اخبار فلسطين

مستشار قانوني في الكنيست: الإصلاح يترك المساواة وحرية التعبير بدون حماية

قال المستشار القانوني للجنة الدستور والقانون والعدل في الكنيست، المحامي غور بلاي، إن حرية التعبير وحقوق مدنية أساسية أخرى ستصبح غير محمية إذا تم تمرير التشريع الحكومي الذي يحد من المراجعة القضائية ليصبح قانونا في صيغته الحالية.

وجاءت تصريحاته وسط نقاش بين بلاي ورئيس اللجنة عضو الكنيست سيمحا روتمان، أحد مهندسي مشروع القانون، حول بند في التشريع ينص على أن محكمة العدل العليا ستكون مخولة فقط لإلغاء قوانين الكنيست إذا كان القانون قيد البحث ينتهك “بشكل واضح” أمرا “محصنا” في قانون أساس.

وأشار بلاي إلى أن العديد من الحقوق المدنية الأساسية، مثل الحق في المساواة وحرية التعبير وغيرها، لم يتم تحديدها في أي من قوانين الأساس شبه الدستورية لإسرائيل، ولكنها أصبحت حقائق متأصلة في المشهد القانوني في إسرائيل بسبب أحكام المحكمة العليا، وأشار إلى أن المحكمة تستمد هذه الحقوق تفسيريا من قوانين الأساس تلك، وفي المقام الأول “قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته”.

تصريحات بلاي جاءت قبل ساعات من تصويت مقرر في الهيئة العامة للكنيست في قراءة أولى على الجزء الأول من خطة الإصلاح الشاملة للجهاز القضائي والقانوني، الذي من شأنه أن يمنح للحكومة سيطرة كاملة على لجنة اختيار القضاة والسلطة على تعيين قضاة في كل المحاكم الإسرائيلية، من ضمنها المحكمة العليا. (ينبغي تمرير التشريع في ثلاث قراءات في الكنيست ليصبح قانونا).

وقال بلاي صباح الإثنين خلال جلسة هي الأحدث ضمن سلسلة من الجلسات المحتدمة التي شهدتها اللجنة: “في القانون الدستوري الإسرائيلي يسود النموذج الوسطي لـ[رئيس المحكمة العليا الأسبق أهارون] باراك، والذي بموجبه توجد سلسلة من الحقوق بما في ذلك المساواة وحرية التعبير، والتي استمدتها محكمة العدل العليا من قانون الأساس: كرامة الإنسان وحريته والتي تتمتع بحماية جزئية بسبب ارتباطها الوثيق بالكرامة الإنسانية”.

وأضاف أنه إذا لم تحتفظ المحكمة بالقدرة على إلغاء التشريعات التي تتعارض مع هذه الحقوق “فهذا يعني أنه لن تكون هناك حماية دستورية للحقوق الأساسية مثل حرية التعبير”.

رئيس لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست، عضو الكنيست سمحا روثمان (وسط الصورة) في جلسة للجنة يوم الاثنين، 19 فبراير، 2023. (Yonatan Sindel / Flash90)

رد روتمان بالتأكيد على أنه إذا كانت المحكمة العليا قادرة على إلغاء التشريع على أساس الحجة القائلة بأن الكنيست، عند إنشاء الدولة، حد من صلاحياته التشريعية من خلال قوانين الأساس، فيجب أن تكون قادرة فقط على القيام بذلك حصرا، كما هو مكتوب صراحة في تلك القوانين.

وقال روتمان: “يجب أن يكون هذا القيد واضحا… لا يوجد مبرر للمراجعة القضائية على شيء غير موجود في قوانين الأساس. لا ينبغي السماح بوضع تضع فيه المحكمة العليا قوانين أساس لنفسها، أو تُدرج في قوانين الأساس أشياء تم حذفها منها لإلغاء القوانين”.

عندما سأل بلاي روتمان عما إذا كان يعتقد أن الحقوق المدنية الأساسية مثل المساواة وحرية التعبير ستتم حمايتها بعد تمرير تشريعه، ادعى عضو الكنيست أن هذه الحقوق ستتمتع بمثل هذه الحماية بسبب الاتفاقات المجتمعية الأساسية بشأن مثل هذه القضايا.

وقال روتمان: “لا أعتقد أن التشريع يستبعد إمكانية أن تتمكن المحكمة العليا من مراجعة قضية انتهاك حرية التعبير”.

وأضاف: “هناك حالات نتفق عليها جميعا على أنها انتهاكات لكرامة الإنسان، على سبيل المثال إذا أرغمت الناس على السير في الشارع بضمادة على أفواههم حتى لا يتمكنوا من الكلام. بصرف النظر عن انتهاك حرية التعبير، هناك انتهاك لكرامة الإنسان”.

وفقا للباحث الدستوري الدكتور آدم شينعار من جامعة “رايخمان” فإن حقوق الإنسان والحقوق المدنية الأساسية الأخرى غير المدرجة في قوانين الأساس تشمل الحق في الإجراءات القانونية الواجبة، وحرية تكوين الجمعيات، والحق في الحرية الدينية.

وشهدت جلسة اللجنة صباح الإثنين مرة أخرى أجواء محتدمة وغاضبة، حيث تبادل أعضاء الكنيست الصراخ والاتهامات والشتائم التي أصبحت سمة تميز جلسات اللجنة.

عضو الكنيست طالي غوتليف يحضر اجتماع لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست، في القدس، 20 فبراير، 2023. (Yonatan Sindel / Flash90)

تم طرد العديد من أعضاء الكنيست المعارضين من القاعة خلال الجلسة، بما في ذلك عضو الكنيست عن حزب “الجبهة” عوفر كسيف الذي وصف عضو الكنيست عن حزب “الليكود” أريئل كالنر بأنه “إرهابي” ، بعد أن وصف كالنر كسيف بأنه “معاد للسامية”.

في كلماتهم الافتتاحية، ، شجب أعضاء الكنيست المعارضون مرة أخرى إدارة روتمان للجنة والتشريع نفسه باعتباره معاديا للديمقراطية، في حين رد روتمان بادعاءاته ضد محكمة العدل العليا لما قال إنه استيلاء غير ديمقراطي على السلطة لإلغاء تشريعات الكنيست.

تمت مقاطعة روتمان بشكل شبه مستمر من قبل أعضاء الكنيست المعارضين كلما حاول التحدث وهو ما أثار غضبه بشكل متزايد. في النهاية خرج من الغرفة بعد أن أعلن أنه نظرا لحرمانه من القدرة على التعبير عن نفسه بشكل صحيح، فإنه سيصدر بيانا مكتوبا بعد الجلسة.

وتفاقمت الأحداث في اللجنة عندما وصلت النائبة المثيرة للجدل عن حزب الليكود طالي غوتليف إلى اللجنة بعد أن قام متظاهرون مناهضون للحكومة بمحاصرة منزلها  وأدانت بشدة المتظاهرين، ودعت جهاز الأمن العام “الشاباك” إلى البدء في جمع المعلومات عن النشطاء.

وصرخت غوتليف: “هؤلاء حيوانات! حيوانات مفترسة. هذه ذروة الأناركية”.

وقالت: “لا يمكنكم الحضور إلى منزل شخص وأن تقولوا لي إنه لا يمكنني مغادرة المنزل. لا يمكنكم المس بالحق بالخصوصية باسم الاحتجاج”.

لكن عضو الكنيست عن حزب “يش عتيد” أورنا باربيفاي أشارت إلى أن غوتليف استخدمت لغة خطاب عدائية فيما يتعلق بالإصلاحات القضائية، بما في ذلك اتهام رئيسة المحكمة العليا إستر حايوت بالمسؤولية عن الهجمات الفلسطينية، ودعت عضو الكنيست عن حزب الليكود إلى التراجع عن تصريحاتها.

وقالت باربيفاي موجهة كلامها لغوتليف “إذا أردت القضاء على العنف فيجب أن يكون ذلك من جميع الجهات. ينبغي عليك التراجع عن اتهاماتك ضد حايوت بشأن الإرهاب التي بدأت التحريض. عندما نتحدث عن وقف التحريض، تحدثي إلى نفسك أولا”.

سيتطلب التشريع قيد المناقشة بشكل جذري من جميع قضاة المحكمة العليا الخمسة عشر أن يحكموا بالإجماع من أجل إلغاء تشريع، كما يسمح للكنيست بإصدار قوانين تتمتع بحصانة استباقية ضد أي مراجعة قضائية أيا كانت.

وكان بلاي قد قال في السابق إن الوضع “غير مسبوق” في العالم الديمقراطي.