اخبار المغرب

الهجرة السرية تعيد إلى الواجهة ملف ترسيم الحدود البحرية المغربية الإسبانية

“جدل كبير” أثير في إسبانيا بعد عملية انتشال 36 غريقا بين جزر الكناري والأقاليم الجنوبية المغربية، حيث “تعثرت” العملية بشكل نسبي بسبب “تشديد البلدين معا” على سيادتهما البحرية بمنطقة البحث عن الغرقى.

نقاش السيادة البحرية بين إسبانيا والمغرب الذي هدأ منذ وقت قصير، عاد إلى الواجهة بمباركة إعلام الجارة الشمالية بعد حاثة غرق 36 مهاجرا سريا هذا الأسبوع. فقد كشف الإعلام الإسباني أن “زورق نجاة تابعا للبحرية الإسبانية تراجع عن إنقاذ قارب للهجرة السرية لكونه كان داخل المنطقة البحرية التابعة للمملكة المغربية”.

وتلقى زورق النجاة، بحسب المصادر عينها، تعليمات بالعدول عن إنقاذ قارب الهجرة غير النظامية وترك الأمر بيد السلطات المغربية، بعد مراسلة صوتية مسربة من البحرية الملكية تفيد بأنها المسؤولة عن الإنقاذ، وبأن المنطقة البحرية تابعة لها، وهو الأمر الذي أغضب وسائل الإعلام المحلية بجزر الكناري وإسبانيا.

وتشير المصادر الإعلامية عينها إلى أن “تسريبا صوتيا لخفر السواحل الإسباني كشف أن المغرب رفض دخول أي زورق إنقاذ إسباني إلى منطقته البحرية، غير أنه سمح لطائرة هليكوبتر إسبانية بالمساعدة في البحث. الأخيرة أعلن طيارها أن الزورق يوجد بمنطقة بحرية تابعة للمملكة الإسبانية”.

في سياق ذلك، “تعثر” إنقاذ المهاجرين غير النظاميين الذين بلغ عددهم حوالي 36 شخصا بسبب “خلاف” بين بحريتي مدريد والرباط على السيادة البحرية، ما “أخر وصول زوارق الإنقاذ المغربية إلى عين المكان”، وفق الإعلام الإسباني، وهو الأمر الذي يبقى غير مؤكد إلى حدود الساعة.

الانتخابات

فهل وصلت تبعات نزاع إسبانيا والمغرب حول ترسيم الحدود البحرية قبالة الأقاليم الجنوبية للمملكة إلى التأثير على عمليات إنقاذ المهاجرين السريين؟

يجيب عبد العزيز قراقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، بأن “ما يتم ترويجه من قبل الإعلام الإسباني حول عودة الصراع بين مدريد والرباط على الحدود البحرية، مجرد هلوسة ذات أهداف انتخابية”.

وأضاف قراقي، في حديث لهسبريس، أن “المنطقة البحرية بين إسبانيا والمغرب تخضع لقانون البحار الدولي، وكلا البلدين يعرفان جيدا مسؤوليتهما في المنطقة، وحتى لو وقع أي خلاف يتم حله على مستويات عالية، وبشكل ودي”.

وتابع أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط بأن “المغرب قدم مساعدات جليلة لإسبانيا فيما يخص مجال الهجرة، على الرغم من توتر العلاقات سابقا”.

وخلص المتحدث عينه إلى أن “المفاوضات بين مدريد والرباط حول ترسيم الحدود البحرية تتم عبر لجنة مشتركة ذات عمل تقني محض، وهو ما يفسر تأخرها إلى حدود الساعة”.

قواعد بحرية

من جانبه، أشار سعيد إدى حسن، محلل سياسي باحث أكاديمي بجامعة كومبلوتنسي بمدريد، إلى أن “الحادث المؤسف الذي تعرض له قارب الهجرة السري، يطرح من جديد مشروع إقامة قواعد للبحرية الملكية المغربية على سواحل الداخلة والعيون، وقضية ترسيم الحدود بين جزر الكناري والمنطقة الجنوبية للمغرب”.

وقال إدى حسن، ضمن حديث لهسبريس، إن “المتتبع للأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام الإسبانية وتسريبات المكالمات الصوتية لخفر السواحل الإسباني، يحصل لديه الانطباع بأن جهات ما داخل إسبانيا تسعى لتحويل حاث قارب العطاوية إلى ملف ساخن في الحملة الانتخابية للاستحقاقات العامة للثالث والعشرين من شهر يوليوز القادم، المقرر انطلاقها بعد أسبوعين من الآن”.

“هذا الحادث المأساوي يظهر وجود ضعف في الإمكانيات التي يتوفر عليها خفر السواحل المغربي الذي تأخر 12 ساعة قبل الوصول إلى القارب المطاطي المنكوب”، يخلص المتحدث عينه، مبرزا أن “المغرب سيعيد إحياء مشروع إنشاء قاعدة بحرية كبيرة في منطقة الداخلة، وربما أخرى في منطقة العيون حتى تتسنى له مراقبة سواحله بشكل أنجع والحد من نشاط شبكات الهجرة السرية والاتجار بالبشر”.

وعبرت إسبانيا والمغرب، الجمعة بمراكش، عن عزمهما الأكيد والتزامهما الراسخ بمواصلة جهودهما المشتركة في مجال التدبير الإنساني للحدود وقضايا الهجرة، وفق ما أكدته إيلينا غارزون أوتاميندي، المديرة العامة المكلفة بالعلاقات الدولية وقضايا الأجانب بوزارة الداخلية الإسبانية.