اخبار المغرب

ارتفاع درجات الحرارة بحلول فصل الخريف يثير مخاوف البيئيين في المغرب

أعادت توقعات المديرية العامة للأرصاد الجوية بشأن تسجيل موجة حر، مع درجات حرارة تتراوح ما بين 35 و43 درجة مرتقبة من اليوم الخميس، إثارة مخاوف البيئيين الذين يحذّرون من “مشكلة تداخل الفصول وتذبذب أحوال الجو في اليوم الواحد بين الحر والبرد”؛ فبعدما “جرت العادة أن تمر كل ثلاثة أشهر بطقس معين حار أو بارد أو مطير صارت المنعطفات الجوية بالمغرب تعرف مناخا لا يتناسب مع طبيعة الفصل”.

ولا تخفي الفعاليات البيئية المغربية “خطورة الوضع المناخي بالمملكة وبالعالم، نتيجة تنامي سُعار البلدان الصناعية الكبرى التي تساهم في أكبر نسبة من انبعاثات الغازات الدفيئة، التي تزيد من حدة الاضطرابات في حركية المناخ وفصول السنة الأربعة”، موردة أن “الزمن البيئي يحتاج عقودا لأجل استدراك ما فات”.

“اللاطبيعي صار طبيعيا”

رشيد فاسح، الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، اعتبر أن “الطبيعي أن التساقطات تبدأ في الخريف خلال أواخر شتنبر، لكن يبدو أن مشكل تداخل الفصول سيعمّر طويلا، إلى درجة قد يصبح هو الطبيعي، رغم أنه وضع خطير وليس طبيعيا أو عاديا”، مسجلا أن “استمرار درجة الحرارة سيؤثر سلبا على القطاع الفلاحي وعلى البرك المائية والأحواض والسوائل، وسيضرّ بالتوازن البيئي والطبيعي”.

وضمن تفسيرات قدمها لهسبريس، قال فاسح إن “المغرب بحكم موقعه الجغرافي الذي يقع في منطقة شبه صحراوية ومدارية سيتأثر دائما بهذه الكتل الهوائية الجافة والساخنة القادمة من مناطق الجنوب أو من مناطق أخرى”، منبها إلى “ضرورة أخذ النشرات الإنذارية على محمل الجد والاستعداد لها، لكون المفاجآت الناجمة عن تداعيات مذبحة المناخ لا حصر لها”.

وأكد الخبير البيئي ذاته أنه “سيكون هناك استمرار لوضعية الجفاف في المغرب بسبب هذه الإشكالات المتصلة باستمرار ارتفاع درجة الحرارة حتى الخريف”، موضحا أن “هذا الوضع سجلناه السنة الماضية ونعيد تسجيله الآن، ما يعني أن تداخل الفصول يكاد يصبح قاعدة لدينا ولم يعد استثناء، وهذا خطير، لأنه يمكن أن يعمر معنا مجددا حتى نونبر المقبل”.

وذكر المتحدث ذاته أن “عودة الفصول إلى طبيعتها مسألة صعبة المنال، بالنظر إلى عدم التزام المجتمع الدولي باتفاقيات الأطراف التي توصي بضرورة الاتجاه نحو الطاقات البديلة لتسريع تعافي الكوكب من هذه المشاكل العالقة به”، وزاد: “لا يمكن أن ننتظر بقاء الفصول بطبيعتها المناخية أمام وضع مازالت درجات الحرارة فيه تصل إلى مستويات قياسية، وما دمنا نتلقى أنباء الحرائق العظمى سنويا”.

الغليان والتعنت

قال مصطفى العيسات، باحث في المناخ والتنمية المستدامة، إن “فصل الخريف الذي نحن فيه اعتدنا أن يكون بمثابة تكييف مناخي للمرور نحو الشتاء، أي من الحرارة المفرطة نحو البرد القارس، بيد أننا نفاجأ بأن درجة الحرارة مازالت مرتفعة في العديد من مناطق البلد، ما يبيّن أن هناك مشكلاَ في فصول السنة”، مؤكدا أن “مرحلة الغليان التي دخلها العالم تساهم بشكل أساسي في تداخل الفصول”.

وأورد العيسات، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “هذا التداخل يؤثّر على البيئة المحلية والتّنوع البيولوجي، لكون النظام الطبيعي اعتاد تداول الفصول الأربعة”، مشيرا إلى أن “هناك نباتات تحتاج إلى درجة البرودة في أوقات الخريف لكي تضمن إعادة نمو بيولوجي سلس، ما يعني أن ارتفاع درجة الحرارة سيؤدي إلى تدهور كبير على مستوى التنوع البيولوجي، خصوصا في الغطاء النباتي والغابوي”.

ولفت المتحدث ذاته الانتباه إلى أن “هناك أضرارا يتسبب فيها أيضا هذا الاضطراب في الفصول على المستوى الصحي، فعندما نتحدّث اليوم عن هذا الفصل الذي يفترض أن يسجل تساقطات وبرودة في درجات الحرارة فنحن نعرف أن تغير الطفرة الحرارية ستنجم عنه أمراض صحية عديدة، منها نزلات البرد الحادة والزكام ومشاكل في التنفس عند بعض الحالات”.

وأبرز الباحث في المناخ والتنمية المستدامة أن “هذا الوضع سيستمر مادامت المشاكل ماخبار السعوديةة بسبب التغيرات المناخية، التي سيتضرر المغرب منها كثيرا، وستكون لها تداعيات كثيرة على النظم البيئية بالبلاد”، معتبرا أن “على المجتمع الدولي أن يمر إلى السرعة القصوى لأن الزمن البيئي يتطلب دورة كاملة وقد تعادل 20 أو 30 سنة، لكي تعود الفصول إلى تداولها الطبيعي”.

يذكر أن النشرة الإنذارية من مستوى يقظة برتقالي الصادرة أمس الثلاثاء عن مديرية الأرصاد الجوية أفادت بأن المناطق التي من المرتقب أن تسجل درجات حرارة تتراوح ما بين 38 و42 درجة، من الخميس إلى الأحد، هي أقاليم العرائش ووزان وتاونات وسيدي سليمان وسيدي قاسم والقنيطرة والفقيه بنصالح وبني ملال وسطات، وشيشاوة والرحامنة وقلعة السراغنة ومراكش واليوسفية وتارودانت.