اخر الاخبار

الجيش أشعل حرباً سببت دماراً لا مثيل له

تصاعد حرب المسيرات… ومعارك حول قيادة الجيش في الخرطوم

استهدفت قوات «الدعم السريع»، اليوم (الخميس)، بالقذائف المدفعية، مقر القيادة العامة للجيش السوداني في وسط العاصمة الخرطوم، بينما تدور معارك ضارية بالأسلحة الثقيلة والخفيفة بين قوات الطرفين في جنوب المدينة، وبالتحديد حول قيادة سلاح المدرعات.

وقال شهود عيان إن القصف المدفعي على مقر قيادة الجيش، أحدث دوي انفجارات قوية، حيث شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من داخله. وتكثف «الدعم السريع» لليوم السادس على التوالي هجماتها على مقر القيادة، بهدف السيطرة عليه، وإعلان انتصارها على الجيش، في حين يتصدى لها الجيش بالضربات الجوية بالطيران الحربي والمسيرات.

وسمع دوي قصف مدفعي للجيش، انطلق من شمال أمدرمان، على أهداف تابعة لـ«الدعم السريع» في أحياء أمدرمان القديمة. وأفاد مقيمون في عدد من أحياء الخرطوم بشنّ الجيش ضربات بالمسيرات على أهداف لـ«الدعم السريع» في ضاحيتي الصحافة والكلاكلة.

وقال مواطنون: «نسمع أصوات انفجارات قوية واشتباكات بالأسلحة الخفيفة وسط الخرطوم»، بالتزامن مع تحليق مسيرة للجيش في المنطقة المحيطة بسلاح المهندسين، جنوب أمدرمان. وفي الآونة الأخيرة، ازدادت وتيرة هجمات الجيش بالمسيرات على مواقع «الدعم السريع» الثابتة والمتحركة في عدة مناطق في مدن العاصمة، واستخدمها الطرفان بكثافة خلال المعارك الضارية بينهما حول مقر سلاح المدرعات في أغسطس (آب) الماضي.

«الدعم السريع» تنفي

وفي سياق ذي صلة، نفت قوات «الدعم السريع»، بزعامة محمد حمدان دقلو، الشهير باسم «حميدتي»، بشكل قاطع، أي صلة أو ارتباط بمجموعة «فاغنر» الروسية، وذلك على خلفية تحقيق نشرته شبكة «سي إن إن» الإخبارية، عن مشاركة القوات الخاصة الأوكرانية في تنفيذ ضربات بالمسيرات استهدفت قوات «الدعم السريع» المدعومة من «فاغنر» في مدينة أمدرمان. وقالت، في بيان، ليل الأربعاء: «راجت شائعات ترجح أن قوات الدعم السريع تتلقى دعماً عسكرياً من (مجموعة فاغنر)»، وعدّتها «تلميحات ومحاولة متعمدة لربط الأزمة بالأجندات العالمية»، في إشارة إلى الحرب الروسية الأوكرانية التي شاركت فيها «مجموعة فاغنر» بالقتال إلى جانب الجيش الروسي.

صورة أرشيفية لقائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) مع قواته في جنوب دارفور (أ.ف.ب)

وذكر البيان أن تحقيق الشبكة الإخبارية «ادّعى أن أوكرانيا شنّت سلسلة من الهجمات بطائرات من دون طيار ضد قوات الدعم السريع، ما يعني ضمنياً أن قواتنا لها علاقات مع (فاغنر)، الكيان الروسي». وأعلنت قوات «الدعم السريع» رفضها لهذه الاتهامات والمعلومات الخاطئة، وعدّتها حملة تشهير أطلقتها «كيانات محددة» لم تفصح عنها. واتهمت الجيش في المقابل باستخدام مرتزقة أجانب يتمركزون حالياً في معسكراته، بالإضافة إلى استعانته بعدد من «الميليشيات» المتطرفة المرتبطة بالنظام المعزول، وبعض «الكتائب المرتبطة بالفصائل الإرهابية». وأوضحت قوات «الدعم السريع» أن تسليحها يأتي من الاستيلاء على الإمدادات ومستودعات الجيش والميليشيات المتحالفة معه.

ونقلت شبكة «سي إن إن» عن مصدر عسكري أوكراني، حجبت هويته، أن الهجمات بالمسيرات التي استهدفت قوات «الدعم السريع»، ليست من عمل الجيش السوداني، مرجحاً أن تكون القوات الأوكرانية الخاصة تقف وراء هذه الهجمات. وقالت الشبكة الإخبارية إن المسيرات التي استخدمها الجيش السوداني في 8 غارات على الأقل، يستخدمها الأوكرانيون.

ولم يصدر أي تعليق رسمي أو بيان من الجيش السوداني بشأن ما يتم تداوله من مزاعم عن تدخل أوكراني في الحرب داخل البلاد.

مقاطعة خطاب البرهان

من جهة ثانية، اعتبرت «قوى الحرية والتغيير» (المجلس المركزي)، في السودان، الدعوة التي وجّهها دبلوماسيون لمقاطعة خطاب رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، الخميس، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خطوة إيجابية ضمن آليات الضغط المطلوبة في الظروف الحالية. وقال عمار حمودة، الناطق الرسمي باسم «الحرية والتغيير»، في تصريحات لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إن «النشاط الذي تقوم به المجموعات المدنية السودانية يحاول في مجمله أن يوجد آليات ضغط على الرؤساء». وتابع قائلاً: «هذه واحدة من الأساليب التي يظهر فيها تأثير الصوت المدني، وهذه أعمال مطلوبة في ظل المعاناة الشديدة التي يعيشها السودانيون جراء الحرب».

وكان «منبر الدبلوماسيين السودانيين المستقلين ضد الحرب»، وهو تجمع لعدد من الدبلوماسيين السابقين والحاليين الرافضين للحرب، وجّه نداء للدول المشاركة في الدورة الثامنة والسبعين للأمم المتحدة، لخروج وفودها من القاعة لحظة دخول البرهان لإلقاء خطابه.

البرهان خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس (إعلام مجلس السيادة السوداني على «فيسبوك»)

ووصف حمودة الخروج من القاعة لدى دخول البرهان، ومقاطعة خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأنه «خطوة رمزية ووسيلة مشروعة للاحتجاج». لكنه أضاف أن فحوى خطاب البرهان ومناقشته «أمر حيوي». وأوضح الناطق باسم «الحرية والتغيير» أن الردود والتعليقات الرسمية على الخطاب بشأن ضرورة إيقاف الحرب «يجب أخذها على محمل الجد». واعتبر أنه من الضروري التفرقة بين «الأدوار الرسمية لسلطة الأمر الواقع التي يمكن أن تخاطب زعماء العالم، وبين النشاط المدني السوداني الذي يريد أن ينقل ضغوطه إلى مربع جديد، وهو ضرورة إلزام من بيده السلاح بإسكات سلاحه».

وتعد زيارة البرهان إلى نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة الزيارة الخارجية السابعة له منذ اندلاع الحرب في السودان قبل أكثر من 5 أشهر، بعدما زار كلاً من مصر وجنوب السودان وإريتريا وقطر وتركيا وأوغندا.

منبر جدة

وخلال اجتماع وزاري بشأن الوضع في السودان، عقد الأربعاء، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إن بلاده دعت الأطراف السودانية كافة للحضور إلى جدة لمواصلة التفاوض. وقال المتحدث باسم «الحرية والتغيير»، في حديثه إلى «وكالة أنباء العالم العربي»، إنه يعتقد أن تلك التصريحات ستشكل ضغطاً على الجانبين للعودة إلى التفاوض. واعتبر أن أهم خطوة نحو انطلاق التفاوض هي توحيد المنابر وحصر القضايا «ابتداءً بالجانب العسكري، في وقف إطلاق النار، ومن ثم إفساح المجال لعملية سياسية». كما عبّر حمودة عن اعتقاده بأن طرفي الصراع في السودان سيعودان إلى منبر جدة لاستئناف المفاوضات، مضيفاً: «لا بد من جدة، وإن طال السفر».

وزير الخارجية السعودي إلى جانب ممثلين عن طرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو (رويترز)

واعتبر المتحدث أن منبر جدة «هو المنبر الذي قطع شوطاً وكسب دعم قوى إقليمية كثيرة وقوى دولية أيضاً، وهو أفضل من البحث عن منابر جديدة». واستطرد قائلاً: «نحن في (قوى الحرية والتغيير) نرى أن البناء على منبر جدة وما توصل إليه هو الأفضل للإسراع بإيجاد حل في ظل المعاناة الإنسانية الطاحنة جراء الحرب». وأشار حمودة إلى أن كثيراً من تصريحات البرهان خلال زياراته الخارجية السابقة كانت تتحدث عن ضرورة الوصول إلى حل سلمي. وانطلق منبر جدة بعد أسابيع معدودة من اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، برعاية سعودية أميركية، ونجح مرات عدة في التوصل إلى هدنة، قبل أن يعلق الجيش السوداني مشاركته فيه. وكانت بعض الدول الأفريقية قد طرحت مبادرات أخرى لحل الأزمة السودانية، مثل دول «الهيئة الحكومية للتنمية» (إيغاد)، ودول جوار السودان، لكنها لم تحقق تقدماً يذكر.