اخر الاخبار

«نراقب» الوضع الروسي من كثب وعلى اتصال وثيق مع الحلفاء

مودي في واشنطن: اتجاه جديد للشراكة الهندية – الأميركية

بعد 5 أيام من الاجتماعات المكثفة السياسية والاقتصادية وإبرام اتفاقات دفاعية واقتصادية، يعود رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى بلاده بعد زيارة دولة اتسمت بكثير من مظاهر الحفاوة الأميركية، وحقق فيها كثيراً من الإنجازات التي ستعزز موقفه داخلياً وعلى الساحة الدولية.

ووصف مسؤولون هنود الزيارة بأنها «رسمت اتجاهاً جديداً للشراكة مع الولايات المتحدة».

وتبدو إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن سعيدة بما حققته من استدراج للهند إلى أحضان الولايات المتحدة بعيداً عن النفوذ والهيمنة الروسية، وفي إظهار قوة التحالفات الإقليمية التي تبرمها الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في مواجهة الصين.

وتتطلع واشنطن إلى إيجاد ثقل موازن للصين في آسيا، وتتجاهل الاتهامات للحكومة الهندية بممارسة انتهاكات لحقوق الأقليات في الهند. وحرصت إدارتا باراك أوباما ودونالد ترمب على جذب الهند كحليف في مواجهة الصين، فيما نجحت إدارة بايدن في إدخال الهند في الاتفاقية الأمنية الرباعية (الكواد) التي تضمن الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا. وبدا واضحاً أن الجانبين حققا كثيراً من الأجندة الخاصة لكل طرف، على الرغم من الانتقادات التي واجهت إدارة بايدن، بغض النظر عن انتهاكات حقوق الإنسان في الهند، وإصرار رئيس الوزراء الهندي أنه لا توجد تمييز عنصري وديني في بلاده.

على المستوى السياسي، التقى بايدن مع مودي 4 مرات في عشاء خاص، مساء الأربعاء، ثم في المحادثات الرسمية صباح الخميس.

وبرزت السياسة الأمنية لبايدن وتهديدات الصين كأبرز أولويات القضايا، حيث انضم مودي وبايدن لتناول عشاء خاص مع مستشاري الأمن القومي، مساء الخميس.

واستعانت السيدة الأولى جيل بايدن في تجهيزات العشاء بطبّاخ نباتي شهير من كاليفورنيا لطهي الطعام لرئيس الوزراء الذي يتّبع حمية نباتية.

واحتلت القضايا التجارية والاستثمارية مساحة أيضاً كبيرة، ظهرت في اللقاءات ظهر الجمعة، وفي اجتماع بين بايدن ومودي مع كبار المسؤولين والرؤساء التنفيذيين للشركات الأميركية والهندية.

مودي وبايدن في مستهل العشاء الرسمي بالبيت الأبيض، مساء الخميس (إ.ب.أ)

طموحات مشتركة

نجحت الولايات المتحدة في اجتذاب الهند لاتخاذ موقف مساند لأوكرانيا. وأعرب مودي وبايدن، في بيان مشترك، عن دعم «وحدة أراضي» أوكرانيا. وقد تغاضت إدارة بايدن عن رفض الهند الانضمام إلى العقوبات الغربية على روسيا وشرائها النفط الروسي بسعر مخفّض، وفضّلت التركيز على تحالفها مع نيودلهي لمواجهة تحدي الصين. وفي كل اللقاءات، حرص الجانبان على تأكيد العلاقات المتنامية والطموحات المشتركة لأكبر ديمقراطيتين في العالم.

وظهرت الحفاوة الأميركية بوضوح في الاستقبال الرسمي في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض وعرض الموسيقى العسكرية وفي حفل العشاء الرسمي الذي يعد شرفاً وتكريماً لأقرب حلفاء الولايات المتحدة، إضافة إلى إلقاء مودي خطاباً أمام الكونغرس بمجلسيه. ولقي مودي ترحيباً حاراً في الكونغرس، وقوبل بالتصفيق عدة مرات خلال خطابه الذي تحدث فيه عن التحديات وفرص الشراكة الحاسمة والمهمة بين الهند والولايات المتحدة خلال القرن الحادي والعشرين، محذراً من التهديد الذي تشكله الصين في المحيطين الهندي والهادئ.

وقال إن الهند لديها رؤية شاملة لأمن المحيطين، لتكون المنطقة «حرة ومفتوحة وشاملة»، وهي عبارة تستعملها باستمرار الولايات المتحدة. وبدا حرص مودي على العزف على الأوتار التي يعزف عليها المشرّعون في الكونغرس، والتنفيذيون في الإدارة الأميركية. وقال: «رؤيتنا لا تسعى إلى الاحتواء أو الاستبعاد»، مشيراً إلى أن نمو الصين لن يتأثر إذا التزمت بالقواعد التي وضعها مودي على أنها «بحار آمنة، كما يحددها القانون الدولي، وخالية من الهيمنة، وراسخة في رابطة دول جنوب شرق آسيا».

وتلمّح إشارة مودي للقانون الدولي إلى مطالبات الصين ببحر الصين الجنوبي خارج الحدود الإقليمية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ورفضها الأحكام القانونية الدولية ضدها. وأضاف: «من هنا، ظهرت الرباعية قوةً رئيسيةً مفيدة للمنطقة».

مودي يلقي كلمة في الكونغرس الأميركي، الخميس (أ.ف.ب)

وقد عزّزت الهند والولايات المتحدة شراكتهما بشكل كبير استجابة لظهور الصين قوةً عالميةً، مع التنافس التاريخي الطويل بين الهند وبكين، الذي تعدّه الولايات المتحدة ثقلًا موازناً أساسياً. وتجادل الهند حالياً في مطالبات الصين بإقليمين؛ أكساي تشين في الشمال الغربي، وأروناتشال براديش في شمال شرقيها، وغالباً ما تحولت المناوشات الحدودية بين القوات من البلدين إلى أعمال عنف.

وأثار خطاب مودي أيضاً موضوع المشتريات الدفاعية، حيث تعد الهند مستورداً كبيراً للمعدات العسكرية الأميركية، وتستهدف الهند تعزيز ترسانتها العسكرية لتكون قوة موازنة لجيش التحرير الشعبي الصيني. وقد أعلن بايدن ومودي عن صفقات دفاعية جديدة في مؤتمرهما الصحافي المشترك، يوم الخميس.

صفقات دفاعية وتكنولوجية

وفي المجال الدفاعي والاقتصادي، توصل البلدان إلى عدة اتفاقات مهمة بشأن محركات طائرات مقاتلة، والاستثمار في أشباه الموصلات، والتعاون في مجال الفضاء. ووافقت الولايات المتحدة على نقل تكنولوجيا إلى الهند، مع بدئها إنتاج طائرات مقاتلة محلية، وهو الاتفاق الذي أشاد به مودي باعتباره «علامة فارقة».

وحصلت شركة «جنرال إلكتريك» على الضوء الأخضر لإنتاج محرّكاتها من طراز «إف 414» بشكل مشترك مع شركة «هندوستان إيرونوتيكس» للصناعات الجوية التابعة للدولة الهندية.

وذكر مسؤول أميركي أن الهند ستشتري أيضاً مسيّرات مسلحة عالية الدقة من طراز «إم كيو – 9 بي سي غارديانز»، ما أثار أيضاً تساؤلات حول أهداف الهند من الحصول على هذه المسيّرات المسلحة، علماً بأنها نفذت عام 2019 ضربة جوية غير مسبوقة في الأراضي الباكستانية، استهدفت ما قال إنه معسكر لمجموعات متطرفة. لكن هدف واشنطن من تمرير هذه الصفقة بدا واضحاً في التخفيف من اعتماد الهند على روسيا، أهم مزوّد معدات عسكرية لنيودلهي. وتأمل واشنطن أن تساعد هذه الصفقات في تعزيز العلاقة الدفاعية بشكل أوسع بين البلدين.

وتم الاتفاق على شراكات استثمارية، تتضمن شراكة بين شركة تصنيع أشباه الموصلات الأميركية العملاقة (ميكرون)، التي ستدفع 800 مليون دولار لبناء محطة لتجميع واختبار أشباه الموصلات في الهند، ويُتوقع أن تصل قيمتها إلى 2.75 مليار دولار. وهو هدف آخر للولايات المتحدة التي تتطلّع إلى وقف تدفق الرقائق الأكثر تطوراً إلى الصين، خشية أن تهيمن الدولة الشيوعية على الجيل التالي من التكنولوجيا، على الرغم من أن «ميكرون» أعلنت مؤخراً استثمارات بقيمة 600 مليون دولار في الصين.

كما اتفقت الولايات المتحدة والهند على إنهاء 6 نزاعات أمام منظمة التجارة العالمية، وتوسيع التعاون في مجال الفضاء، مع انضمام الهند إلى مبادرة تقودها الولايات المتحدة لإجراء رحلة أخرى مأهولة إلى القمر بحلول عام 2025.