اخبار فلسطين

إسرائيل تؤكد للولايات المتحدة أنها لا تخطط لمضاعفة أعداد المستوطنين، وسط بوادر توسع

واشنطن سعت المقربون من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى طمأنة إدارة بايدن يوم الثلاثاء بأن إسرائيل لا تسعى إلى توسيع كبير في مستوطنات الضفة الغربية، وسط إشارات على عكس ذلك من الجيش الإسرائيلي وأحد كبار أعضاء الحكومة.

وتشير الرسائل من كبار مساعدي نتنياهو إلى الاعتراف بتجدد الغضب في واشنطن بشأن سياسات الحكومة المتشددة في الضفة الغربية، حيث لا يزال رئيس الوزراء يسعى إلى الحصول على دعوة للبيت الأبيض، فضلاً عن المساعدة الأمريكية في تحقيق اتفاق تطبيع مع المملكة العربية السعودية.

وبينما أصر نتنياهو على أن القضية الفلسطينية لا يجب أن تؤثر على قرارات الدول العربية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، يعتقد المحللون أن التغييرات الجذرية في الضفة الغربية ستؤدي بالتأكيد إلى تعقيد هذا الجهد.

في الأسبوع الماضي، ذكرت صحيفة “هآرتس” أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش طلب من العديد من المكاتب الحكومية الاستعداد لمضاعفة عدد المستوطنين الإسرائيليين، الذين يبلغ عددهم حاليًا حوالي نصف مليون، مضيفة أنها قضية مركزية بالنسبة للائتلاف الجديد.

وبعد أيام، وقع قائد القيادة المركزية للجيش الإسرائيلي يهودا فوكس على أمر عسكري يلغي الحظر المفروض على دخول الإسرائيليين إلى بؤرة “حومش”، وهي واحدة من أربع بؤر استيطانية أخلتها إسرائيل في عام 2005 كجزء من انسحابها من قطاع غزة.

وأثارت كل من تعليقات سموتريتش وتعليمات فوكس غضب إدارة بايدن، التي لا تخطط لإصدار خطة سلام جديدة في المستقبل القريب، ولكنها تسعى للحفاظ على احتمال قيام دولة فلسطينية في معظم أراضي الضفة الغربية.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (من اليسار) ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش خلال مؤتمر صحفي، في مكتب رئيس الوزراء في القدس، 30 أبريل، 2023. (Alex Kolomoisky/POOL)

وقال مسؤول إسرائيلي لتايمز أوف إسرائيل إن السفير الأمريكي لدى إسرائيل توم نايدس أعرب عن معارضته لكلا التطورين في محادثات مع مسؤولين إسرائيليين.

ورد المسؤولون الإسرائيليون بإخبار نظرائهم الأمريكيين أن هدف سموتريتش المتمثل في الوصول إلى مليون مستوطن ليس سياسة حكومية رسمية، بحسب المسؤول.

وأضاف المسؤول أن القدس أصرت أيضا على عدم وجود خطط لإنشاء مستوطنة جديدة في “حومش”، مؤكدا تقريرا في موقع “والا” الإخباري.

لكن المسؤول الإسرائيلي قال إن هذا لم يقنع إدارة بايدن، التي أشارت إلى أن البؤرة الاستيطانية تقع على أراض فلسطينية خاصة.

وسعى مساعدو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتوضيح أن سبب الأمر العسكري هو بدء عملية نقل البؤرة الاستيطانية من الأراضي الفلسطينية إلى مكان آخر قريب.

ومن غير المرجح أن يقنع هذا الادعاء إدارة بايدن، التي تعارض بشكل أساسي التوسع الإسرائيلي في الضفة الغربية، بغض النظر عما إذا كانت الأرض المعنية تعتبر عامة أو خاصة.

وقال موقع “والا” إن مساعدي نتنياهو أبلغوا إدارة بايدن أن الأمر العسكري ضروري بسبب الضغط السياسي الذي يواجهه رئيس الوزراء من شركائه اليمينيين في الائتلاف وهي نقطة أخرى من المستبعد أن تقنع الولايات المتحدة.

وحتى قبل إلغاء الحظر الذي فرضه الجيش الإسرائيلي على إعادة الاستيطان الإسرائيلي في “حومش”، شهدت البؤرة تواجد شبه يومي للإسرائيليين، الذين سمح لهم الجيش الإسرائيلي بدخول المنطقة كل صباح للدراسة في مدرسة دينية مؤقتة.

وأقرت محكمة العدل العليا بأن “حومش” تقع على أرض فلسطينية خاصة، لكن الجيش لم يسمح بعد للمزارعين الفلسطينيين بالعودة بانتظام إلى أراضيهم هناك.

واكتسب الموقع أهمية سياسية أخرى في أواخر عام 2021 بعد أن أودى هجوم إطلاق نار بحياة أحد طلاب مدرسة “حومش” الدينية، مما أدى إلى تجدد الضغط على الحكومة للاعتراف رسميًا بالمدرسة الدينية هناك.

ويدعم التحالف إضفاء الشرعية على “حومش”، وقد نجح في إقرار تشريع في شهر مارس يسمح بإعادة الاستيطان في أربع بؤر استيطانية تقع شمال الضفة الغربية تم إخلاؤها في عام 2005.

وكانت الخطوة التالية في هذه العملية هي الأمر العسكري الذي وقعه فوكس الأسبوع الماضي.

مستوطنون في معهد حومش الديني يتجمعون في خيمة في مستوطنة حومش السابقة، غرب مدينة نابلس بالضفة الغربية، 30 ديسمبر، 2021. (MENAHEM KAHANA / AFP)

وقد أدى إقرار التشريع في الكنيست إلى استدعاء سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة مايكل هرتسوغ وهي خطوة لم تتخذ منذ أكثر من عقد.

وبعد توقيع الأمر العسكري يوم الخميس الماضي، اكتفت إدارة بايدن بإصدار بيان وإن كان من أشد التصريحات التي أصدرتها ضد إسرائيل قالت فيه إن هذه الخطوة “تتعارض مع التزام رئيس الوزراء السابق شارون الخطي تجاه إدارة بوش في عام 2004 والتزامات الحكومة الإسرائيلية الحالية تجاه إدارة بايدن”.

وبعث رئيس الوزراء آنذاك، أرييل شارون، برسالة إلى الرئيس الأمريكي آنذاك جورج دبليو بوش قبل حوالي 20 عامًا، التزم فيها رئيس الوزراء بإخلاء أربع مستوطنات شمال الضفة الغربية من أجل إفساح المجال للتواصل الجغرافي الفلسطيني في المنطقة. في المقابل، قدم بوش بدوره اعتراف مكتوب بالحاجة إلى تبادل الأراضي في اتفاق سلام مستقبلي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مما يسمح لما يسمى بالكتل الاستيطانية القريبة من الخط الأخضر بالبقاء تحت السيطرة الإسرائيلية.

من جهتها، ادعت حكومة نتنياهو بأن إدارة أوباما كانت أول من رفض الالتزامات بين شارون وبوش، برفضها تمييز الولايات المتحدة بين هذه الكتل الاستيطانية والمستوطنات الواقعة في عمق الضفة الغربية.

لكن أشار البيان الصادر يوم الأحد عن وزارة الخارجية الأمريكية أيضًا إلى الالتزامات الإسرائيلية للإدارة الحالية، التي أشارت إلى اتفاق القدس في المؤتمرات الإقليمية في فبراير ومارس لوقف التوسع في الضفة الغربية وتحديداً لوقف تباحث إنشاء وحدات استيطانية جديدة لمدة أربعة أشهر، وتجميد الموافقات على البؤر الاستيطانية الجديدة لمدة ستة أشهر.

وأضاف البيان الأمريكي أن “تطوير المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية يشكل عقبة أمام تحقيق حل الدولتين”.