اخر الاخبار

هل تنجح مطاردة «حيتان» الدولار والذهب في الحد من الأزمة الاقتصادية؟

عقب إعلان السلطات المصرية عن سقوط بعض من وصفتهم وسائل إعلام محلية بـ«حيتان» الذهب والدولار، وذلك بعد مطاردات ورصد لتحركاتهم من قبل أجهزة الأمن في مصر خلال الفترة الماضية، أثيرت تساؤلات بين المصريين بشأن هل مطاردة «حيتان» الدولار والذهب ستحد من الأزمة الاقتصادية في البلاد؟ في حين يرى بعض الخبراء والبرلمانيين أن «مطاردة (حيتان) الذهب والدولار هي محاولات للتصدي لأسعار الدولار القياسية في السوق الموازية (السوق السوداء)، وسعياً لوقف التصاعد في أسعار الذهب».

وتمكنت قوات الأمن المصرية، الاثنين، من القبض على من أطلقت عليه وسائل إعلام محلية «إمبراطور الذهب»، بعد أن كشفت التحقيقات الأولية أنه «من أقدم تجار الذهب، ولديه العديد من المحال في منطقة الجمالية بوسط القاهرة، التي تشتهر بوجود محال الصاغة». وأوضحت أن «المتهم يمتلك العديد من محلات الذهب التجارية على مستوى المحافظات المصرية، ومن الأشخاص المؤثرين في سوق الذهب بمصر».

ووفق التحقيقات فإنه وجد بحوزة «إمبراطور الذهب» كمية كبيرة من الذهب بلغت حوالي 160 كيلوغراماً من الذهب غير المدموغ بفواتير خاصة لضريبة الذهب، ومبالغ مالية بالعملات الأجنبية ومن بينها الدولار.

و«إمبراطور الذهب» لم يكن الأول الذي طاردته أجهزة الأمن المصرية، فخلال الأسابيع الماضية، وجهت أجهزة الأمن ضربات متتالية لتجار الدولار خارج السوق الرسمية بجميع المحافظات المصرية، في إطار ملاحقة السلطات المصرية لجرائم «الاتجار غير المشروع» في النقد الأجنبي.

وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، الثلاثاء، ضبط 3 أشخاص في القاهرة بحوزتهم عملات أجنبية لمتاجرتهم بالنقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفية.

وتنص المادة 233 من قانون «البنك المركزي المصري» على أنه «يُعاقَب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه، أو المبلغ المالي محل الجريمة أيهما أكبر، كل من تعامل في النقد الأجنبي خارج البنوك المعتمدة أو الجهات التي رُخص لها في ذلك».

ويرى عضو لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، النائب أحمد سمير زكريا، أن تجارة الدولار والذهب (غير المشروعة) هي جريمة يعاقب عليها القانون، وبالتالي فإن مطاردة الأجهزة الأمنية لمن يتاجرون فيهما تأتي كـ«آلية وإجراء طبيعي لمنع ما يضر بالاقتصاد الوطني بشكل غير قانوني، وأيضاً لكونها جريمة تؤثر على المواطن المصري»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «في رأيي أن هذه الملاحقة الأمنية لهؤلاء (الحيتان) تُعد رسالة للآخرين بعدم المتاجرة بشكل غير مشروع في الدولار والذهب»، لافتاً إلى أن «السياسة النقدية على سبيل المثال المسؤول عنها البنك المركزي المصري، وبالتالي يمثل الاتجار بالعملة خارج هذه المنظومة مشكلة وجريمة تتطلب اتخاذ إجراءات مختلفة للحد منها».

عملات مصرية من فئات مختلفة أمام عملات دولية (أ.ف.ب)

ويعد «شُح» الدولار أحد أبرز التحديات الاقتصادية في مصر الآن، وشهدت البلاد تراجعاً مستمراً في سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار على مدار العام الماضي (الدولار يساوي 30.90 جنيه)، فيما تتراوح أسعار صرف الدولار بالسوق الموازية (السوق السوداء) أعلى من الرقم الرسمي في البنوك المصرية بكثير.

وبحسب مراقبين شهد سعر الذهب في السوق المحلية عدة ارتفاعات خلال العام الماضي وبداية العام الجاري، متأثراً بالتوترات السياسية في المنطقة، وارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية، ويمثل الذهب أهمية اقتصادية كبرى، حيث ينظر إليه على أنه «خيار آمن للاستثمار».

ويرى الخبير الاقتصادي والمالي المصري، ياسر سالم، أن مطاردة مصر لـ«حيتان» الدولار والذهب، «هي محاولات لكبح جماح أسعار الدولار في (السوق الموازية)، وسعياً لهبوط الزيادات المتكررة والمتتالية في أسعار الذهب»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك التوجه يأتي بمثابة إجراء فعال للحد من الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر.

عودة إلى البرلماني المصري، الذي يشدد على الأهمية الكبيرة لإيجاد حلول لكيفية توافر العملة الدولارية في البنوك، والعمل على توفير المصادر الدولارية، لكون ذلك «يمثل حلاً سحرياً ونهائياً لتجنب السوق الموازية (السوداء)، وإغلاق هذا الباب الخلفي تماماً»، ثم يأتي بعد ذلك الحديث عن الرقابة أو وجود التشريعات… فتوفير الدولار في السوق الطبيعية للتعامل في العملة، يقلل من «جريمة الاتجار ويخفف الضغوط على الاقتصاد المصري في السوق الموازية».

ويوضح الخبير الاقتصادي أن «العلاج الفعال للحالة الآن يتمثل في أن تسعى الدولة المصرية لتوفير الدولار في البنوك، حتى وإن استلزم الأمر تحريك في سعر الصرف»، مشيراً إلى أن «هذا العلاج، هو الأفضل في تقدير المشهد الحالي، ويمثل مع خطوة التضييق وملاحقة التجار (غير الشرعيين) ضربة قاصمة لـ(السوق السوداء) للدولار، لتكون النتيجة عودة حركة تداول الدولار عبر مسار البنوك المصرية بالشكل الرسمي، وزيادة الاستثمارات، وظهور سعر موحد للدولار، إلى جانب ضبط الأسعار في مختلف السلع والمنتجات في الأسواق المصرية والحد من التضخم»، وفق قوله.