منوعات

مظهر المرأة العاملة …وجه من وجوه التطور و التخلف في البلدان العربية

قمر بن سالم  تونس منذ نعومة اضافري اعتادت امي فتح البوم الصور و امتاعي بورقات متدرجة من اللون الاصفر الباهت الى اللون البني القاتم الى اللون الرمادي ثم الى اللون الاسود والابيض متدرجة بالصور من طفولتها المتغلغلة في القدم الى خطوبتها ثم زواجها. و كنت في كل مرة الاحظ اختلاف شكل الصور و تغييرها و تطورها حسب ما يقتضيه العصر الى ان اعتليت انا هذا المقام بصوري من صور بالالوان تميل الى اللون الاحمر الى صور اكثر تطورا ذات الوان حقيقية الى صور خاضعة الى تصرف اعلامي علمي اكثر تطورا .والشيء الباقي هنا والذي يجمع هذه الصور الجميلة هو ما يسمى الالبوم ورقات صغيرة داخل كتاب جميل وردي اللون او ازرق سماوي او ابيضا ناصعا .و كان الالبوم هو بمثابة الكتاب الذي يقرا فيه الفرد منا سطور الماضي والحاضر البعيد.و لكن الان نعم تطورت العلوم واصبحنا نمتلك الالات الفوتوغرافية الرقمية والتي تستطيع بفضلها قطف ايات من صور الزهور والعرائس و الحفلات و ان تجلس مثلما تشاء و تلتقط ما شاء لك من الفتنة .و لم تعد ترهق نفسك بحمل الشريط الى فنا ن مبدع لاخراجها في شكلها الورقي و لم تعد تفتح كتاب تاريخك لكي تنظم صورك ووجوهك الباسمة في الالبوم الكتاب .بل بات الامر اسهل بكثير يكفي ان تربط التك الفوتوغرافية بخيط و ان تنتشر الصور داخل الخزان الكبير الا وهو الكمبيوتر او الحاسب الالي او الحاسوب او الالة الحاسبة كما اختلف في تسميتها عباقرة الترجمة.تصوير فتسجيل .شيء ممتع و مسل ولكن هل هنالك نفس الرونق الذي يتمتع به الورق هل نفس جمال و متعة البوم الصور اسال نفسك هذا السؤال و ذلك اذا فتحت البوم صورك الورقي و البوم صورك الالكتروني حينها ستجد الاجابة عارية امامك فتقبلها بصدر رحب و تاكد ان رونق الالبوم كرونق الكتاب الذي تبحر بين سطوره فتكتشف اين هي ذاتك بين سطور احدى الرويايات و اين هي ذاتك بين صفحات احدى الالبومات. قمر بن سالم  تونس خلق الله كائنا بشريا و صوره في غاية الحسن والجمال و ان لم يكن حسنا فيزيولوجيا فانه حسنا روحيا راقيا..و ليس هناك كائن يحمل هذه الصفات سوى..المراة..الانثى....فهي منذ ان خلقت لم تنفك تسحر الالباب بحسنها ...و رغم ما يكمن من فرق بين مفهوم الانوثة ومفهوم النسوية الا ان الكلمتين تهتمان بكائن واحد هو الامراة...فمنذ القديم اولت المراة كل سبل العناية بذاتها و جمالها.. و رغم ان المجتمعات قد فرضت عليها لباسا معينا فيذهب بهم الظن انه ساتر لكل انحاء جسمها الا انها تفانت في ابراز مفاتنها.... فقد اشتهرت اروبا مثلا بالفساتين الفضفاضة منذ عصور خلت....فساتين لا تكشف من جسم المراة سوى وجهها و شعرها الجميل و يداها الناعمتان. ..و لكن المراة طورتها و جعلت الثوب يضيق من اعلى و يسترسل من اسفل لتظهر في شكلها و حسنها الذي تريده لنفسها..و لم تكن تلك الفساتين سترة للجسد فقط بل ايضا كانت الكيس العريض الذي تخفي فيه النسوة رسائل عشاقهن..و ارسالها للخادمة كي تحفضها لهن في صناديق الاسرار الصغيرة المرصعة ...ثم اخذ العصر يتطور الى ان التفت الفساتين حول الخصور و الاوراك و السيقان و شدت الى الجسم و تمايلت المراة بكعب عال زاد في حسن صورتها و انوثتها..مشية خفيفة تتمايل كغصن السرول...كانت للانوثة شكلها..و قد تتاقلم المراة مع شكلها فتتطبع بطباع الدلال و غيره من الاساليب الحلوة والعفوية..فتكون حلوة الحديث رقيقة المبسم ..ناعمة الصوت...و لكن مع تطور العصر و تغير اسلوب الحياة وخروجها للعمل ومشاركتها الرجل سبل الحياة اصبحت تضايقها القفازات و الاشرطة الجميلة الوردية والحمراء والبيضاء..و تعيقها الاحذية ذات الكعب العالي..و المظلات الصغيرة و التسريحات التي تتطلب وقتا طويلا وجهدا ...فاختارت لنفسها شكلا مغايرا هذا الشكل الذي يقربها اكثر من حياة الرجل..فبارتدائها للسراويل اي البنطلونات اصبحت عملية اكثر ...سريعة في مشيتها...عريضة الخطى...وعيونها الناعسة اضحت لامعة فتقرا فيها التحدي والثقة في النفس..و لا نستغرب اذا راينا مسحة طفيفة من الرجولة تتداخل في حديثها و ضحكتها و اسلوبها و حركاتها...و ربما بل فعلا اصبحت انوثتها صارخة اكثر في الجينز و في اسلوب حديثها...و لكن الشيء الوحيد الذي لا يجب ان تتخلى عنه المراة هي مسحة انوثتها..جمال وجهها و هي خجلة... جمالها و هي ترافع... وهي تدرس... وهي تخاطب...فانها قد تغرق في في بوتقة العصر و تواكب تطوراته و تبقى الانثى الجميلة و العملية في ان واحد

قمر بن سالم تونس

كثيرا ما نعبر عن معنى التطور حسب ما نملكه من منازل فخمة ذات تكييف ورفاه عاليين…و كثيرا ما نرى التطورفي العلم ببحوثه وتجاربه و بمنطقه واعجازه…فالتطور هو الانتقال من مرحلة الى أ خرى و من وضع الى اخر و ذلك لكي يتميز كل عصر عن غيره

….من العصورو بقدرات الذات الانسانية و مجهوداتها في شتى الميادين..و قد نرى أن هذه المظاهر متوفرة في البلدان العربية مما يدفعنا للفخر والتفائل..فهل يكفي كل هذا لكي ترتقي البلدان العربية الى المستوى المطلوب من التطور…

يرتكز كل بلد على مؤسسات كبرى و مؤسسات صغرى…و هذه المؤسسات لا تشغل موظفين ومحاسبين و سكريتيرات فقط بل أيضا عاملات تنظيف…فالموظف أو صاحب المؤسسة أو الشركة لا يمكن له أن يبدأ يوم عمله الا اذا توفرت الظروف المريحة لمكتبه من نظافة و عناية..و تهوئة تقوم بها عاملة تبذل الجهد و تتفانى في عملها…و لكن قبل أن تكون هذه المرأة عاملة فهي أيضا انسانة تسترزق من عملها و لا فرق بينها و بين الموظفين اللذين تخدمهم الا سنواتها الضائعة التي لم تمكنها من نيل شهادة تجعلها وراء المكتب لا أمامه أو تحته تنظفه وترتبه…هذا هو الفرق الوحيد..فما الذنب الذي يجعل هيأتها مبعثرة و لباسها ممزقا متدليا و تغشى وجهها غيمة حزن و يقوس ظهرها الشعور بالاذلال!!!!لماذا تبرز لنا العاملة بقدمين مشققتين و خف بلاستيكي جد متواضع…ففي البلدان الغربية المتقدمة نشاهد العاملة المنظفة ترتدي ثوب عمل لائق ما يسمى ب”اليونيفورم” متكونا من سترة بيضاء او حمراء …من قفازات…..من حذاء خفيف يسهل عملها فتشعرأنها كغيرها من الموظفات انسانة فاعلة في المجتمع ولم لافانه يحق لها أن تشعر ايضا بالثقة في النفس وبأنها تنعم بوظيفة محترمة تكسب منها لقمة عيشها دون احتقارأو وضاعة…كما هو الشأن بالنسبة للخادمات في البيوت..فكونهن يخدمن ربات المنازل فهذا لا يعني أنهن جاريات أو عبيد بل ان الكثير من ربات البيوت لا يمكنهن الاستغناء عن الخادمات ففي كثير من الأحيان تعجز ربة البيت دون وجود خادمتها فهل يمكننا القول أن ربة البيت انقلبت الى عبدة للخادمة!!! أليس هذا هو المنطق…ان تطور المجتمعات ذو وجوه متعددة….لابد للمجتمعات العربية ان تغير النظرة الوضيعة لمنزلة الخادمة او العاملة فلا بأس أن ترفع رأسها وأن تمنحها الشكل الذي يشعرها بانسانيتها و قيمتها ….وأن تبرزها في زي محترم وعملي اكثر يعطي صورة مشرفة ومظهرا لائقا…فصورة المجتمعات تكمن في كل مجالاتها واشخاصها … ان مظهر التطور ليس فقط في الابنية والحدائق والمطاعم الفاخرة..بل في أمور عديدة منها ما يبدو عاديا وتافها ولكنه على درجة من الأهمية القصوى…و هو مظهر من مظاهر التقدم أيضا..فالتلفزيون مثلا الذي هو من بين أكثر وسائل الاعلام اقبالا في العالم و خاصة مع البرمجة الفضائية و الذي يلتف فيه الكون في شكله المربع قد تفانى في ابراز شوارع وأزقة نظيفة و حافلات لامعة و شعب منظم…و عاملات أنيقات..و أعمال درامية كاذبة تظهر فيها السجون بمدافىء مركزية ..و ملايا ناصعة البياض..فلنجعل من هذه الأكاذيب حقائق انه ليس بالأمر العسير!!!اننا نشاهد العالم الان يعيش ثورات سياسية تهتف بالتغيير والاصلاح و الاطاحة بالأنظمة الاقطاعية ..فكيف السبيل الى الاطاحة بها و فكرة الاقطاع والنظرة السلبية للمرأة بصفة عامة والمرأة العاملةبصفة خاصةلا تزال تقبع في تجاويف العقل و ثغرات الفكر