اخبار المغرب

أطروحة دكتوراه للمحامية مريم الإدريسي تناقش استقلالية النيابة العامة بالمغرب

ناقش مركز الدكتوراه، التابع لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، السبت، أطروحة دكتوراه بعنوان “استقلال النيابة العامة بالمغرب.. دراسة مقارنة”، تقدمت بها مريم جمال الإدريسي، الطالبة الباحثة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس والمحامية بهيئة الدار البيضاء.

وأوضحت مريم جمال الإدريسي، في صدر أطروحتها، أن “موضوع استقلال النيابة العامة بالمغرب يطرح عدة إشكاليات علمية وعملية استوجب النظر إليها من زاوية التساؤل عن مدى استقلال النيابة العامة بين مبدأ فصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة، وأثر هذا الاستقلال على وظائفها وخصائصها، التي تتمحور حول طبيعتها القانونية المحددة لحدود ومعالم استقلالها”.

وأضافت “بعد أن تم البحث في الموضوع بالاعتماد على المناهج العلمية اللازمة، خلص البحث إلى أن طبيعة النيابة العامة هي طبيعة مختلطة تتحول بتغير مراكزها في الخصومة الجنائية، وهي طبيعة مؤثرة في مسؤوليتها”، مبرزة أن “الاستناد على مبدإ فصل السلط كأساس لاستقلال النيابة العامة يجابه بمبدإ استقلال الوظائف الذي ركزت عليه المبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة حين نصت على ضرورة أن تكون مناصب أعضاء النيابة العامة منفصلة تماما عن الوظائف القضائية”.

وتابعت أن “استقلال النيابة العامة بالمغرب، وإن كانت خطوة اعتبرت بالجريئة نحو استكمال بنيان السلطة القضائية المستقلة استنادا لمبدإ فصل السلط، إلا أن إلزام أعضاء هذه النيابة العامة بالامتثال للأوامر والملاحظات القانونية الصادرة عن رؤسائهم التسلسليين جعل الاستقلالية تتمظهر في قمة الهرم الرئاسي لا غير، بينما تظل التبعية قائمة بين الرئيس والمرؤوس”.

واعتبرت أن “استقلال النيابة العامة أثر بشكل واضح على مفهوم السياسة الجنائية بالمغرب”، مبرزة في بحثها أن هذا الأمر “يستوجب النظر في مجموعة من النصوص القانونية، وعلى رأسها قانون المسطرة الجنائية؛ تماشيا مع توجه يصبو لتحقيق موازنة بين سلطات النيابة العامة وضمان الحقوق والحريات”.

وفي تصريح لها لهسبريس، على هامش مناقشة أطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، قالت مريم جمال الإدريسي إن موضوع بحثها أعاد النقاش حول مدلول وماهية السياسة الجنائية، وكيف تنفذها النيابة العامة، وهل الأمر يقتصر فقط على التنفيذ، أم يتعداه إلى تحديد أولويات.
وأضافت أن “موضوع استقلالية النيابة العامة يحتاج إلى إعادة النقاش، على الأقل ليس في المبدأ من حيث استقلال النيابة العامة، ولكن حول التنزيل وربط المسؤولية بالمحاسبة، ووضع الفواصل والحدود لتوازن المصلحة العامة مع المصالح الخاصة والحقوق والحريات”.

من جانبه، قال محمد بوزلافة، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس وعضو بلجنة المناقشة، إن “مناقشة موضوع استقلال النيابة العامة يأتي بعد أكثر من 10 سنوات على دستور 2011، وكذلك في إطار النقاش الذي كانت تعرفه بلادنا ولا يزال مستمرا حول استقلال السلطة القضائية بالمغرب”.

وأضاف بوزلافة، في تصريح لهسبريس، أن استقلال النيابة العامة يعتبر جزءا من استقلال القضاء، مشيرا إلى أن طرح هذا الموضوع، اليوم، من خلال أطروحة الدكتوراه للباحثة مريم جمال الإدريسي أسس لنقاش فكري عميق حول الإشكالات المرتبطة باستقلال النيابة العامة والأدوار المتوقعة والمنتظرة منها، وكيف تكون مساهمة في سياسة جنائية رشيدة وقادرة على احتواء الظواهر الإجرامية وبعيدة عن كل الضغوطات، سواء تعلق الأمر بالمؤسسات والسلط الأخرى أو بباقي الأطراف التي يمكن أن تتدخل.

ولفت المتحدث ذاته إلى أن المغرب يعيش تجربة فتية جدا لها قيمتها، مؤكدا أن النقاش العلمي، اليوم، حاول أن يؤسس لهذه التجربة ويطرح أسئلة هامة جدا حول طبيعة المآل خلال السنوات القادمة.

يذكر أنه بعد المناقشة منحت اللجنة العلمية ميزة مشرف جدا للطالبة الباحثة في القانون العام مريم جمال الإدريسي، مع التوصية بالنشر لأهمية وراهنية الموضوع الذي تناولته.