اخر الاخبار

تباطؤ سوق العمل الأميركي يمهد الطريق لـ«هبوط اقتصادي سلس»

أضاف اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية 187 ألف وظيفة في أغسطس (آب)، وهو دليل على تباطؤ سوق العمل، لكنه لا يزال مرناً، على الرغم من أسعار الفائدة المرتفعة التي فرضها مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

وفتحت المؤشرات الرئيسية في «وول ستريت» على ارتفاع يوم الجمعة، عقب نشر التقرير، الذي يعزز التوقعات بأن يتوقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) عن رفع أسعار الفائدة.

وزاد المؤشر «داو جونز الصناعي» 154.33 نقطة، أو 0.44 بالمائة إلى 34876.24 نقطة.

وارتفع المؤشر «ستاندرد أند بورز» 500 بواقع 22.94 نقطة، أو 0.51 بالمائة إلى 4530.60 نقطة، في حين صعد المؤشر «ناسداك المجمع» 95.00 نقطة أو 0.68 بالمائة إلى 14129.96 نقطة عند الفتح.

وشهد نمو الوظائف في الشهر الماضي زيادة عن المكاسب المنقحة لشهر يوليو (تموز)، البالغة 157 ألف وظيفة، لكنه لا يزال يشير إلى وتيرة معتدلة للتوظيف، مقارنة بالمكاسب الكبيرة التي تحققت في العام الماضي، وفي وقت سابق من هذا العام.

وفي الفترة من يونيو (حزيران) إلى أغسطس، أضاف الاقتصاد 449 ألف وظيفة، وهو أدنى إجمالي فصلي خلال 3 سنوات. بالإضافة إلى ذلك، قامت الحكومة بتعديل حسابات يونيو ويوليو بالخفض بمقدار 110 آلاف وظيفة.

وأظهر تقرير يوم الجمعة، الصادر عن وزارة العمل أيضاً، أن معدل البطالة ارتفع من 3.5 بالمائة إلى 3.8 بالمائة، وهو أعلى مستوى منذ فبراير (شباط) 2022، رغم أنه لا يزال منخفضاً بالمعايير التاريخية.

وارتفعت نسبة الأميركيين الذين لديهم وظيفة، أو يبحثون عنها، في أغسطس إلى 62.8 بالمائة، وهو أعلى مستوى منذ فبراير 2020، قبل أن يضرب فيروس «كورونا» الاقتصاد الأميركي.

ويمكن أن يساعد تباطؤ سوق العمل في تحويل الاقتصاد إلى وتيرة أبطأ، وطمأنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بأن التضخم سيستمر في التراجع. وقد ساعدت سلسلة رفع أسعار الفائدة التي قام بها البنك المركزي 11 مرة على إبطاء التضخم من ذروة بلغت 9.1 بالمائة العام الماضي إلى 3.2 بالمائة الآن.

ونظراً للدلائل على تباطؤ التضخم، يعتقد كثير من الاقتصاديين أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يقرر عدم ضرورة رفع أسعار الفائدة مرة أخرى.

وأظهر تقرير الوظائف يوم الجمعة أيضاً أن مكاسب الأجور تتراجع، وهو اتجاه قد يساعد في إرسال إشارة إلى بنك الاحتياطي الفيدرالي بأن ضغوط التضخم تهدأ. وارتفع متوسط الأجر في الساعة بنسبة 0.2 بالمائة في الفترة من يوليو إلى أغسطس، وهي أصغر زيادة من نوعها خلال عام ونصف عام. وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأجور في الشهر الماضي بنسبة 4.3 بالمائة، مقارنة بأغسطس 2022، أي أقل بقليل من الزيادة البالغة 4.4 بالمائة في كل من يونيو ويوليو.

ويفضل بنك الاحتياطي الفيدرالي تباطؤ التوظيف، لأن الطلب المكثف على العمالة يميل إلى تضخيم الأجور وتغذية التضخم. ويأمل البنك المركزي في تحقيق «هبوط ناعم» نادر، حيث تنجح زيادات أسعار الفائدة في إبطاء التوظيف والاقتراض والإنفاق بما يكفي للحد من التضخم المرتفع دون التسبب في ركود عميق.

وقال جوس فوشر، كبير الاقتصاديين في مجموعة «بي إن سي» للخدمات المالية: «هذا قريب مما يريد بنك الاحتياطي الفيدرالي رؤيته. تقرير الوظائف لشهر أغسطس قد يكون الطريق لهبوط سلس».

ومع ذلك، حذّر فوشر من أن الاقتصاد ربما لم يستوعب بعد التأثير الكامل لرفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، ولهذا السبب لا يزال يتوقع حدوث ركود في أوائل عام 2024.

وأشار الاقتصاديون إلى أنه من بين قطاعات الاقتصاد، جاءت أكبر زيادة في التوظيف الشهر الماضي (97 ألفاً) في قطاع الرعاية الصحية، الذي لا يعتمد على صعود وهبوط الاقتصاد. وأضافت شركات البناء 22 ألفاً، والمصانع 16 ألفاً، والحانات والمطاعم ما يقرب من 15 ألف وظيفة.

وعلى النقيض من ذلك، ألغت شركات النقل بالشاحنات 37 ألف وظيفة، وخسرت شركات الموسيقى والأفلام 17 ألف وظيفة، وهو انخفاض أرجعته وزارة العمل إلى إضراب ممثلي وكتاب هوليوود.

بشكل عام، رأى بعض الاقتصاديين أن تقرير يوم الجمعة يعكس اقتصاداً قد يعود إلى حالة ما قبل «فيروس كورونا»، قبل حدوث الركود الوبائي في عام 2020، الذي أعقبه انتعاش اقتصادي هائل.

وكتب أندرو هانتر من «كابيتال إيكونوميكس» في مذكرة بحثية: «إن الزيادة البالغة 187 ألف وظيفة في الوظائف غير الزراعية، والقفز في معدل البطالة، والتباطؤ في نمو الأجور في أغسطس، كلها عوامل تضيف إلى الأدلة على أن ظروف سوق العمل تقترب من معايير ما قبل الوباء».

ويتزايد التفاؤل بشأن الهبوط الناعم. وعلى الرغم من أن الاقتصاد ينمو بشكل أبطأ مما كان عليه في فترة الازدهار التي أعقبت الركود الوبائي في عام 2020، فقد تحدى ضغط تكاليف الاقتراض المرتفعة بشكل متزايد. وارتفع الناتج المحلي الإجمالي، حيث إجمالي إنتاج الاقتصاد من السلع والخدمات، بمعدل سنوي معتدل، بلغ 2.1 بالمائة في الفترة من أبريل (نيسان) إلى يونيو.