اخبار المغرب

“حادثة زاكورة” تعيد إلى الواجهة إشكالية انتشار الكلاب الضالة في الشوارع

موضوع قديم جديد ذلك الذي أعادته حادثة جماعة تازارين بإقليم زاكورة إلى التداول العمومي، ويتعلق الأمر تحديدا بإشكالية الكلاب الضالة، صلة بخبر العثور، أمس الجمعة، على جثة رجل في عقده الثامن نهشتها الكلاب بدوار أيت سيدي عمرو المتواجد ضمن نفوذ الإقليم المذكور.

وفي تفاصيل الواقعة كما حصلت عليها هسبريس فإن النيابة العامة باستئنافية ورزازات أمرت بنقل جثة الهالك إلى المستشفى بزاكورة لإخضاعها للتشريح على مستوى قسم الطب الشرعي، للتحقق مما إذا كان توفي قبل أن تنهشه الكلاب، أو أن عملية النهش كانت السبب في مفارقته الحياة.

وليست حادثة زاكورة الأولى من نوعها، ذلك أن هذا النوع من الحالات يتم تسجيله بطرق دورية بعدد من المناطق، سواء أكانت حضرية أم قروية، في وقت ينبه عدد من الفاعلين المدنيين السلطات الجماعية إلى ضرورة القيام بحملات دورية قصد الحد من خطورة هذا الإشكال الذي يضع سلامة المواطنين على المحك.

وأكد فاعلون ممن تحدثوا إلى هسبريس أن “الجماعات المحلية تتحمل مسؤولية كبرى في وقوع هذه الحوادث، وذلك بالعودة إلى مقتضيات الاتفاقية الإطار التي تم توقيعها سنة 2019 بين أربعة شركاء مؤسساتيين، تعد الجماعات واحدة منهم”.

في الحاجة إلى ثقافة التقاضي

عبد الواحد الزيات، فاعل مدني، قال إن “الجماعات المحلية تتحمل المسؤولية الكبيرة في هذا الإطار، على اعتبار أن هذه الحوادث تتكرر كل مرة باختلاف طبيعتها وزمن حدوثها”، منتقدا “موسمية تحرك الجماعات، في حين أن الأمر يتطلب تحركا دائما ومستمرا، يمكن من ضمان سلامة المواطنين في ما يخص هذا النوع من الحوادث”.

وأكد الزيات في حديثه إلى جريدة هسبريس الإلكترونية أن “هذا المشكل يسيء إلى التدبير الترابي للمدن والحواضر، على اعتبار أن المدن الكبرى أيضا، كالرباط والدار البيضاء، تعاني منه كذلك؛ كما أنه يشكل ظاهرة تعيق عملية ولوج المواطنين إلى الفضاءات العمومية، بما فيها الساحات والحدائق والشوارع، وبالتالي فالأمر يتعلق بسلامة المواطن في شموليتها”.

ومن هذا المنطلق أشار الفاعل المدني ذاته إلى أن “المواطنين وجب عليهم التحلي بثقافة التقاضي والدفاع عن حقوقهم في ظل استمرار المشكل لسنوات عديدة”، مردفا: “لذلك، لكل متضرر الحق في رفع دعوى قضائية ضد المجالس الجماعية التي تعد المسؤول الأول في هذا الملف، بالنظر إلى توفرها على آليات يمكن أن تستند إليها”.

ضرورة تطبيق اتفاقية 2019

أحمد التازي، رئيس جمعية “أدان” لحماية الكلاب، قال إن “تكررا مثل هذه الحوادث يبين بالملموس مدى عدم التطبيق السليم والشامل للمقتضيات التي جاءت بها الاتفاقية الإطار لسنة 2019، ذلك أن الجماعات المحلية تتحمل القسط الأكبر من المسؤولية، على اعتبار أن الاتفاقية ركزت بدرجة كبيرة على مسؤوليتها في هذا الجانب”.

وأضاف التازي، في حديثه إلى جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الحلول التي يجب اتخاذها في هذا الإطار واضحة، بدءا بتلقيح الكلاب، ثم العمل على إخصائها حتى لا تتكاثر بشكل كبير، خصوصا في الأوساط الحضرية، فضلا عن العمل على إعادتها بعد تلقيحها إلى مكانها الطبيعي والمألوف، تجنبا لمرورها إلى مرحلة تصير فيها عدوانية”.

وأشار المتحدث ذاته إلى “الإقصاء الذي تعرضت له جمعيات المجتمع المدني النشيطة في مجال حماية الحيوانات ضمن صياغة الاتفاقية، إذ تم الاكتفاء فقط بالمؤسسات الرسمية”، مضيفا: “نحن كجمعيات مستعدون لتقاسم خبرتنا مع الجماعات المحلية وكل المعنيين بحل هذا الملف، بشكل لا يكون على حساب الحيوانات بطبيعة الحال”.

مجالس جماعية مسؤولة

سليمة قضاوي، فاعلة في مجال حماية الكلاب ومؤسسة محمية خاصة بمدينة طنجة، قالت إن “الكلام عن حادثة زاكورة هو كلام عن كلاب ‘بلدية’ وغير أليفة عادة ما تستوطن المناطق غير المأهولة، ولا تعرف كيفية التعامل مع البشر”، مؤكدة أن “المجتمع بحاجة إلى تعلم ثقافة التعامل مع هذه الكائنات”.

وأوضحت قضاوي، في حديثها إلى جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الحلول المتعارف عليها في هذا المجال تتمثل في العمل على تلقيح الكلاب، خصوصا التي تحمل أعراض داء السعار، في انتظار العمل على إخصائها بشكل يقلل من نسبة تكاثرها، بخلاف ما تلجأ إليه السلطات عبر تسميمها وقتلها”، محملة المسؤولية في هذا الإطار لـ”الجماعات المحلية”.

واعتبرت المتحدثة ذاتها أن “الجمعيات النشيطة في هذا المجال لا تتلقى دعما حكوميا يساعدها على ضمان استمرارية نشاطاتها في المستقبل، فهي في الأساس تكتفي في عملها بالإعانات التي تتلقاها من قبل المنظمات غير الحكومية المشتغلة في مجال الرفق والعناية بالحيوانات”.