اخر الاخبار

الغارديان: نتنياهو يضع بايدن في مأزق

قال المحرر الدبلوماسي في صحيفة “الغارديان” باتريك وينتور إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدى الرئيس جو بايدن وأخبر الرأي العام المحلي الإسرائيلي بأنه لن يتنازل، بشكل وضع الرئيس الأمريكي في مأزق وهو يحاول الحد من تصرفات إسرائيل.

وأشار وينتور إلى أن تصريحات وزير الدفاع يواف غالانت التي قال فيها يوم الخميس بأن إسرائيل لن تستكمل عملياتها العسكرية إلا بعد عدة أشهر، كانت بمثابة الضربة لجهود أمريكا للتأثير على حكومة إسرائيل، إلى جانب التقييم الاستخباراتي الأمني أن نصف القنابل التي أطلقتها إسرائيل على غزة كانت “غبية”. وتحدث غالانت عن توقعاته بعملية طويلة أمام الكاميرا وأمام جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الذي زار إسرائيل حيث كان وجهه متصلبا.

وجاء سوليفان إلى تل أبيب برسالة بشأن ضرورة تغيير العملية العسكرية، وإنهائها إن أمكن في غضون أسابيع. وأكد على تصريحات غالانت، رئيس الوزراء نتنياهو الذي قال إن إسرائيل لن تتوقف إلا بعد تحقيق النصر.

وقال وينتور إن التسريب حول استخدام الذخيرة، ناقض كلام وزارة الخارجية الأمريكية بعدم قلقها إلى جانب ما توصلت إليه تقييماتها بأن القصف الإسرائيلي لا يمكن أن يصنف كخرق للقانون الدولي.

وكشف الموضوعان، الذخيرة وتغيير مسار الحملة، وبطريقة واضحة عن طبيعة النفوذ الأمريكي فيما يتعلق بالرد الإسرائيلي السياسي والعسكري على هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

 وحتى أيام قريبة، كان السرد المفضل لدى البيت الأبيض بأن هذه الحرب مبررة ودفاع عن النفس وبهدف قابل للتحقيق. وكان ضروريا أن تعانق الولايات المتحدة إسرائيل المصدومة بقوة وإرشاد صناعة القرار ومنع توسع الحرب إلى نزاع إقليمي.

وكانت وزارة الخارجية حريصة في مؤتمراتها الصحافية وإحاطاتها المتكررة لكي تقدم أمثلة تؤكد فيها استماع إسرائيل للنصيحة الأمريكية، سواء فتح المعابر للمساعدات الإنسانية وإقامة مناطق آمنة أو تعديل حملة القصف الجوي والتخطيط لما بعد الحرب.

إلا أن السرد بدأ بالتداعي وعلى حافة الخلافات التي ظهرت بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وليس بين الأساليب بل والأهداف.

وفي يوم الإثنين، وبعد يومين من النقد الدولي على استخدام واشنطن الفيتو بمجلس الأمن الدولي لمنع قرار يدعو لوقف إطلاق النار، تلقى المتحدث باسم الخارجية ضربات دفاعا عن إسرائيل، وقال في واحدة من الإحاطات إن الولايات المتحدة “تتفاعل” مع إسرائيل بشأن مقتل صحافي وكالة رويترز، عصام عبد الله والصور المثيرة للغضب عن المعتقلين الفلسطينيين الذين جردوا من ملابسهم و”التقارير المقلقة” حول استخدام الفسفور الأبيض الذي كشفت عنه وبتفاصيل صحيفة “واشنطن بوست”.

وفي وقت متأخر من ذلك اليوم وصف جو بايدن التزامه بإسرائيل بأنه لا يتزعزع، ولكنه أضاف “عليهم الحذر، فربما تحول الرأي العام العالمي في ليلة وضحاها ولا يمكننا السماح بهذا”. وفي يوم الثلاثاء، وفيما فسرت على أنها أوضح تعليقات حول سلوك إسرائيل في الحرب، قال بايدن إن إسرائيل تخاطر بخسارة الدعم الدولي بسبب قصفها “العشوائي” في غزة. وانتقد حكومة نتنياهو المتطرفة والتي قال إنها لا “تريد أي شيء يقترب ولو من بعيد من حل الدولتين”. وليس اكتشافا أن نتنياهو وحكومته يعارضون حل الدولتين، ولكن هذا يتم تجاهله.

ومع بايدن لا يمكن معرفة إن كان ما يقوله هو استراتيجية اتصال مدروسة أو ما يطلق عليه الباحث بمعهد الشرق الأوسط بريان كاتوليس “دبلوماسية معدلة”، أو أمرا يدفع السياسة قليلا. وأيا كان الحال، فليست سياسة عظيمة للرئيس، ففي واحدة من مناطقه الانتخابية هناك انتقاد بأنه “يسمح لإسرائيل بقتل 18.000 فلسطيني” وهناك انطباع بأن إسرائيل تأخذ أسلحته ولكن لا تستمع لنصيحته. وتقول الصحيفة إن بايدن أصبح جزءا من خطة نجاة نتنياهو، فالأخير يدير حملة انتخابية، متوقعة في العام المقبل، وليس حربا. والجدال، هو أنه يريد استخدام التدخل الأمريكي غير المرغوب في أمن إسرائيل كأداة في حملته.

وفي فيديو قصير بالعبرية زعم نتنياهو بأنه الوحيد القادر على إحباط رغبة الولايات المتحدة والدول العربية لإحياء حل الدولتين “لن أسمح بهذا، والأمر بيد إسرائيل وعليها ألا تكرر أخطاء أوسلو” و”لن أسمح به، وبعد كل التضحيات الكبيرة التي قدمها مواطنونا ومقاتلونا، لن نضع [في السلطة] بغزة ناسا يدرسون الإرهاب ودعمه ويمولونه. ولن تكون غزة حماستان ولا فتحستان”.

ومن هنا حاول رئيس الوزراء منع الحل الغربي لتسليم السلطة الوطنية المتجددة السيطرة على غزة إلى جانب الضفة الغربية. والحل المتبقي هو إدارة إسرائيل المناطق الفلسطينية، وهو أمر قالت الولايات المتحدة إنه لن يحدث. ومعضلة بايدن هي كيفية التعامل مع نتنياهو وحكومته بعد خروج الخلافات للعلن. ومن الأفضل الاستثمار بزعيم إسرائيلي آخر ومحاولة الحصول على نوع من التفاهم مع القادة العرب بشكل يضغط على نتنياهو للقبول، وهو أمر عادي لتباين الحلفاء أثناء الحرب، ولكن يجب تجنب الخلاف الكامل بشأن هدف الحرب الطويل.

الخطر في الضفة الغربية

واهتمت الصحيفة في افتتاحية لها بالتحذير من مخاطر ما يجري في الضفة الغربية وأن معاناة الفلسطينيين تمتد أبعد من غزة. وقالت إن “حجم الحرب وفظائعها الهائلة في غزة استحوذ على انتباه العالم، ولكن العنف المتزايد في الضفة الغربية المحتلة يجب أن يدعو للقلق أيضا، فقد كان العام الماضي الأكثر دموية منذ عام 2005، وهذا العام أسوأ”.

وأشارت لما قاله فولكر تيرك، مسؤول حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عن الوضع بأنه “قابل للانفجار”، محذرا من كثافة العنف والتمييز الخطير ضد الفلسطينيين. وبحسب بيانات الأمم المتحدة فقد قتل أكثر من 450 فلسطينيا على يد القوات الإسرائيلية والمستوطنين هذا العام. وقتل 28 إسرائيليا في الضفة الغربية في 2023. وظلت المداهمات لمخيم جنين مستمرة حتى يوم الخميس، وهناك خوف من عدم توفر العناية الصحية لسكان المخيم، حسب المنظمات الخيرية. وقادت مداهمات وبشكل مستمر لوفاة مدنيين ومنهم الصحافية شيرين أبو عاقلة.

وحذرت منظمة “هيومان رايتس ووتش” بداية العام من “الحصانة المنظمة” من العقاب لقتل الأطفال الفلسطينيين. وظهرت الموجة الجديدة من المقاومة المسلحة في السنوات الماضية وسط فشل القيادة الفلسطينية والغضب على انتهاكات قوات الأمن وعنف المستوطنين واليأس من الاحتلال المستمر وتراجع منظور حل الدولتين وتوسع الاستيطان. وتم اعتقال آلاف الفلسطينيين خلال الشهرين الماضيين.

وفي يوم الخميس اعتقل عضوان في مسرح الحرية بالضفة الغربية بدون توجيه اتهامات، وهناك تقارير متزايدة عن انتهاكات بحق المعتقلين. وفي نفس الوقت دفع عنف المستوطنين العديد من المجتمعات لترك منازلها ويواجه الفلسطينيون الجوع والخطر المتزايد والإهانة. وخسر آلاف منهم أعمالهم أو جمدت رواتبهم بعدما قررت إسرائيل سحب تصاريح العمل منهم. ولا تتلقى السلطة الوطنية أموال الضرائب على الاستيراد والتي تعتمد عليها. ومنع المزارعون من قطف الزيتون الذي ترك ليتعفن على الشجر.

وعلقت الصحيفة على إعلان الحكومة البريطانية منع المتطرفين من المستوطنين دخول بريطانيا، لكن المشكلة الحقيقية ليست التطرف بل وأن الحكومة الإسرائيلية تساعد وتشجع على التطرف. وأعطى بنيامين نتنياهو السلطة الواسعة لوزير المالية بتسلئيل سموتريش الذي يريد مضاعفة عدد المستوطنين ويزعم أنه “لا يوجد شيء” اسمه الشعب الفلسطيني. وقدم إيتمار بن غفير وزير الأمن والشخص المدان بالتحريض على العنصرية السلاح للمستوطنين أو “فرق الأمن”. وقيل إن إدارة بايدن أخرت صفقة من 20.000 بندقية بسبب هذا.

وقالت الصحيفة إن ما يحدث في الضفة الغربية مهم لمستقبل كل الفلسطينيين، ولم يعد لدى السلطة الوطنية ثقة، وبالتأكيد لن تنجو من الانهيار الاقتصادي. وردت السفيرة الإسرائيلية لبريطانيا تيسفي هوتوفلي هذا الأسبوع على سؤال بشأن حل الدولتين قائلة: “لا مطلقا” لحل الدولتين، وموقفها ليس غريبا لأن رئيس وزرائها ملتزم بقتل منظور الدولة الفلسطينية وأخبر عددا من النواب هذا الصيف بضرورة “إزالة” الدولة الفلسطينية، لكن طريقة رد السفيرة واحتقارها للسؤال صادمة.

وتتساءل الصحيفة عن رؤية نتنياهو للفلسطينيين، فقد نفى المزاعم بأنه يريد طرد الفلسطينيين من غزة، والخيار هو وضع دائم لهم كمواطنين من الدرجة الثانية في دولة واحدة. وقالت منظمات حقوقية مثل بيتسليم الإسرائيلية وأمنستي انترناشونال وهيومان رايتس ووتش ومقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن الفلسطينيين يتعرضون لنظام فصل عنصري. وقالت إن الحديث عن حل الدولتين ظل مسألة طموح للتغطية على تقاعس المجتمع الدولي ولم يعد حاضرا، ويبدو اليوم نظرية، وفي ظل الوضع الحالي يجب أن يصبح في مركز الفعل الدبلوماسي.