات والمذاهب لمعرفة انتظاراتهم في ما يخص تعديل قانون العقوبات المغربي وحجم الآمال المعقودة عليه، وأكدوا جميعا تمسكهم بمطلب “رفع التجريم عن الإفطار العلني خلال نهار رمضان، وعن حرية المعتقد بشكل عام. وفي المقابل، تخصيص حماية قانونية للأقليات الدينية”.

بقير: نحتاج قوانين معاصرة

ياسين بقير، عضو مكتب اتصال البهائيين المغاربة، قال إن “الحوار العمومي الحالي بخصوص الحريات الفردية والحقوق المدنية وحرية المعتقد، هو في حد ذاته مؤشر إيجابي على بروز أهمية هذا النقاش وراهنيته في بلدنا”، مضيفا أن “هذه الظرفية التاريخية تتسم بتطورات وتحولات سريعة وعميقة على المستوى الفكري والمجتمعي، فمن الطبيعي أن تواكب القوانين، خصوصا الجنائي ومدونة الأسرة، واقع واحتياجات المجتمع الحالية”.

وأفاد بقير، وهو يتحدث إلى جريدة هسبريس، بأن “تعديل القوانين لا بد أن يستند إلى مبادئ ومفاهيم أساسية، تحدد تصورا واضحا بخصوص طبيعة المجتمع الذي نصبوا إليه، بصياغة عقد مجتمعي جديد شامل لجميع مكونات الوطن، عنوانه العدل والمساواة في الحقوق المدنية، بعيدا عن منطق الأغلبية والأقلية”، مردفا بأن “مبدأ المواطنة يجب أن يكون حاملا لصياغة القوانين، لضمان سمو الهوية الجماعية المغربية على الهويات الفرعية”.

وأوضح البهائي المغربي أن “بعض فصول القانون الجنائي المغربي يمكن أن يتم تأويلها بطرق متطرفة، كقانون زعزعة العقيدة. لذلك، هي في حاجة إلى تأهيل مدني معاصر. كما أن حرية العقيدة تقتضي توفر منظومة أحوال شخصية مدنية موازية للمنظومة الدينية، كتوفر إمكانية الزواج المدني مثلا”، وأضاف أن “من الصعب تحقيق هذه الرؤية في ظل تواجد هذه القوانين التي تشكل تمييزا لبعض المواطنين بسبب الجنس بالنسبة للمرأة، أو بسبب المعتقد بالنسبة للمغاربة من خلفيات دينية أخرى”.

وختم بقير بأن “البهائيين المغاربة مستعدون للمشاركة في الحوار والنقاش، وهناك ملاحظات موضوعية بأن الأمور تتغير حتى مجتمعيا، بحيث نلاحظ تحولا إيجابيا على مستوى العقليات”، منبها إلى أنه “في المقابل، مازالت فئات مهمة من المجتمع تتوجس من الاختلاف العقائدي كعنصر محتمل للنزاع والخصام. وهذا النقاش العمومي القانوني الحالي لا بد من أن يواكبه نقاش تربوي وثقافي وإعلامي ومؤسساتي”.

أكديد: الشيعة مغاربة أيضا

محمد أكديد، مغربي مقرب من التراث الشيعي، عبر عن “ثقته في ما سيأتي بخصوص حرية المعتقد في القانون الجنائي المرتقب”، مشيرا إلى وجود “نزعة حداثية” في خطابات وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، “حتى قبل أن يكون وزيرا، إضافة إلى كون أحد مستشاريه هو عبد الوهاب رفيقي، الذي نعرف كلنا حجم دعمه للحريات الفردية في المغرب. وبالتالي، هذه البروفايلات عموما مُطمئِنة”.

وأفاد أكديد، ضمن تصريح لجريدة هسبريس، بأن هناك ترقبا لأن يضمن القانون المنتظر “حرية أكبر للمغاربة، لأن هذا ما يقتضي الواقع الذي نعيشه”، موردا أن “تعديل القانون سيوفر حماية لمختلف الحساسيات الدينية بالمغرب، وسيكون خطوة نحو رفع الحرج على العديد من المغاربة الشيعة الذين مازالوا يواجهون هذا الإشكال القانوني الذي يتضمن نوعا من التجريم لحرية العقيدة”.

ولم يخف المتحدث أن “تعديل القانون سيواجه صعوبات كبيرة في التنزيل، لكون جزء من العقلية المغربية مازال يتحرج في الاعتراف بمكون آخر غير ما تقتضي الأغلبية السائدة”، مشيرا إلى أن “الشيعي في النهاية يبقى مغربيا ومسلما أيضا، لكن الاختلاف موجود في المرجعية، لاعتبارات تاريخية؛ والمغاربة الشيعة لم يعتبروا أنفسهم طائفة معزولة، بل هم مُنخرطون في المجتمع بحذر وبترقب دائما”.

وزاد شارحا بأن “تعديل القانون الجنائي لن يخدم المغاربة الشيعة فقط، بل سيخدم مختلف الفئات التي ترضى لنفسها توقيعا دينيا وأخلاقيا معينا. ولذلك، حرية العقيدة هي نقاش راهني بامتياز، ولا يصلح أن يسير القانون الوضعي عكس منطقها، بوصفه منطقا لا يمكن أن يضر إطلاقا”، معتقدا أن “الاشتغال ينبغي أن يتم أيضا على المستوى التعليمي والإعلامي، لكي يكون التفكير المغربي، سواء الحداثي أو المحافظ، مسالما يخلو من شوائب التطرف والتشدد”.

السوسي: التبشير ضرورة

من جهته، قال مصطفى السوسي، الكاتب العام لتنسيقية المسيحيين المغاربة الناطق الرسمي باسمها، إن “تعديل القانون الجنائي المغربي لا بد أن يسقط تجريم الأنشطة التبشيرية من أجل التعريف بالعقيدة المسيحية ومحو العديد من المغالطات عنها لدى المغاربة”، موضحا أن “قانون العقوبات يجب أن ينتصر لقوى التنوير وللحق في الاختلاف، باعتباره الفرصة الأخيرة لكي نحيا معا في دولة مدنية محايدة”.

وأضاف السوسي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “المسيحيين المغاربة يترقبون النقاش السياسي الدائر حول تعديل القانون الجنائي”، مؤكدا أنه “رغم ضعف الجدال العمومي سياسيا في ما يخص حرية العقيدة، إلا أن التراكمات لدى المغرب حقوقيا ستساهم في انتصار القانون الجنائي لكل الحريات الفردية، بما فيها حرية المعتقد؛ فالمغرب لا يمكن أن يستمر في قوانين قروسطية”.

وشدد المغربي المسيحي على أن “المجلس الوطني لحقوق الإنسان يقوم بجهود كبيرة خدمة لحرية الضمير، ولأن يحيا المغربي حرا في قناعاته وخياراته، ومن ثم سيقوم بجهوده حسب ما يتيح الدستور لكي لا يسير تعديل القانون ضد منطق العصر وحركية التاريخ الجارفة”، مضيفا أن “هناك مؤشرات كثيرة لاتجاه المغرب نحو رفع التجريم عن حرية العقيدة، منها أن الأقليات الدينية صارت تنفتح على الإعلام عكس السابق”.

وختم بأن “علمنة الدولة المغربية ستكون رافعة أساسية في هذا المخاض الذي تعيشه الحساسيات الدينية، بحيث إن هذه العلمنة ستدفع الدولة وقوانينها إلى أن تقف على المسافة نفسها من كل المغاربة بعيدا عن إيمانهم أو لونهم”، مذكرا بأن “المسيحيين المغاربة لديهم كل الثقة بالمستقبل، لكون ما سيأتي سيكون حاسما في تعاطي الدولة مع مختلف الملفات، من ضمنها حرية الضمير”.