اخبار فلسطين

زيلينسكي يأمل أن تقدم إسرائيل المساعدة الآن وسط التعاون الروسي الإيراني

أعرب الرئيس الأوكراني فولديمير زيلينسكي عن إحباطه وسخطه من حياد إسرائيل الظاهر في حرب روسيا المستمرة على أوكرانيا، وقال أن التغيير المحتمل في الموقف قد يكون وشيكا بعد أن وافقت اسرائيل أخيرا على تزويد البلاد بأنظمة اتصالات متقدمة، في مقابلة تلفزيونية إسرائيلية.

في مقابلة طويلة وواسعة النطاق مع البرنامج الاستقصائي “عوفدا”، الذي تم بثه ليلة الإثنين على القناة 12 الإسرائيلية، قال زيلينسكي أنه لا يستطيع “فهم” موقف إسرائيل ولا رفضها تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي، حتى عندما قدم طلبات متعددة لمثل هذه الأسلحة على مدى الأشهر الثمانية الماضية مع رؤساء الوزراء الإسرائيليين المتعاقبين.

وقال إن أول طلب قدمه لإسرائيل في بداية الحرب في أواخر فبراير كان لأنظمة الراديو، “لأن إسرائيل تنتج أنظمة راديو [عالية] الجودة”، تليها طلبات للحصول على أسلحة دفاع جوي مثل نظام القبة الحديدية. وطالب آخر نداء له بطائرات مسيّرة إسرائيلية، بعد أن بدأت روسيا باستخدام طائرات مسيرة انتحارية إيرانية الصنع في أوكرانيا، كان تأثيرها مدمرا.

وقال زيلينسكي أنه حاول حتى طلب مساعدة واشنطن للضغط على إسرائيل لتقديم مساعدة عسكرية لأوكرانيا، رغم أنه لم يخوض في التفاصيل.

“نعم، طلبت ذلك”، قال زيلينسكي للمضيفين إيلانا دايان وإيتاي أنغيل ردا على سؤال حول ما إذا كان قد طلب من الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل نيابة عن أوكرانيا.

وقال الرئيس الأوكراني لـ”عوفدا” إن إسرائيل وافقت مؤخرا فقط على توفير أنظمة الراديو المطلوبة، لكن لا تزال التفاصيل غير واضحة.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث مع الصحفيين الاستقصائيين الإسرائيليين إيلانا دايان وإيتاي أنغيل في كييف، في مقابلة بثت في 31 أكتوبر 2022 (Yaniv Shabtay, Ronen Mayo Uvda)

وعندما تمت الإشارة الى نظام القبة الحديدية، قال زيلينسكي أنه لم يكن هناك تجاوب من أي زعيم إسرائيلي حتى لتباحث هذه المسألة. وقال: “كنت أتحدث بالفعل مع ثلاثة رؤساء وزراء لإسرائيل”، مشيرا إلى أنه أثار القضية أيضا قبل أن تغزو روسيا بلاده في وقت سابق من هذا العام.

“لا أفهم إسرائيل… لقد عقدت اجتماعات وطلبت عدة مرات، من كل واحد منهم لمساعدتنا. هذا لا يعني فقط التبرع بالمال أو الجيش. هذا يعني اختيار الجانب الصحيح”، قال.

وبينما قدمت المساعدة الإنسانية، حافظت إسرائيل على سياستها الصارمة المتمثلة في عدم تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا منذ غزو القوات الروسية للبلاد في 24 فبراير، بما في ذلك الأنظمة التي يمكن أن تساعدها في اعتراض هجمات الصواريخ والطائرات المسيّرة الروسية.

ويبدو أن السبب وراء القرار هو حاجة إسرائيل الإستراتيجية للحفاظ على حرية العمليات في سوريا، كجزء من جهودها لمنع ترسيخ إيران على أعتابها. وتحقيقا لهذه الغاية، تتعاون إسرائيل مع الجيش الروسي، الذي يسيطر إلى حد كبير على المجال الجوي السوري. كما أعرب مسؤولون إسرائيليون عن مخاوفهم من أن تقع التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية المتقدمة في أيدي أعداء، وأشاروا إلى قيود الإنتاج والإمداد.

لكن إسرائيل أعربت عن قلقها المتزايد بشأن التعاون العسكري بين روسيا وإيران، وقال رئيس الوزراء يائير لبيد لوزير الخارجية الأوكراني في وقت سابق من هذا الشهر أنه يعرّض “العالم بأسره للخطر”.

وأشار زيلينسكي في المقابلة إلى أن استخدام روسيا الأخير للأسلحة الإيرانية في هجومها على أوكرانيا قد يكون المحفز الذي تحتاجه إسرائيل.

وقال: “نحن نحارب اتحادا كبيرا جديدا، روسيا وإيران، وآمل الآن أن تساعدنا إسرائيل، وأن ترد بقوة على هذا”. مضيفا أنه وفقا لمعلومات استخبارية من أوكرانيا ودول أخرى، حصلت روسيا على حوالي 1500 طائرة مسيرة هجومية إيرانية.

وقال زيلينسكي، مشيرا إلى التهديد الأوسع الذي تشكله روسيا وإيران: “ربما، علينا ان نفكر معًا في العدد الذي يمكنهم استخدامه، ليس فقط في أوكرانيا”.

طائرة مسيّرة تحلق فوق كييف خلال هجوم 17 أكتوبر 2022، وسط الغزو الروسي لأوكرانيا. (Sergei SUPINSKY / AFP)

وتحدث زيلينسكي إلى المحاورين باللغة الإنجليزية فيما وصفه البرنامج بأنه أول مقابلة للزعيم الأوكراني مع وكالة أنباء أجنبية لا يتحدث فيها باللغة الأوكرانية.

“نحن نحارب إيران كل يوم، 400 هجوم بطائرات مسيرة إيرانية على شعبنا ومدنيينا وبنيتنا التحتية. قدمنا ​​معلومات لإسرائيل وقلنا ساعدونا بالدفاعات الجوية… يمكننا أن نتحد ضد هذا الشر في الدفاع الجوي. لدى البنية التحتية أو المؤسسات العسكرية الإسرائيلية طائرات مسيرة يمكن أن تساعدنا أيضا في هذا الهجوم، في هذه الحرب”، قال.

ولم يستطع الرئيس الأوكراني الإجابة مباشرة على سؤال حول ما إذا كان يعتبر إسرائيل “شريكا” مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، قائلا بدلا من ذلك إنه “سؤال صعب”.

“إنه لأمر مؤسف أنه ليس لدينا علاقات في هذه الحرب مثل العلاقات مع بولندا، أو إنجلترا، حيث يمكنني، كل يوم، أن أخبرهم بالمشكلة وربما يساعدون، (دعونا نتباحث). لا أفهم لماذا ليس لدينا هذا النوع من العلاقات مع إسرائيل”، قال.

وفي الأسبوع الماضي، أشار الزعيم الأوكراني الى وجود “اتجاه إيجابي” في علاقات كييف مع إسرائيل، بعد أن تبادل البلدان معلومات استخباراتية حول استخدام روسيا للطائرات المسيّرة الإيرانية.

أوكرانيا لا تحتاج إلى وسيط

قال زيلينسكي في المقابلة إن أوكرانيا “لا تحتاج إلى أي وسطاء، نحن بحاجة إلى شركاء وأصدقاء”، في إشارة إلى محاولات رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت المبكرة في مارس للتوسط بين موسكو وكييف.

“الروس لا يحتاجون إلى وسطاء، إنهم يريدون شخص لكسب الوقت وأعتقد أنهم وجدوا في بينيت مثل [هذا شخص]. استخدموه لكسب الوقت. أراد صنع السلام لوقف الحرب لكنه لم يستطع. لقد قدم بعض المعدات الطبية، وقدم مستشفى ميداني”، قال زيلينسكي، معربا عن امتنانه ووصف بينيت بأنه “شاب ويتمتع بقدر كبير من الطاقة”.

كما أقر بأن بينيت ومسؤولين آخرين إنهم “غاضبون مني لأنني [انتقد إسرائيل] علانية”.

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت يحضر جلسة لمجلس الوزراء في مكتب رئيس الوزراء في القدس، 19 يونيو 2022 (Abir Sultan / Pool Photo via AP)

وردا على سؤال عما إذا كان من الأفضل لأوكرانيا أن تتبنى نهجا أكثر هدوءا تجاه إسرائيل وليس نهجا ينتقد فيه مسؤولو كييف اسرائيل بسبب عدم تقديمها الدعم الكافي، قال زيلينسكي إن “هناك العديد من السبل للحوار مع إسرائيل، رسمية وغير رسمية لأنني كنت بحاجة إلى نتائج” ولكن لم تنجح أي منها”.

وأضاف أن أوكرانيا بحاجة إلى “نوع مختلف من المساعدة”، داعيا إلى موقف إسرائيلي واضح: “لقد حصلنا على بعض التبرعات الإنسانية، لكن هل أنتم إلى جانب الروس أم أنتم إلى جانب أوكرانيا؟ كل احترامي لإسرائيل، ولكن عليكم الاختيار، لا يمكنكم أن تكونوا وسطاء في هذه الحرب”.

وعلى عكس الدول التي ظلت محايدة أو مترددة في الرد على صعود الفاشية في أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية، “لا يمكن لإسرائيل أن تكون من بين الدول التي تبقى بعيدة وتنظر إلى الموجة التالية من النازية التي ولدت هذا العام”، قال.

اتخاذ موقف

قال زيلينسكي أنه بينما يدرك أن على إسرائيل أن تفكر في أمنها ومصالحها الخاصة، فإن القضية تتعلق أكثر “بالموقف تجاه [الرئيس الروسي فلاديمير] بوتين، تجاه سياسته”.

وردا على ضغط من دايان، أقر زيلينسكي بأن تصرفات إسرائيل ربما كانت مدفوعة جزئياً بالخوف من روسيا ورئيسها.

ومع ذلك، قال زيلينسكي إنه يبقى في حيرة من أمره. وقال عدة مرات في المقابلة إنه لا يفهم سبب عدم تمكن إسرائيل من اتخاذ موقف أكثر وضوحًا والوقوف بحزم الى جانب أوكرانيا وسط هجوم روسيا المستمر، نظرا لمعرفة إسرائيل الحرب والكفاح المكلف من أجل الاستقلال.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار)، والصحفيان الاستقصائيان الإسرائيليان إيلانا دايان (يمين)، وإيتاي أنغيل(وسط)، في كييف، في مقابلة بثت في 31 أكتوبر 2022 (Yaniv Shabtay, Ronen Mayo Uvda)

“لا أفهم إسرائيل، أعتقد أن الحكومة والمجتمع يجب أن يكونا مثل كائن حي واحد، ولا أستطيع أن أفهم إذا كان المجتمع يدعم نضال أوكرانيا من أجل الحرية والاستقلال، لا أستطيع أن أفهم لماذا في دوائر السياسيين، لماذا لديهم رأي آخر”.

“أعلم أن الإسرائيليين، الناس في بلدكم يعرفون الكثير عن الحرب، لقد رأوا الكثير من الأشياء السيئة. نحن نفهم ونشعر بالمأساة، ما مر به الإسرائيليون. أعرف التاريخ… كنت في إسرائيل مرات عديدة/ كان لدي العديد من الأقارب”، قال.

لحظة وجيزة

في الساعات الأولى من يوم 24 فبراير، عندما كانت الدبابات والقوات الروسية تتوغل في أوكرانيا، قال زيلينسكي إن فكرة أن هذه قد تكون النهاية لبلاده خطرت بباله.

“لقد كانت لحظة واحدة فقط، عندما جاءوا إلى كييف ولأن الجميع تحدثوا عن هذه القافلة الروسية التي يبلغ طولها 40 ميلا”.

وقال زيلينسكي إن المكالمة الأولى التي تلقاها كانت من الرئيس الأمريكي جو بايدن، والتي وصفها بأنها “حوار دافئ مع شريك”. وعرض بايدن مساعدة زيلينسكي وعائلته على الفرار من أوكرانيا وسط تهديدات روسية بالاغتيال. وكان رد الرئيس الأوكراني أنه بحاجة إلى الذخيرة، “وليس التوصيلة”.

وقال زيلينسكي إن أوكرانيا اليوم “انتصرت بالفعل في الحرب. الآن العالم فقط يمكن أن يخسر هذه الحرب، يمكن أن يخسر أوكرانيا”.

“إذا استخدمت روسيا الأسلحة النووية، كما هددت، ستكون خسارة للعالم، لأنها لم تعط (بوتين) رسالة قوية ومباشرة. ستكون خسارة لتلك البلدان التي أرادت أن تكون وسيطة”.

وقال زيلينسكي، ردا على سؤال حول التسوية مع موسكو، مستعيرا العبارة الأمريكية الشهيرة: “أنا لا أتفاوض مع الإرهابيين”.

“إذا لم نبقى، ستشهدون حربا أخرى. العالم سيشهد حرب عالمية ثالثة إذا لم نتحلى بالقوة”، حذر.