اخبار مصر

حازم الطحاوي يكتب: الملكية الفكرية بتوقيت مصر



نشر في:
الثلاثاء 16 مايو 2023 – 6:53 م
| آخر تحديث:
الثلاثاء 16 مايو 2023 – 6:53 م

بالتأكيد قد خطر في بالك في يوم من الأيام وأنت تشاهد تكريم أحمد زويل، ومصطفى مشرفة، ونجيب محفوظ وغيرهم الذين لا حصر لهم من المصريين المميزين المنتشرين في كل دول العالم والتي تحضنهم مشارق الأرض ومغاربها أو تحاول استقطابهم الانظمة السياسية والاقتصادية المختلفة وترحب بهم وتفتح لهم أذرعها على مصرعيها وتقدم لهم كافة التسيهلات، لماذا كل هذا، ما الشيء الذي يقدمونه لكي يتمتعوا بكل هذه التسهيلات والمزايا؟

فالملاحظ أن هؤلاء المصريين استقطبوا من قبل تلك الأنظمة التجارية أو العلمية أو الأكاديمية أو الفنية أو الأدبية لبروز تميزهم الإبداعي.

فلولا استشعار تلك الأنظمة احتمالية تميز هؤلاء إبداعياً لما اتيحت لهم تلك الفرص، وذلك لعلم تلك الأنظمة يقيناً مدى ضرورة امتلاكها لعناصر التأثير التي تمكنها من احتلال مراكز السيطرة والقوة عالمياً من النواحي الاقتصادية.

وقد ادركت تلك الأنظمة منذ عقود أهمية توفير البيئة التحفيزية لتفجير الوهج الإبداعي لهؤلاء وغيرهم للاستفادة من إبداعاتهم من خلال تطبيقها في شكل منتجات وخدمات تستفيد منها كل المجتمعات في كل الدول، والتي بالتبعية تجني مليارات الدولارات من بيع تلك المنتجات والخدمات والتي لم يكن يتحقق لها ذلك لولا قيام تلك الدول إنتاج وانتهاج أنظمة للملكية الفكرية.

والحقيقة أنه قد أصاب الرئيس عبد الفتاح السيسي التوفيق في الرؤية عندما أدرك أهمية رعاية المبدعين المصريين وغيرهم من المقيمين على الأراضي المصرية عندما اعتمد واطلق الإستراتيجية الوطنية المصرية للملكية الفكرية.

ورغم تأخر هذه الخطوة ذات الأهمية القصوى لما لها من دواعي مباشرة على نهضة الاقتصاد المصري لانتهاج رافد جديد ومتنوع من الروافد الاقتصادية وهو اقتصاد الإبداع، إلا أنني أفضل النظر للأمور عموماً من نواحيها الإيجابية إيماناً مني بقول الرسول الكريم تفائلوا بالخير تجدوه.

وعند مطالعتي للإستراتجية الوطنية للملكية الفكرية 2022 – 2027 لفت إنتباهي بدايةً نقطتان غاية في الأهمية، الأولى هي ان منهجية إعداد الإستراتيجية استند على عدد من الأسس أهمها على الإطلاق من وجهة نظري دراسة إستراتيجيات الملكية الفكرية في الدول المجاورة كالمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومن الدول المتقدمة الولايات المتحدة الأمريكية والنمسا، ومن الدول النامية الهند والبرازيل والفلبين، مع تحفظي الشديد على مصطلح دول نامية، وخاصة أن الهند والبرازيل أصبحتا من الدول متسارعة النمو والتقدم في قطاع الصناعات الإبداعية، والنقطة الثانية هي دراسة الدراسات التي اعدتها المنظمات الدولية في هذا السياق، الأمر الذي يعطي إنطباعاً غاية في الأهمية أن القائمين على إعداد الإستراتيجية التي اعتمدتها رئاسة الدولة لا يرغبون في صناعة العجلة بداية بل يسعون الى تطوير العجلة، وهذا يحقق نجاح السير نحو تطويع وتطوير المستجدات العالمية في الواقع العملي في مجال الملكية الفكرية للاستفادة من مردودها التجاري والاقتصادي في الوقت الراهن وبالضرورة على المدى البعيد.

اقتصاد الملكية الفكرية هو نفط القرن الحادي والعشرين، وتظل الإستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية أكثر أهم المبادرات على الإطلاق التي انطلقت خلال العام 2022، ولابد من المسارعة في تطبيقها بشكل عملي وواقعي لتحقيق الاستفادة منها.

والحقيقة أن ما نرنو إليه هو المساهمة في نشر وعي ثقافة الملكية الفكرية، وكيفية استفادة كل فرد من أفراد المجتمع من امكانياته الإبداعية باعتبار أن رأس المال الحقيقي لكل فرد هو إبداعه، فكل المنتجات والخدمات الإبداعية القائم عليها اقتصاد الإبداع لا تنفد، ولا تنضب على الإطلاق لارتباطها وجوداً وعدماً بالإنسان وإبداعه المستمر الذي دام ما دام بقائه على كوكب الأرض، فالمورد البشري هو الركيزة الأساسية لاقتصاد الملكية الفكرية.

 

متخصص وباحث في شئون الملكية الفكرية