اخبار فلسطين

لبنان واسرائيل يوقعان الخميس اتفاق ترسيم الحدود البحرية

يوقع ممثلون عن لبنان وإسرائيل الخميس اتفاق ترسيم الحدود البحرية بعد أشهر من مفاوضات مضنية بوساطة أميركية، ما أتاح لإسرائيل البدء بإنتاج الغاز من منطقة كان متنازعًا عليها، فيما يأمل لبنان الغارق في انهيار اقتصادي، بدء التنقيب قريباً.

واعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلي يائير لبيد خلال اجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلي صادقت خلاله الحكومة على الاتفاق، أن لبنان “اعترف” بدولة إسرائيل من خلال موافقته على الاتفاق.

وقال “هذا إنجاز سياسي، فليس كل يوم تعترف دولة معادية بدولة إسرائيل في اتفاق مكتوب أمام المجتمع الدولي بأسره”.

ويأتي هذا الاتفاق في وقت تبحث الدول الغربية، والأوروبية تحديداً، عن مصدر جديد للغاز لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي إثر الحرب في أوكرانيا.

وعشية توقيع الاتفاق الذي وصفه الرئيس الأميركي جو بايدن بـ”التاريخي”، أعلنت شركة إنرجيان بدء إنتاج الغاز من حقل كاريش البحري الإسرائيلي.

وتسارعت منذ أشهر التطوّرات المرتبطة بالملف. وبعد لقاءات واتصالات مكوكية، قدّم الوسيط الأميركي آموس هوكستين الذي تقود بلاده وساطة منذ عامين، بداية الشهر الحالي عرضه الأخير، وأعلن الطرفان موافقتهما عليه.

والتقى هوكستين الخميس الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري على أن يتوجه عصراً إلى مقر قوات الأمم المتحدة في بلدة الناقورة في جنوب لبنان حيث سيتم توقيع الاتفاق، وينتقل بعدها إلى إسرائيل.

وإثر لقائه عون، أعرب هوكستين عن سعادته بالوصول إلى “هذا اليوم التاريخي في المنطقة.. وإلى اتفاق يخلق الأمل والفرص الاقتصادية والاستقرار لجانبي الحدود”.

الرئيس اللبناني ميشال عون يلقي كلمة حول اتفاقية الحدود البحرية مع إسرائيل في القصر الرئاسي في بعبدا، شرق بيروت، لبنان، 13 أكتوبر، 2022. (Dalati Nohra via AP)

وأضاف “المهم الآن بعد وصولنا إلى هذا الإنجاز، ما سيحصل بعده، وأتمنى أن يكون ذلك بمثابة نقطة تحوّل اقتصادية للبنان، لمرحلة جديدة من الاستثمار والدعم للنهوض بالاقتصاد”.

 اتفاق على شكل رسالتين 

ومن المفترض أن يسلّم كل من وفدي البلدين اللذين لا يزالان في حالة حرب، في الناقورة في غرفتين منفصلتين، رسالة تتضمن موافقة بلديهما على الاتفاق، إلى الوسيط الأميركي.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن الاتفاق “سيأخذ شكل تبادل رسالتين، واحدة بين لبنان والولايات المتحدة وأخرى بين إسرائيل والولايات المتحدة”.

وستحضر المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونِتسك التوقيع، وسيتم تسليمها الإحداثيات الجغرافية المتعلقة بترسيم الخط البحري التي اتفق عليها الطرفان. وستحل تلك الإحداثيات مكان تلك التي أرسلتها الدولتان إلى الأمم المتحدة في العام 2011.

وأوضح نائب رئيس البرلمان الياس بو صعب المكلّف ملف الحدود البحرية، إثر حضوره لقاء هوكستين وعون، أن الأخير وقّع على “رسالة تقول إن لبنان استلم الرسالة الأميركية ووافق على مضمونها”، مشيراً إلى أن الوفد اللبناني سيسلم الرسالة إلى الوسيط الأميركي لاحقاً في الناقورة.

رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي (إلى اليمين) يهدي عاموس هوكستين (إلى اليسار)، المبعوث الأمريكي الذي توسط المفاوضات بشأن الحدود البحرية اللبنانيةالإسرائيلية، هدية تصور صورة ثلاثية الأبعاد لقصر الحكومة اللبنانية خلال اجتماعهما في القصر بالعاصمة اللبنانية بيروت، في 27 أكتوبر، 2022. (JOSEPH EID / AFP)

ولفت إلى أنه “ستكون هناك رسالة أخرى موقعة من وزارة الخارجية في لبنان، ستوجّه إلى الأمم المتحدة” وتتضمن نسختين عن الرسائل المتبادلة بين لبنان والولايات المتحدة.

وأوضح متحدث باسم الرئاسة اللبنانية أن مهمة الوفد اللبناني ستقتصر على “تسليم الرسالة فقط بحضور هوكستين وممثل الأمم المتحدة، ولن يلتقي الوفد الاسرائيلي إطلاقاً”.

 “تدفق الغاز”

في إسرائيل، يأتي توقيع الاتفاق قبل أيام من انتخابات تشريعية هي الخامسة في ثلاث سنوات. وقد انتقد رئيس الحكومة السابق بنيامين نتانياهو الذي يقود المعارضة حاليا، الاتفاق.

وشدّد هوكستين على أن الاتفاق “يصب في مصلحة الطرفين (…) إذا انتهك أي طرف الاتفاق، فإن الطرفين يخسران”.

واعتبر الوسيط الأميركي الأسبق فريدريك هوف إن الهدف من الاتفاق “استبعاد احتمال نشوب حرب بحرية” بين الطرفين. وكان لبيد اعتبر سابقاً أن التفاهم يبعد إمكانية اندلاع حرب مع حزب الله، العدو اللدود لإسرائيل الذي كان هدد بتصعيد عسكري في حال أقدمت إسرائيل على أي نشاط في حقل كاريش قبل الاتفاق على ترسيم الحدود.

زورق دورية للبحرية اللبنانية يبحر في مياه البحر الأبيض المتوسط على الجانب اللبناني من الحدود البحرية قبالة الساحل الجنوبي للبنان بالقرب من راس الناقورة في شمال إسرائيل، 27 أكتوبر، 2022. (JACK GUEZ / AFP)

ومن الواضح أن الاتفاق لم يكن ليتم، لولا موافقة حزب الله، القوة السياسية والعسكرية النافذة في لبنان، ولو غير المعلنة حتى الآن، على مضمونه.

وبموجب الاتفاق الجديد، يصبح حقل كاريش بالكامل في الجانب الإسرائيلي، فيما يضمن الاتفاق للبنان حقل قانا الذي يتجاوز خط الترسيم الفاصل بين الطرفين.

وستشكل الرقعة رقم 9 حيث يقع حقل قانا منطقة رئيسية للتنقيب ستقوم به شركتا توتال الفرنسية وإيني الإيطالية اللتان حصلتا عام 2018 مع شركة روسية على عقود للتنقيب عن النفط والغاز، قبل أن تنسحب الأخيرة خلال العام الحالي.

ومع البدء بإنتاج الغاز من حقل كاريش، أشارت شركة إنرجيان الأربعاء إلى أن “تدفق الغاز يتزايد باطراد”. وقالت إنها تأمل أن تتمكن في المدى القريب من إنتاج 6,5 مليارات متر مكعب سنوياً، على أن ترتفع الكمية لاحقاً.

نظام الإنتاج العائم (FPSO) لشركة Energean في حقل غاز كاريش في البحر الأبيض المتوسط. (Energean)

أما في لبنان، فقد أعلنت السلطات أنه تم الاتفاق مع شركة توتال على البدء بمراحل التنقيب فور الاتفاق النهائي.

وبما أن جزءا من حقل قانا يقع خارج المياه الإقليمية اللبنانية، ستحصل إسرائيل على تعويض من مشغلي البلوك 9.

ويرى خبراء أن لبنان لا يزال بعيداً عن استخراج الموارد، وقد يحتاج الأمر إلى ست سنوات.

وتعوّل السلطات اللبنانية على وجود ثروات طبيعية من شأنها أن تساعد على تخطي التداعيات الكارثية للانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد منذ ثلاث سنوات، وصنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850. وقد بات أكثر من 80 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر، وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة أمام الدولار.